عَنْ النَّجَاسَةِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالظَّاهِرِ لَيْسَ لِذَاتِهَا بَلْ لِوَصْفِهَا وَكَوْنِ الِاحْتِرَازِ عَمَّا يَتَعَلَّقُ بِالْقَلْبِ كَالْكِبْرِ وَالرِّيَاءِ لِذَاتِهِ وَبِالضَّبْطِ كَوْنُ نَجَاسَةِ الظَّاهِرِ يُعْفَى عَنْ قَلِيلِهَا لِلْحَاجَةِ وَالضَّرُورَةِ وَكَوْنِ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ لَا يُعْفَى وَلَوْ قَدْرَ الذَّرَّةِ.
[النَّوْعُ الثَّانِي فِي ذَمِّ الْوَسْوَسَةِ وَآفَاتِهَا]
(النَّوْعُ الثَّانِي فِي ذَمِّ الْوَسْوَسَةِ وَآفَاتِهَا) (ت عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إنَّ لِلْوُضُوءِ شَيْطَانًا يُقَالُ لَهُ: الْوَلْهَانُ» بِفَتْحِ الْوَاوِ وَمَعْنَاهُ الْمُتَحَيِّرُ مِنْ شِدَّةِ الْعِشْقِ سُمِّيَ بِهِ هَذَا الشَّيْطَانُ لِإِغْوَائِهِ النَّاسَ فِي التَّحَيُّرِ فِي الطَّهَارَةِ حَتَّى لَا يَعْلَمُوا هَلْ عَمَّ الْمَاءُ الْعُضْوَ أَوْ لَا وَكَمْ غَسَلَ مَرَّةً وَنَحْوَ ذَلِكَ مِنْ الْأَوْهَامِ «فَاتَّقُوا وَسْوَاسَ الْمَاءِ» أَيْ احْذَرُوا وَسْوَاسَهُ قَالَ الْغَزَالِيُّ مِنْ وَهْنِ عِلْمِ الرَّجُلِ وَلُوعُهُ بِالْمَاءِ الطَّهُورِ وَقَالَ ابْنُ أَدْهَمَ: أَوَّلُ مَا يَبْدَأُ الْوَسْوَاسُ مِنْ قِبَلِ الطَّهُورِ وَقَالَ أَحْمَدُ مِنْ فِقْهِ الرَّجُلِ قِلَّةُ وَلُوعِهِ بِالْمَاءِ.
(تَنْبِيهٌ)
ظَاهِرُ الْخَبَرِ أَنَّ لِكُلِّ نَوْعٍ مِنْ الْمُخَالِفَاتِ وَالْوَسْوَاسِ شَيْطَانًا يَخُصُّهُ وَيَدْعُو إلَيْهِ قَالَ الْغَزَالِيُّ: وَاخْتِلَافُ الْمُسَبَّبَاتِ يَدُلُّ عَلَى اخْتِلَافِ الْأَسْبَابِ قَالَ مُجَاهِدٌ: لِإِبْلِيسَ خَمْسَةُ أَوْلَادٍ جَعَلَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عَلَى شَيْءٍ وَهُمْ شَبْرٌ وَالْأَعْوَرُ وَمَبْسُوطٌ وَدَاسِمٌ وَزَلَنْبُورٌ فَشَبْرٌ صَاحِبُ الْمَصَائِبِ الَّذِي يَأْمُرُ بِالثُّبُورِ وَشَقِّ الْجُيُوبِ وَلَطْمِ الْخُدُودِ وَدَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ وَالْأَعْوَرُ صَاحِبُ الزِّنَا يَأْمُرُ بِهِ وَيُزَيِّنُهُ لَهُمْ وَمَبْسُوطٌ صَاحِبُ الْكَذِبِ وَدَاسِمٌ يَدْخُلُ مَعَ الرَّجُلِ عَلَى أَهْلِهِ يُرِيهِ الْعَيْبَ فِيهِمْ وَيُغْضِبُهُ عَلَيْهِمْ وزلنبور صَاحِبُ السُّوقِ وَشَيْطَانُ الصَّلَاةِ يُسَمَّى خَنْزَبٌ وَالْوُضُوءُ يُسَمَّى الْوَلْهَانُ وَكَمَا أَنَّ الْمَلَائِكَةَ فِيهِمْ كَثْرَةٌ فَفِي الشَّيَاطِينِ كَثْرَةٌ (تَتِمَّةٌ)
مِنْ آفَاتِ الطَّهَارَةِ الْوَسْوَسَةُ، وَأَصْلُهَا جَهْلٌ بِالسُّنَّةِ أَوْ خَبَالٌ فِي الْعَقْلِ وَمُتَّبِعُهَا مُتَكَبِّرٌ مُذِلٌّ نَفْسَهُ يُسِيءُ الظَّنَّ بِعِبَادِ اللَّهِ مُعْتَمِدٌ عَلَى عَمَلِهِ مُعْجَبٌ بِهِ وَقُوَّتِهِ، وَعِلَاجُهَا بِالتَّلَهِّي عَنْهَا وَالْإِكْثَارِ مِنْ: سُبْحَانَ الْمَلِكِ الْخَلَّاقِ {إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ} [إبراهيم: ١٩] {وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ} [إبراهيم: ٢٠] كَذَا فِي النَّصَائِحِ وَرُوِيَ أَنَّ «رَجُلًا أَتَى رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: أَدْخُلُ فِي صَلَاتِي فَلَمْ أَدْرِ أَعَلَيَّ شَفْعٌ أَمْ عَلَيَّ وِتْرٌ مِنْ وَسْوَسَةٍ أَجِدُهَا فِي صَدْرِي فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا وَجَدْت ذَلِكَ فَاطْعَنْ أُصْبُعَكَ يَعْنِي: السَّبَّابَةَ فِي فَخِذِك الْيُسْرَى وَقُلْ بِسْمِ اللَّهِ فَإِنَّهَا سِكِّينُ الشَّيْطَانِ» ثُمَّ قَالُوا الْحَدِيثُ غَرِيبٌ لَيْسَ بِقَوِيٍّ وَضَعِيفٌ كَذَا فِي الْفَيْضِ (وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ إنَّ شَيْطَانًا يَضْحَكُ بِالنَّاسِ فِي الْوُضُوءِ يُقَالُ لَهُ الْوَلْهَانُ) وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «جَاءَ جَبْرَائِيلُ فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ إذَا تَوَضَّأْت فَانْتَضِحْ أَيْ فَرُشَّ الْمَاءَ عَلَى سَرَاوِيلِكَ دَفْعًا لِلْوَسْوَسَةِ» (قش) الْقُشَيْرِيُّ (أَنَّهُ دَخَلَ يَوْمًا مِنْ الْأَيَّامِ فَقِيرٌ فَقَالَ لِلشَّيْخِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَفِيفٍ) - رَحِمَهُ اللَّهُ -.
قِيلَ هُوَ مِنْ كِبَارِ مَشَايِخِ شِيرَازَ (إنَّ فِي وَسْوَسَةً فَقَالَ الشَّيْخُ عَهْدِي بِالصُّوفِيَّةِ أَنَّهُمْ يَسْخَرُونَ مِنْ الشَّيْطَانِ) بِرَدِّ كَيْدِهِ بِقُوَّةِ نُورِهِمْ (وَالْآنَ) فِي هَذَا الْوَقْتِ (الشَّيْطَانُ يَسْخَرُ مِنْهُمْ وَكَفَى لِلْعَاقِلِ زَجْرًا أَنْ يَكُونَ ضُحْكَةً لِلشَّيْطَانِ وَمَسْخَرَةً
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute