وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ الشَّابُّ الْعَالِمُ يَتَقَدَّمُ عَلَى الشَّيْخِ الْجَاهِلِ وَمِنْ تَعْظِيمِ الْأُسْتَاذِ تَبَعِيَّتُهُ وَإِنْ ظُنَّ كَوْنُ الصَّوَابِ فِي خِلَافِهِ لِأَنَّ سَالِكَ الطَّرِيقِ قَدْ يَظُنُّ خَطَأَ مَنْ يَهْدِيهِ ثُمَّ يَظْهَرُ أَنَّ الصَّوَابَ عِنْدَهُ أَلَا يُرَى أَنَّ مُوسَى لَمْ يَصْبِرْ وَرَاجَعَ الْخَضِرَ - عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - حَتَّى حُرِمَ مِنْ صُحْبَتِهِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ} [الكهف: ٧٨] وَمِنْ التَّعْظِيمِ التَّوَاضُعُ وَالتَّمَلُّقُ وَالْخِدْمَةُ وَالنُّصْرَةُ وَالدُّعَاءُ لِأُسْتَاذِهِ سِرًّا وَجَهْرًا.
قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «مَنْ عَلَّمَ عَبْدًا آيَةً مِنْ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى فَهُوَ مَوْلَاهُ» وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَخْذُلَهُ وَلَا يُؤْثِرَ عَلَيْهِ أَحَدًا وَمِنْ أَسْبَابِ انْقِرَاضِ الْعِلْمِ عَدَمُ مُرَاعَاةِ حَقِّ الْمُعَلِّمِ قِيلَ مَنْ تَأَذَّى مِنْهُ أُسْتَاذُهُ يُحْرَمُ بَرَكَةَ الْعِلْمِ وَلَا يَنْتَفِعُ بِهِ إلَّا قَلِيلًا وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَدِّمَ حَقَّ مُعَلِّمِهِ عَلَى حَقِّ أَبَوَيْهِ.
كَمَا رُوِيَ أَنَّ الْحَلْوَانِيَّ حِينَ خُرُوجِهِ مِنْ بُخَارَى زَارَتْهُ تَلَامِذَتُهُ إلَّا الزنجري قَالَ مَنَعَتْنِي عَنْ الزِّيَارَةِ خِدْمَةُ أُمِّي قَالَ الشَّيْخُ تُرْزَقُ الْعُمُرَ وَلَا تُرْزَقُ الدَّرْسَ وَكَانَ كَذَلِكَ قَالَ الشَّاعِرُ
آبَاءُ أَجْسَامِنَا الَّذِينَ مَضَوْا ... قَدْ أَوْقَعُونَا فِي مَوْقِعِ التَّلَفِ
مَنْ عَلَّمَ الْعِلْمَ كَانَ خَيْرَ أَبٍ ... وَهُوَ أَبُو الرُّوحِ لَا أَبُو النُّطَفِ
وَمِنْ التَّوْقِيرِ عَدَمُ تَبَعِيَّةِ زَلَّةِ الْمُعَلِّمِ وَهَفْوَتِهِ وَيُحْمَلُ مَا سُمِعَ مِنْهُ مِنْ الْهَفَوَاتِ عَلَى أَحْسَنِ الْمَحَامِلِ وَالتَّأْوِيلَاتِ وَتَفْصِيلُ الْمَقَامِ فِي كِتَابِ تَعْلِيمِ الْمُتَعَلِّمِ وَالْمِفْتَاحِ.
