للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَا عَتَبَ وَحَلَفَ وَاسْتَحْلَفَ وَمَضَى فِي يَمِينِهِ تَارَةً وَكَفَّرَ أُخْرَى وَمَازَحَ وَلَمْ يَقُلْ إلَّا حَقًّا وَهُوَ الْقُدْوَةُ وَالْأُسْوَةُ» (وَالتَّجَنُّبُ) مِنْ الِاجْتِنَابِ (مِنْهُ) مِمَّا ذُكِرَ مِثْلُهُ مِنْ الْأَفْعَالِ الَّتِي صَدَرَتْ عَنْهُمْ (وَالتَّأَنُّفُ) أَيْ الْعَارُ (عَنْهُ كِبْرٌ مِنْ أَخْلَاقِ الْجَبَّارِينَ وَلَكِنَّ كَثِيرًا مِنْ النَّاسِ بِجَهْلِهِمْ) أَوْ لِعَدَمِ جَرْيِهِمْ عَلَى مُوجَبِ عُلُومِهِمْ (يَعْكِسُونَ الْأَمْرَ) فَيُسَمُّونَ التَّوَاضُعَ ذُلًّا وَعَكْسَهُ تَوَاضُعًا، وَهَذَا لَيْسَ إلَّا مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا وَنَسْأَلُ اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ الْعَظِيمِ أَنْ يَرْزُقَنَا مُتَابَعَةَ نَبِيِّنَا جِنَانًا وَأَرْكَانًا فِي الِاعْتِقَادِيَّاتِ وَالْعَمَلِيَّاتِ فِي الدِّينِيَّاتِ وَالْعَادِيَّاتِ.

[الْمَبْحَثُ الثَّانِي مِنْ الْخَمْسَةِ لِلْكِبْرِ]

(الْمَبْحَثُ الثَّانِي) مِنْ الْخَمْسَةِ لِلْكِبْرِ (فِي أَقْسَامِ الْكِبْرِ) صِفَةٌ مَذْمُومَةٌ (وَالتَّكَبُّرِ) إظْهَارِ تِلْكَ الصِّفَةِ لِلْغَيْرِ وَقِيلَ التَّكَلُّفُ وَالتَّطَبُّعُ بِهِ (وَآفَاتِهِمَا فَمِنْهُ) أَيْ مِنْ هَذَا الْمَبْحَثِ لَكِنْ فِي التَّفْرِيعِ حِينَئِذٍ خَفَاءٌ وَأَمَّا الْإِرْجَاعُ إلَى الْآفَاتِ أَوْ الْأَقْسَامِ عَلَى تَسْلِيمِ صِحَّةِ التَّعْرِيفِ حِينَئِذٍ فَلَا مُطَابَقَةَ بَيْنَ الرَّاجِعِ وَالْمُرْجَعِ، وَالْأَوْجَهُ الْمَبْحَثُ بِاعْتِبَارِ اشْتِمَالِهِ عَلَى الْأَقْسَامِ وَفِي ضِمْنِهَا الْأَحْكَامُ وَالْآفَاتُ عَلَى وَجْهٍ يُسْتَفَادُ مِنْهُ الْعِلَاجُ الْإِجْمَالِيُّ لَا التَّفْصِيلِيُّ فَالْمَحْذُورُ فِي التَّفْصِيلِيِّ وَلَيْسَ بِمَقْصُودٍ مُصَرَّحٍ، وَالْمُصَرَّحُ الْإِجْمَالِيُّ وَلَيْسَ بِمَحْذُورٍ (يُعْرَفُ الْعِلَاجُ) لِلْكِبْرِ وَالتَّكَبُّرِ (الْجُمَلِيُّ) الْإِجْمَالِيُّ (قَدْ عَرَفْت) مِنْ تَعْرِيفِ التَّكَبُّرِ فِي الْمَبْحَثِ الْأَوَّلِ (أَنَّهُ لَا بُدَّ لِلْكِبْرِ وَالتَّكَبُّرِ مِنْ مُتَكَبَّرٍ عَلَيْهِ وَهُوَ) أَيْ الْمُتَكَبَّرُ عَلَيْهِ (إمَّا اللَّهُ تَعَالَى) وَإِمَّا رَسُولُ اللَّهِ وَإِمَّا سَائِرُ الْخَلْقِ (وَهُوَ) أَيْ مَا عَلَى اللَّهِ تَعَالَى (أَفْحَشُ أَنْوَاعِ الْكِبْرِ) أَشَدُّهَا فُحْشًا؛ لِأَنَّهُ تَكَبُّرُ الْمَمْلُوكِ الْحَقِيقِيِّ الْعَاجِزِ عَلَى السَّيِّدِ الْحَقِيقِيِّ الْقَادِرِ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ أَوْ لِكَوْنِ فَضَاحَتِهِ وَمَلَامَتِهِ وَاضِحَةً أَوْ لِكَوْنِ جَزَائِهِ وَعُقُوبَتِهِ أَعْظَمَ (مِثْلُ نُمْرُودَ) مُدَّعِي الْأُلُوهِيَّةَ فَأُرْسِلَ إلَيْهِ إبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ وَعَلَى نَبِيِّنَا أَفْضَلُ التَّحِيَّةِ وَالسَّلَامِ وَهَمَّ بِإِحْرَاقِهِ (حَيْثُ حَدَّثَ نَفْسَهُ) عَزَمَ وَهَمَّ فِي قَلْبِهِ (أَنْ يُقَاتِلَ رَبَّ السَّمَاءِ عَزَّ وَجَلَّ) فَاتَّخَذَ النُّسُورَ وَطَارَ بِهَا فِي جَوِّ السَّمَاءِ فَرَمَى السِّهَامَ نَحْوَ السَّمَاءِ فَعَادَتْ إلَيْهِ بِالدَّمِ فَظَنَّ أَنَّهُ قَتَلَ رَبَّ السَّمَاءِ ثُمَّ رَكِبَ بِسَبْعِمِائَةِ أَلْفِ فَارِسٍ، فَقَالَ يَا إبْرَاهِيمُ إنْ كَانَ لِرَبِّك مُلْكٌ فَلْيُرْسِلْ عَسْكَرًا وَلْيُحَارِبْ مَعِي فَأَرْسَلَ اللَّهُ تَعَالَى جُنْدَ الْبَعُوضَةِ فَأَهْلَكَتْهُ كَمَا نُقِلَ عَنْ التَّفَاسِيرِ (وَمِثْلُ فِرْعَوْنَ) مُدَّعِي الْأُلُوهِيَّةِ (حَيْثُ قَالَ أَنَا رَبُّكُمْ الْأَعْلَى) عَلَى كُلِّ مَنْ يَلِي أَمْرَكُمْ فَأَرْسَلَ اللَّهُ تَعَالَى إلَيْهِ مُوسَى فَكَذَّبَهُ فَأَغْرَقَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْبَحْرِ فَإِنْ قِيلَ كَيْفَ يَدَّعِي ذَلِكَ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَيْسَ بِخَالِقٍ لِلْعَالَمِ كَالسَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ وَالْبِحَارِ وَفَضَاحَةُ مُدَّعِيهِ ظَاهِرَةٌ لِوُضُوحِ كَذِبِهِ قُلْنَا أُجِيبُ أَنَّهُ دَهْرِيٌّ مُنْكِرٌ لِصَانِعِ الْعَالَمِ وَالْبَعْثِ فَمُرَادُهُ أَنَّهُ هُوَ الْمُحْسِنُ وَالْمُرَبِّي الْمُنْعِمُ إلَيْكُمْ لَا غَيْرُ وَقِيلَ إنَّمَا قَوْلُهُ ذَلِكَ لِحِيرَتِهِ وَدَهْشَتِهِ مِنْ انْقِلَابِ الْعَصَا حَيَّةً

<<  <  ج: ص:  >  >>