[مَنْ صَوَّرَ صُورَةً عُذِّبَ وَكُلِّفَ أَنْ يَنْفُخَ فِيهَا الرُّوحَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ]
(وَمَنْ صَوَّرَ صُورَةً عُذِّبَ وَكُلِّفَ أَنْ يَنْفُخَ فِيهَا الرُّوحَ) أَيْ فِي يَوْمِ الْقِيَامَةِ مِنْ قَبِيلِ قَدْ أَفْلَحَ لِأَنَّ شَأْنَ عَذَابِ الْعُصَاةِ إنَّمَا هُوَ فِي الْقِيَامَةِ وَقِيلَ لِأَنَّ الْقَيْدَ فِي الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ مُعْتَبَرٌ فِي الْمَعْطُوفِ (وَلَيْسَ بِنَافِخٍ) لَا يَقْدِرُ أَنْ يَنْفُخَ الرُّوحَ فِي الصُّورَةِ لِعَدَمِ وُسْعِهِ لِاخْتِصَاصِهِ بِهِ تَعَالَى وَفِي شَرْحِ الْمَشَارِقِ إنَّ الْوَعِيدَ بِهِ أَعْظَمُ مِنْ الْقَتْلِ لِأَنَّ وَعِيدَهُ بِالْخُلُودِ، وَالْخُلُودُ بِمَعْنَى الْمُدَّةِ الطَّوِيلَةِ وَأَمَّا هَذَا فَإِذَا لَمْ يُمْكِنْ النَّفْخُ أَبَدًا كَانَ هَذَا الْعَذَابُ أَبَدًا فَيُؤَوَّلُ إمَّا بِالِاسْتِحْلَالِ أَوْ بِالِاسْتِحْقَاقِ الْمُؤَبَّدِ.
أَقُولُ لَا يَخْفَى أَنَّهُ قَرَّرَ فِي الْكَلَامِيَّة أَنَّ الْمُدَّةَ الطَّوِيلَةَ وَاحِدٌ مِنْ تَأْوِيلَاتِ الْخُلُودِ فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْخُلُودُ بِمَعْنَى التَّأَبُّدِ وَأَيْضًا لَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ إمْكَانِ النَّفْخِ تَأَبُّدُ الْعَذَابِ بَلْ ظَاهِرُ عُذِّبَ وَكُلِّفَ الدَّلَالَةُ عَلَى الِانْقِطَاعِ لَا الِاسْتِمْرَارِ الدَّائِمِيِّ وَأَيْضًا قَوْلُهُ أَوْ بِالِاسْتِحْقَاقِ الْمُؤَبَّدِ يَقْتَضِي كَوْنَ التَّصْوِيرِ كُفْرًا إذْ اسْتِحْقَاقُ الْعَذَابِ الْغَيْرِ الْمُتَنَاهِي إنَّمَا هُوَ بِالْكُفْرِ فَافْهَمْ (وَكُلُّ هَذِهِ) الْمَذْكُورَاتِ (آفَاتُ الْأُذُنِ مِنْ حَيْثُ الِاسْتِمَاعُ.
