للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الْقِرَاءَةُ بِالْأَلْحَانِ الْمَوْضُوعَةِ الْمُحْدَثَةِ الْمُوَافِقَةِ لِعِلْمِ الْمُوسِيقَى]

(قَالَ قَاضِي الْقُضَاةِ) هُوَ الْإِمَامُ الْمَاوَرْدِيُّ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ (فِي كِتَابِ الْحَاوِي الْقِرَاءَةُ بِالْأَلْحَانِ الْمَوْضُوعَةِ) الْمُحْدَثَةِ الْمُوَافِقَةِ لِعِلْمِ الْمُوسِيقَى احْتَرَزَ بِهِ عَنْ الْأَلْحَانِ الْأَصْلِيَّةِ الَّتِي هِيَ أَلْحَانُ الْعَرَبِ (إنْ أَخْرَجَتْ لَفْظَ الْقُرْآنِ عَنْ صِيغَتِهِ) الَّتِي يَجِبُ أَدَاؤُهُ بِهَا (بِإِدْخَالِ حَرَكَاتٍ فِيهِ أَوْ إخْرَاجِ حَرَكَاتٍ مِنْهُ أَوْ قَصْرِ مَمْدُودٍ أَوْ مَدِّ مَقْصُورٍ أَوْ تَمْطِيطٍ) أَيْ تَطْوِيلٍ (يَخْفَى بِهِ اللَّفْظُ) الْقُرْآنِيُّ (وَيَلْتَبِسُ بِهِ الْمَعْنَى) الْفُرْقَانِيُّ وَعَنْ عَلِيٍّ الْقَارِي فِي شَرْحِ ابْنِ الْجَزَرِيِّ يَنْبَغِي أَنْ يُرَاعِيَ جَمِيعَ قَوَاعِدِ التَّجْوِيدِ وُجُوبًا فِيمَا يُغَيِّرُ الْمَبْنَى وَيُفْسِدُ الْمَعْنَى وَاسْتِحْبَابًا فِيمَا يَحْسُنُ بِهِ اللَّفْظُ وَيُسْتَحْسَنُ بِهِ النُّطْقُ حَالَ الْأَدَاءِ وَإِنَّمَا قُلْنَا بِالِاسْتِحْبَابِ فِي هَذَا النَّوْعِ لِأَنَّ اللَّحْنَ الْخَفِيَّ لَا يَعْرِفُهُ إلَّا مَهَرَةُ الْقُرَّاءِ مِنْ تَكْرِيرِ الرَّاءَاتِ وَتَطْنِينِ النُّونَاتِ وَتَغْلِيظِ اللَّامَّاتِ مِنْ غَيْرِ مَحِلِّهَا وَتَرْقِيقِ الرَّاءَاتِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهَا لَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَكُونَ فَرْضَ عَيْنٍ يَتَرَتَّبُ الْعِقَابُ عَلَى فَاعِلِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ حَرَجٍ عَظِيمٍ وَفِي مَوْضِعٍ آخَرَ قَالَ أَيْضًا اللَّحْنُ جَلِيٌّ وَخَفِيٌّ فَالْجَلِيُّ خَطَأٌ يَعْرِضُ لِلَّفْظِ وَيُخِلُّ بِالْمَعْنَى وَالْإِعْرَابِ كَرَفْعِ الْمَجْرُورِ وَنَصْبِهِ وَنَحْوِهِمَا سَوَاءٌ تَغَيَّرَ الْمَعْنَى بِهِ أَمْ لَا وَالْخَفِيُّ خَطَأٌ يُخِلُّ بِالْعُرْفِ كَتَرْكِ الْإِخْفَاءِ وَالْقَلْبِ وَالْإِظْهَارِ وَالْإِدْغَامِ وَالْغُنَّةِ وَكَتَرْقِيقِ الْمُفَخَّمِ وَعَكْسِهِ وَمَدِّ الْمَقْصُورِ وَقَصْرِ الْمَمْدُودِ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَلَا شَكَّ أَنَّ هَذَا النَّوْعَ مِمَّا لَيْسَ بِفَرْضِ عَيْنٍ لَيْسَ فِيهِ الْعِقَابُ وَإِنَّمَا فِيهِ خَوْفُ الْعِقَابِ (فَهُوَ حَرَامٌ يَفْسُقُ بِهِ الْقَارِئُ وَيَأْثَمُ بِهِ الْمُسْتَمِعُ لِأَنَّهُ عَدَلَ بِهِ عَنْ نَهْجِهِ الْقَوِيمِ إلَى الِاعْوِجَاجِ وَاَللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ فَإِذَا تَقَرَّرَ هَذَا) أَيْ عَدَمُ إرَادَةِ الْمَشْهُورِ مِنْ التَّغَنِّي فِي الْأَحَادِيثِ الْمَذْكُورَةِ بِوُجُوهٍ ثَلَاثَةٍ لَا يَخْفَى أَنَّك عَرَفْتَ عَدَمَ تَعَارُضِ الْأَحَادِيثِ لِكَوْنِ بَعْضِهَا صَحِيحًا وَبَعْضِهَا ضَعِيفًا وَشَرْطُ التَّعَارُضِ هُوَ التَّسَاوِي وَأَمَّا أَقْوَالُ الْفُقَهَاءِ فَقَدْ عَرَفْت أَخْتِلَافَهُمْ فِيهِ فَالنَّفْيُ عَلَى إطْلَاقِهِ لَيْسَ بِحَسَنٍ عَلَى قَوَانِينِ الْمُنَاظَرَةِ (فَالْمُرَادُ بِالتَّغَنِّي فِي حَدِيثِ الْوَعِيدِ) كَحَدِيثِ لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بِالْقُرْآنِ (أَمَّا الْجَهْرُ وَالْإِعْلَانُ وَالْإِفْصَاحُ فِيمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ) لَعَلَّهُ قَيْدٌ لِلْجَمِيعِ لَا لِلْأَخِيرِ فَقَطْ أَمَّا الْأَوَّلُ فَعِنْدَنَا يَجِبُ الْجَهْرُ كَالْإِمَامِ فِي الْجَهْرِيَّةِ وَعِنْدَ إيقَاظِ غَافِلٍ وَتَنْبِيهِ نَائِمٍ قَالَ فِي الْإِتْقَانِ عَنْ بَعْضٍ يُسْتَحَبُّ الْجَهْرُ بِبَعْضِ الْقِرَاءَةِ وَالْإِسْرَارُ بِبَعْضِهَا لِأَنَّ الْمُسِرَّ قَدْ يَمَلُّ فَيَأْنَسُ بِالْجَهْرِ وَالْجَاهِرُ قَدْ يَكِلُّ فَيَسْتَرِيحُ بِالْإِسْرَارِ (وَيُؤَيِّدُهُ وُقُوعُهُ) أَيْ يَجْهَرُ بِهِ (مَوْقِعَ التَّفْسِيرِ لِلتَّغَنِّي فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ) وَهُوَ نَحْوُ قَوْلِهِ مَا أَذِنَ اللَّهُ لِنَبِيٍّ يَتَغَنَّى بِالْقُرْآنِ يَجْهَرُ بِهِ هَذَا عِنْدَ كَوْنِ قَوْلِهِ يَجْهَرُ بِهِ تَفْسِيرًا لِقَوْلِهِ يَتَغَنَّى وَهُوَ لَيْسَ بِمَجْزُومٍ بَلْ يَجُوزُ كَوْنُهُ حَالًا فَافْهَمْ نَعَمْ الْأَحَادِيثُ يُفَسِّرُ بَعْضُهَا بَعْضًا كَالنُّصُوصِ

[الِاسْتِغْنَاءُ بِالْقُرْآنِ عَنْ الْأَشْعَارِ وَأَحَادِيثِ النَّاسِ]

(وَأَمَّا الِاسْتِغْنَاءُ بِالْقُرْآنِ عَنْ الْأَشْعَارِ وَأَحَادِيثِ النَّاسِ) فَيَكُونُ مِنْ الْغِنَى ضِدِّ الْفَقْرِ لَا مِنْ الْغِنَاءِ الْمَمْدُودِ وَالْمَعْنَى لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَسْتَغْنِ بِالْقُرْآنِ عَنْ الْأَبْيَاتِ وَالْأَشْعَارِ وَأَحَادِيثِ النَّاسِ مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>