للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَبِالزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ لِلْأَلْحَانِ (وَإِنْ كَانَ) الْمُقَدَّمُ (أَقَلَّهُمْ فِقْهًا) إذْ لَيْسَ غَرَضُهُمْ إلَّا الِالْتِذَاذَ وَالِاسْتِمَاعَ لِتِلْكَ الْأَلْحَانِ وَالْأَوْضَاعِ قَالَ الْعَارِفُ ابْنُ عَطَاءِ اللَّهِ أَمْرُهُ بِالْمُبَادَرَةِ بِالْعَمَلِ فِي هَذِهِ الْأَخْبَارِ يَقْتَضِي أَنَّهَا مِنْ الْهِمَمِ إلَى مُعَامَلَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَالْحَثِّ عَلَى الْمُبَادَرَةِ إلَى طَاعَتِهِ وَمُسَابَقَةِ الْعَوَارِضِ وَالْقَوَاطِعِ قَبْلَ وُرُودِهَا.

قَالَ الْهَيْتَمِيُّ فِيهِ عُثْمَانُ بْنُ عُمَيْرٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ كَذَا فِي الْفَيْضِ

[التَّاسِعُ وَالْأَرْبَعُونَ رَدُّ عُذْرِ أَخِيهِ وَعَدَمُ قَبُولِهِ]

(التَّاسِعُ وَالْأَرْبَعُونَ رَدُّ عُذْرِ أَخِيهِ وَعَدَمُ قَبُولِهِ) فَإِنَّهُ مَكْرُوهٌ (مج عَنْ جُرْدَانَ) فِي الْفَيْضِ اُخْتُلِفَ فِي صُحْبَتِهِ (أَنَّهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ اعْتَذَرَ إلَى أَخِيهِ الْمُسْلِمِ» وَالْمُعْتَذِرُ هُوَ الْمُظْهِرُ لِمَا يَمْحُو بِهِ الذَّنْبَ أَيْ طَلَبَ قَبُولَهُ مَعْذِرَتَهُ وَاعْتَذَرَ عَنْ فِعْلِهِ أَظْهَرَ عُذْرَهُ «فَلَمْ يَقْبَلْ مِنْهُ» أَيْ الْمُعْتَذِرِ «كَانَ عَلَيْهِ مِثْلُ خَطِيئَةِ صَاحِبِ مَكْسٍ» وَهُوَ مَا يَأْخُذُهُ الْعَشَّارُ لِأَنَّ مِنْ صِفَاتِهِ تَعَالَى قَبُولَ الِاعْتِذَارِ وَالْعَفْوَ عَنْ الزَّلَّاتِ فَمَنْ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ عَنْ ذَلِكَ فَقَدْ عَرَّضَ نَفْسَهُ لِغَضَبِ اللَّهِ تَعَالَى وَمَقْتِهِ قَالَ الرَّاغِبُ وَجَمِيعُ الْمَعَاذِيرِ لَا تَنْفَكُّ عَنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ إمَّا أَنْ يَقُولَ لَمْ أَفْعَلْ أَوْ فَعَلْت لِأَجْلِ كَذَا فَيُبَيِّنُ مَا يُخْرِجُهُ عَنْ كَوْنِهِ ذَنْبًا أَوْ يَقُولُ فَعَلْت وَلَا أَعُودُ فَمَنْ أَنْكَرَ وَأَنْبَأَ عَنْ كَذِبِ مَا نُسِبَ إلَيْهِ فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُ سَاحَتُهُ وَإِنْ فَعَلَ وَجَحَدَ فَقَدْ أُبْعِدَ التَّغَابِي عَنْهُ كَرَمًا وَمَنْ أَقَرَّ فَقَدْ اسْتَوْجَبَ الْعَفْوَ بِحُسْنِ ظَنِّهِ بِك وَإِنْ قَالَ فَعَلْتُ وَلَا أَعُودُ فَهُوَ التَّوْبَةُ وَحَقُّ الْإِنْسَانِ أَنْ يَقْتَدِيَ بِاَللَّهِ فِي قَبُولِهَا.

قَالَ الْغَزَالِيُّ مَهْمَا رَأَيْتَ إنْسَانًا يُسِيءُ الظَّنَّ بِالنَّاسِ طَالِبًا لِلْعُيُوبِ فَاعْلَمْ أَنَّهُ خَبِيثٌ فِي الْبَاطِنِ وَأَنَّ مَا يَرَى فِي غَيْرِهِ هُوَ مَا فِي نَفْسِهِ وَالْمُؤْمِنُ يَطْلُبُ الْمَعَاذِيرَ وَالْمُنَافِقُ يَطْلُبُ الْعُيُوبَ وَالْمُؤْمِنُ سَلِيمُ الصَّدْرِ فِي حَقِّ الْكَافَّةِ وَفِيهِ إيذَانٌ بِعِظَمِ جُرْمِ الْمَكْسِ وَأَنَّهُ مِنْ الْجَرَائِمِ الْعِظَامِ (طط عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا -) وَعَنْ أَبَوَيْهَا «أَنَّهُ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عِفُّوا» كُفُّوا عَنْ الْفَوَاحِشِ «تَعِفَّ نِسَاؤُكُمْ» تَكُفَّ نِسَاؤُكُمْ عَنْهَا وَخَرَّجَ الدَّيْلَمِيُّ عَنْ عَلِيٍّ مَرْفُوعًا «لَا تَزْنُوا فَتَذْهَبَ لَذَّةُ نِسَائِكُمْ وَعِفُّوا تَعِفَّ نِسَاؤُكُمْ إنَّ بَنِي فُلَانٍ زَنَوْا فَزَنَتْ نِسَاؤُهُمْ» «وَبِرُّوا آبَاءَكُمْ» بِأَنْوَاعِ الْبِرِّ وَالْإِحْسَانِ «يَبَرُّكُمْ أَبْنَاؤُكُمْ» فِيهِ بِشَارَةٌ لِبَارِّ وَالِدَيْهِ بِحُصُولِ الْأَوْلَادِ الْبَارِّينَ لَهُ «وَمَنْ اعْتَذَرَ إلَى أَخِيهِ فَلَمْ يَقْبَلْ عُذْرَهُ» وَزِيدَ فِي الْجَامِعِ هُنَا قَوْلُهُ «مِنْ شَيْءٍ بَلَغَهُ عَنْهُ فَلَمْ يَقْبَلْ عُذْرَهُ» وَزَادَ فِي رِوَايَةٍ «مُحِقًّا كَانَ أَوْ مُبْطِلًا» «لَمْ يَرِدْ عَلَى الْحَوْضِ» فِيهِ إشَارَةٌ إلَى بُعْدِهِ عَنْ مَنَازِلِ الْأَبْرَارِ وَمَوَاطِنِ الْأَخْيَارِ قِيلَ هَكَذَا فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَالْحَاكِمِ فِي الْمُسْتَدْرَكِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَقَالَ صَحِيحٌ وَهُوَ حُجَّةٌ عَلَى ابْنِ الْجَوْزِيِّ حَيْثُ أَوْرَدَهُ فِي الْمَوْضُوعَاتِ وَالْمُنْذِرِيُّ حَيْثُ رَدَّهُ انْتَهَى.

أَقُولُ فِي الْجَامِعِ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ وَمَا بِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ «عِفُّوا عَنْ نِسَاءِ النَّاسِ فَلَا تُزَانُوهُمْ تَعِفُّ نِسَاؤُكُمْ عَنْ الرِّجَالِ وَبِرُّوا آبَاءَكُمْ يَبَرُّكُمْ أَبْنَاؤُكُمْ وَمَنْ أَتَاهُ أَخُوهُ مُتَنَصِّلًا مُعْتَذِرًا فَلْيَقْبَلْ ذَلِكَ مِنْهُ مُحِقًّا كَانَ أَوْ مُبْطِلًا فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ أَيْ لَمْ يَقْبَلْ لَمْ يَرِدْ عَلَى الْحَوْضِ يَوْمَ يَرِدُهُ الْمُؤْمِنُونَ فِي الْمَوْقِفِ الْأَعْظَمِ» نَعَمْ قَالَ فِي شَرْحِهِ إنَّ حَدِيثَ عَائِشَةَ قَالَ الْهَيْثَمِيُّ فِيهِ زَيْدُ بْنُ خَالِدٍ الْعَمِّيُّ وَهُوَ كَذَّابٌ وَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ كَصَحِيحٌ وَرَدَّهُ الذَّهَبِيُّ فَقَالَ بَلْ سُوَيْد ضَعِيفٌ وَالْمُنْذِرِيُّ.

قَالَ سُوَيْد وَاهٍ ثُمَّ أَقُولُ وَلَوْ سُلِّمَ فَإِنَّ ابْنَ الْجَوْزِيِّ كَيْفَ يَكُونُ مُلْزَمًا بِالْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَهُوَ فِي فَنِّ الْحَدِيثِ فَوْقَهُ قَالَ الْمُصَنِّفُ (وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا الْوَعِيدَ فِيمَنْ لَمْ يَتَيَقَّنْ بِذَنْبِ أَخِيهِ) الَّذِي جَنَاهُ وَلَمْ يَعْلَمْ كَذِبَهُ فِي عُذْرِهِ (وَاحْتَمَلَ عُذْرُهُ الصِّدْقَ)

<<  <  ج: ص:  >  >>