[الْحَادِي وَالثَّلَاثُونَ التَّكَلُّمُ عِنْدَ الْآذَانِ وَالْإِقَامَةِ بِغَيْرِ الْإِجَابَةِ]
(الْحَادِي وَالثَّلَاثُونَ التَّكَلُّمُ عِنْدَ الْآذَانِ وَالْإِقَامَةِ بِغَيْرِ الْإِجَابَةِ) الْمَذْكُورَةِ فِي الْفِقْهِيَّةِ بِأَنْ يَقُولَ مِثْلَ مَا قَالَ الْمُؤَذِّنُ إلَّا عِنْدَ الْحَيْعَلَتَيْنِ فَيَقُولُ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ لَكِنْ عَنْ الْمُحِيطِ وَتُحْفَةِ الْمُلُوكِ يَقُولُهَا عِنْدَ الْأُولَى وَيَقُولُ عِنْدَ الثَّانِيَةِ مَا شَاءَ اللَّهُ كَانَ وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ وَالْمَفْهُومُ مِنْ الدُّرَرِ هُوَ الْإِطْلَاقُ وَعِنْدَ قَوْلِهِ الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ صَدَقْت وَبِالْحَقِّ نَطَقْت وَإِجَابَةُ الْإِقَامَةِ كَالْآذَانِ لَكِنْ عِنْدَ قَدْ قَامَتْ الصَّلَاةُ يَقُولُ أَقَامَهَا اللَّهُ وَأَدَامَهَا وَعَنْ تَاجِ الشَّرِيعَةِ لَيْسَ عِنْدَهَا إجَابَةٌ بِالْقَوْلِ بَلْ بِالْفِعْلِ فَقَطْ وَفِي التَّنْوِيرِ إجَابَةُ الْإِقَامَةِ كَالْآذَانِ وَقِيلَ لَا وَلَا يَقْرَأُ السَّامِعُ الْقُرْآنَ وَلَا يُسَلِّمُ وَلَا يَرُدُّ السَّلَامَ وَلَا يَشْتَغِلُ بِشَيْءٍ سِوَى الْإِجَابَةِ إلَّا الْقِرَاءَةُ فِي الْمَسْجِدِ لِأَنَّهُ إجَابَةٌ بِالْحُضُورِ كَمَا قَيَّدَهُ بِهِ (قَالُوا) لَعَلَّ لَيْسَ هَذَا مِمَّا قِيلَ مِنْ أَنْ قَالُوا عِنْدَ كَوْنِ الْمَسْأَلَةِ خِلَافِيَّةً (يَقْطَعُ كُلَّ عَمَلٍ بِالْيَدِ) كَالْكِتَابَةِ وَسَائِرِ جَمِيعِ الصَّنَائِعِ (وَالرِّجْلِ) فَالْمَاشِي يَقِفُ وَلَوْ كَانَ مَشْيُهُ إلَى جَانِبِ الْمَسْجِدِ (وَاللِّسَانِ حَتَّى التِّلَاوَةَ) وَالْأَذْكَارَ فَضْلًا عَنْ سَائِرِ الْأَقْوَالِ (إنْ كَانَ فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ قَيْدٌ لِلْجَمِيعِ وَلَوْ كَانَ فِي الْمَسْجِدِ لَا يَتْرُكُهَا لِأَنَّهُ أَجَابَ بِالْحُضُورِ وَعَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - إذَا سُمِعَ الْآذَانُ فَمَا عُمِلَ بَعْدُ فَحَرَامٌ وَكَانَتْ تَضَعُ غَزْلَهَا وَإِبْرَاهِيمُ الصَّائِغُ يُلْقِي الْمِطْرَقَةَ (وَلَا يُسَلِّمُ) عِنْدَ السَّمَاعِ
(وَأَمَّا رَدُّهُ فَقَدْ اخْتَلَفُوا فِيهِ وَسَيَجِيءُ) بَيَانُهُ وَعَنْ الْمُجْتَبَى فِي ثَمَانِيَةِ مَوَاضِعَ إذَا سَمِعَ الْآذَانَ لَا يُجِيبُهُ الْأَوَّلِ فِي الصَّلَاةِ الثَّانِي فِي اسْتِمَاعِ خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ الثَّالِثِ فِي ثَلَاثِ خَطْبِ الْمَوْسِمِ الرَّابِعِ فِي الْجِنَازَةِ الْخَامِسِ فِي تَعْلِيمِ الْعِلْمِ وَتَعَلُّمِهِ السَّادِسِ فِي الْجِمَاعِ السَّابِعِ فِي الْمُسْتَرَاحِ الثَّامِنِ فِي قَضَاءِ الْحَاجَةِ وَالتَّغَوُّطِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَا يُثْنِي بِلِسَانِهِ وَكَذَلِكَ الْحَائِضُ وَالنُّفَسَاءُ لَا يَجُوزُ أَذَانُهُمَا وَكَذَا ثَنَاؤُهُمَا الْمُرَادُ بِالثَّنَاءِ الْإِجَابَةُ وَكَذَا لَا تَجِبُ الْإِجَابَةُ عِنْدَ الْأَكْلِ كَمَا صَرَّحُوا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute