لَهُ فِي الْحَدِيثِ وَهُوَ إنَّمَا يُحِلُّ رِوَايَةَ الْحَدِيثِ مِنْ حِينِ سُمِعَ إلَى أَنْ يُرْوَى انْتَهَى ثُمَّ فِي الْمَنْقُولِ إشَارَةٌ إلَى الْجَوَابِ عَنْ إشْكَالِ أَنَّ الْبَلَادَةَ طَبِيعَةٌ غَرِيزِيَّةٌ كَيْفَ يُمْكِنُ دَفْعُهَا وَجْهُ الْإِشَارَةِ أَنَّهُ يَدْفَعُ ثَوْرَتَهَا وَشِدَّتَهَا بِالْمُجَاهَدَةِ
[الثَّامِنُ وَالْخَمْسُونَ الشَّرَهُ]
(الثَّامِنُ وَالْخَمْسُونَ الشَّرَهُ) بِفَتْحَتَيْنِ أَيْ قُوَّةُ الْحِرْصِ وَفِي الِاصْطِلَاحِ مَلَكَةٌ بِهَا يُتَنَاوَلُ الْمُشْتَهَيَاتُ مُوَافِقًا لِلشَّرْعِ أَوْ لَا (عَلَى الطَّعَامِ وَالْجِمَاعِ) قَالَ فِي الْفَيْضِ وَيُكْرَهُ مُجَرَّدُ ذِكْرِ الْجِمَاعِ لِأَنَّهُ خِلَافُ الْمُرُوءَةِ وَلِهَذَا قَالَ الْأَحْنَفُ جَنِّبُوا مَجَالِسَكُمْ ذِكْرَ النِّسَاءِ وَالطَّعَامِ فَكَفَى بِالرَّجُلِ ذَمًّا أَنْ يَكُونَ وَصَّافَا لِفَرْجِهِ وَبَطْنِهِ وَقِيلَ الْحِرْصُ انْبِعَاثُ النَّفْسِ لِنَيْلِ مَا تَهْوَاهُ فَهُوَ جِنْسٌ تَحْتُهُ أَنْوَاعٌ ثَلَاثَةٌ النَّهَمُ وَهُوَ الْحِرْصُ عَلَى الطَّعَامِ وَالشَّبَقُ وَهُوَ الْحِرْصُ عَلَى الْجِمَاعِ وَالشَّرَهُ وَهُوَ الشِّدَّةُ عَلَى الْمَحْرُوصِ مُطْلَقًا فَالْأَوَّلَانِ مِنْ خَوَاصِّ الْحَيَوَانِ فَيَلْتَحِقُ صَاحِبُهُمَا بِالْحَيَوَانَاتِ الصُّمِّ وَالْبُكْمِ وَيَنْحَطُّ عَنْ دَرَجَةِ الْكَمَالَاتِ وَقَدْ ذُكِرَ أَنَّ الْجِمَاعَ سَفْكُ مَنِيٍّ فِي مُشْتَهًى وَجَوْهَرُ الْمَنِيِّ قُوَّةُ الْبَدَنِ وَنُورُ الْبَصَرِ وَضِيَاءُ الْعَقْلِ فَلَا يَنْبَغِي لِلْعَاقِلِ إضَاعَةُ هَذَا الْجَوْهَرِ الثَّمِينِ وَالدُّرِّ الْكَمِينِ وَالْكَنْزِ الدَّفِينِ بِمُجَرَّدِ مُقْتَضَى هَيَجَانِ الْقُوَّةِ الشَّهْوَانِيَّةِ الْحَيَوَانِيَّةِ وَقَدْ أَوْصَى بَعْضُهُمْ وَلَدَهُ بِقِلَّةِ الْجِمَاعِ فَقَالَ
أَقْلِلْ نِكَاحَك مَا اسْتَطَعْت فَإِنَّهُ ... مَاءُ الْحَيَاةِ يُصَبُّ فِي الْأَرْحَامِ
قِيلَ اتَّفَقَ أَطِبَّاءُ الْفُرْسِ وَالرُّومِ وَالْهِنْدِ أَنَّ جَمِيعَ الْأَمْرَاضِ تَتَوَلَّدُ مِنْ سِتَّةٍ كَثْرَةُ الْجِمَاعِ وَقِلَّةُ النَّوْمِ فِي اللَّيْلِ وَكَثْرَةُ النَّوْمِ فِي النَّهَارِ وَحَبْسُ الْبَوْلِ وَشُرْبُ الْمَاءِ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ وَإِدْخَالُ الطَّعَامِ عَلَى الطَّعَامِ وَفِي الْبُسْتَانِ أَرْبَعَةٌ يَهْدِمْنَ الْعُمْرَ وَرُبَّمَا يَقْتُلْنَ دُخُولُ الْحَمَّامِ مَعَ الْبِطْنَةِ وَأَكْلُ الْقَدِيدِ الْجَافِّ وَالْغَشَيَانُ عَلَى الِامْتِلَاءِ وَمُجَامَعَةُ الْعَجُوزِ لَكِنْ فِي الشِّرْعَةِ وَلَا يُدَاوِمُ عَلَى تَرْكِ الْوَطْءِ فَإِنَّ الْبِئْرَ إذَا لَمْ تُنْزَحْ ذَهَبَ مَاؤُهَا وَفِي شَرْحِهِ وَرُبَّمَا عُرِضَ لِتَارِكِهِ أَمْرَاضٌ مِثْلُ الدُّوَّارِ وَظُلْمَةِ الْعَيْنِ وَثِقْلِ الْبَدَنِ وَوَرَمِ الْخُصْيَةِ لَعَلَّ ذَلِكَ إمَّا مُخْتَلِفٌ بِاخْتِلَافِ الْأَشْخَاصِ أَوْ الْأَوَّلُ مَحْمُولٌ عَلَى الْإِفْرَاطِ
[التَّاسِعُ وَالْخَمْسُونَ الْخُمُودُ]
بِضَمِّ الْمُعْجَمَةِ نُقْصَانُ الْقُوَّةِ الشَّهْوِيَّةِ فَقَدْ عَرَفْت أَنَّ الْإِفْرَاطَ فُجُورٌ وَالتَّفْرِيطَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute