للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ} [النور: ٣٠] وَمَفْعُولُ قُلْ أَمْرٌ آخَرُ أَيْ قُلْ لَهُمْ غُضُّوا يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ كَمَا نُقِلَ عَنْ تَفْسِيرِ أَبِي السُّعُودِ وَمِنْ لِلتَّبْعِيضِ إذْ بَعْضٌ مِنْ النَّظَرِ كَالْمَحَارِمِ وَمَا مَسَّتْهُ الْحَاجَةُ الضَّرُورِيَّةُ جَائِزٌ وَعَنْ بَعْضِ مِنْ صِلَةٌ زَائِدَةٌ أَيْ يَغُضُّوا أَبْصَارَهُمْ كَمَا فِي النِّصَابِ لَكِنْ يَرِدُ أَنَّهُ حِينَئِذٍ مِنْ قَبِيلِ الْعَامِّ الَّذِي خُصَّ مِنْهُ الْبَعْضُ فَلَا حُجَّةَ لِلْبَوَاقِي فَتَأَمَّلْ فِي ذَيْلِ الْآيَاتِ وَآخِرُ الْآيَةِ {وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ} [النور: ٣٠] مِنْ الزِّنَا فِي عَدَمِ إدْخَالِ كَلِمَةِ مِنْ هُنَا دَلَالَةٌ عَلَى عَدَمِ رُخْصَةِ الزِّنَا بِوَجْهٍ مَا {ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ} [النور: ٣٠] وَأَطْهَرُ فِي قُلُوبِهِمْ {إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ} [النور: ٣٠] مِنْ نَظَرِ الْمُحَرَّمَاتِ فَيُجَازِيكُمْ بِالْعَذَابِ أَوْ كَفِّهِ فَيُجَازِيكُمْ بِالثَّوَابِ إلَى أَنْ يَكُونَ تَرْكُ ذَرَّةٍ مِنْ مَحَارِمِ اللَّهِ خَيْرًا مِنْ عِبَادَةِ الثَّقَلَيْنِ لَا سِيَّمَا عِنْدَ التَّشَهِّي وَالْفُرْصَةِ.

قَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى} [النازعات: ٤٠] {فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى} [النازعات: ٤١] لَعَلَّك سَمِعْت قِصَّةَ هَارُونَ الرَّشِيدِ فِيهَا {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ} [النور: ٣١] عَنْ النَّظَرِ إلَى الْحَرَامِ {وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ} [النور: ٣١] أَيْ حُلِيَّهُنَّ كَالسِّوَارِ وَالْقِلَادَةِ بَلْ الْأَثْوَابِ أَوْ مَوَاضِعِ زِينَتِهِنَّ أَيْ أَنْفُسِهِنَّ أَوْ بِطَرِيقِ ذِكْرِ الْمَحَلِّ وَإِرَادَةِ الْحَالِّ مُبَالَغَةً عَنْ التَّحَفُّظِ {إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} [النور: ٣١] مِنْ الزِّينَةِ الَّتِي لَا تُسْتَرُ غَالِبًا كَالثِّيَابِ وَالْخَاتَمِ لِمَا فِي نَحْوِهِمَا مِنْ الْحَرَجِ أَوْ الْمُرَادِ مَا عِنْدَ الضَّرُورَةِ الْمُجَوِّزَةِ لِنَظَرِ الْأَجَانِبِ {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا لِبُعُولَتِهِنَّ} [النور: ٣١] أَيْ أَزْوَاجِهِنَّ {أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ} [النور: ٣١] قِيلَ لَمْ يَذْكُرْ الْأَعْمَامَ وَالْأَخْوَالَ لِئَلَّا يَصِفَهَا الْعَمُّ وَالْخَالُ عِنْدَ ابْنِهِمَا إلَى قَوْلِهِ {لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [النور: ٣١] فَفِيهِ) أَيْ فِي قَوْله تَعَالَى الْمَذْكُورِ (تَأْدِيبٌ وَإِيجَابُ بَعْضِ غَضِّ الْبَصَرِ) لَا يَخْفَى أَنَّ التَّأْدِيبَ مَعْنًى مَجَازِيٌّ وَالْإِيجَابَ مَعْنًى حَقِيقِيٌّ فَحِينَئِذٍ يَلْزَمُ الْجَمْعُ بَيْنَ الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ وَأَيْضًا

<<  <  ج: ص:  >  >>