وَأَمَّا آفَاتُهَا مِنْ حَيْثُ الْإِعْرَاضُ عَنْهُ) عَنْ الِاسْتِمَاعِ (فَكَعَدِمِ اسْتِمَاعِ الْقُرْآنِ وَالْخُطْبَةِ وَخِطَابِ الْمَتْبُوعِ) لِتَابِعِهِ (كَخِطَابِ الْأَمِيرِ وَالْقَاضِي) لِمَنْ تَحْتَ حُكْمِهِمَا (وَالْوَالِدَيْنِ) لِلْوَلَدِ مَا دَامَ الْخِطَابُ بِأَمْرٍ شَرْعِيٍّ وَإِلَّا فَلَا مَعْصِيَةَ لِلْخَالِقِ لِأَجْلِ الْمَخْلُوقِ وَنَحْنُ أُمِرْنَا بِالطَّاعَةِ لِمَنْ لَهُ الْأَمْرُ إنْ وَافَقَ الشَّرْعَ وَكَذَا فِيمَا ذُكِرَ بَعْدَ هَذَا (وَالْأُسْتَاذُ) بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ فِي الْعِلْمِ وَبِالْمُهْمَلَةِ فِي الصَّنَائِعِ كَمَا مَرَّ عَنْ ابْنِ الْكَمَالِ وَقِيلَ بِالْعَكْسِ وَقِيلَ بِعَدَمِ الْفَرْقِ (وَالْمُحْتَسِبُ) مَنْ نَصَبَهُ الْأَمِيرُ لِأَجْلِ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ (وَالْمُعْتَذِرُ) الظَّاهِرُ مَنْ يُرِيدُ الِاعْتِذَارَ عَمَّا صَدَرَ عَنْهُ مِنْ الْقُصُورِ (وَالزَّوْجُ) لِأَنَّ الزَّوْجَ سُلْطَانُ زَوْجَتِهِ (وَالسَّيِّدُ) (وَكَعَدِمِ اسْتِمَاعِ الْقَاضِي كَلَامَ الْخَصْمَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا) بِأَنْ يَسْمَعَ كَلَامَ أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ وَيُسْتَثْنَى مِنْ هَذَا الْحُكْمِ نَحْوُ اسْتِمَاعِ دَعْوَى الْأَشْيَاءِ الْحَقِيرَةِ الَّتِي لَا يَلْتَفِتُ إلَيْهَا الْعُقَلَاءُ كَسِمْسِمَةٍ (وَالْمُفْتِي كَلَامَ الْمُسْتَفْتِي) .
فِي التتارخانية وَمِنْ شَرَائِطِ الْفَتْوَى أَنْ يَكُونَ الْمُفْتِي حَافِظًا لِلتَّرْتِيبِ وَالْعَدْلُ بَيْنَ الْمُسْتَفْتِينَ لَا يَمِيلُ إلَى الْأَغْنِيَاءِ وَالْأُمَرَاءِ وَأَعْوَانِ السُّلْطَانِ بَلْ يَكْتُبُ جَوَابَ مَنْ سَبَقَ (وَ) عَدَمُ اسْتِمَاعِ (أُولِي الْأَمْرِ شَكْوَى الْمَظْلُومِ) فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَى وُلَاةِ الْأُمُورِ اسْتِمَاعُ شِكَايَةِ الْمَظْلُومِ لِيَدْفَعَ عَنْهُمْ ظُلْمَ الظَّالِمِينَ بِإِحْقَاقِ حُقُوقِهِمْ فَإِنَّمَا لَا يَرُدُّهُ، وَإِلَّا فَيَحُدُّهُمْ أَوْ يُعَزِّرُهُمْ أَوْ يَقُودُهُمْ وَهَكَذَا فَإِنَّ مَا يَزَعُ السُّلْطَانُ أَكْثَرُ مِمَّا يَزَعُ الْقُرْآنُ (وَالْمَسْئُولُ مِنْهُ كَلَامُ السَّائِلِ الْمُضْطَرِّ) الَّذِي لَيْسَ لَهُ قُوتُ يَوْمِهِ وَلَهُ عَجْزٌ عَنْ الْكَسْبِ مَثَلًا (وَالْكُبَرَاءُ وَالْأَغْنِيَاءُ كَلَامُ الضُّعَفَاءِ وَالْفُقَرَاءِ) الْأَوَّلُ لِلْأَوَّلِ وَالثَّانِي لِلثَّانِي (اسْتِكْبَارًا وَاسْتِحْقَارًا) الظَّاهِرُ عِلَّةٌ لِمَجْمُوعِهَا وَقِيلَ عَلَى اللَّفِّ وَالنَّشْرِ الْمُرَتَّبِ أَيْضًا (وَنَحْوُ ذَلِكَ مِمَّا يَجِبُ اسْتِمَاعُهُ أَوْ يُسَنُّ كَالْمَوَاعِظِ وَالنَّصَائِحِ) .
[الصِّنْفُ الرَّابِعُ فِي آفَاتِ الْعَيْنِ]
(الصِّنْفُ الرَّابِعُ فِي آفَاتِ الْعَيْنِ اعْلَمْ أَنَّ غَضَّ الْبَصَرِ)
كَفَّ الْبَصَرِ وَحِفْظَهُ مِنْ الْحُرُمَاتِ (مَأْمُورٌ بِهِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute