للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِلْأَصْغَرِ أَظْهَرُ مِنْ ثُبُوتِ الْأَكْبَرِ لِلْأَصْغَرِ فِي الشَّكْلِ الْأَوَّلِ مَثَلًا كَالتَّعْرِيفِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمُعَرَّفِ (إذْ عِلَّتُهَا) أَيْ عِلَّةُ حُرْمَةِ الرِّبَا (فِي الْحَقِيقَةِ) ؛ لِأَنَّهَا فِي الظَّاهِرِ الْقَدْرُ وَالْجِنْسُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ (صِيَانَةُ أَمْوَالِ النَّاسِ عَنْ الضَّيَاعِ فِي الْمُبَايَعَاتِ لَكِنَّ الضَّيَاعَ إنَّمَا يَتَحَقَّقُ عِنْدَ اتِّحَادِ الْعِوَضَيْنِ) الثَّمَنِ وَالْمَبِيعِ (صُورَةً وَمَعْنًى مَعَ زِيَادَةِ أَحَدِهِمَا) يَشْكُلُ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْعِلَّةُ تِلْكَ الصِّيَانَةَ يَتَحَقَّقُ مُطْلَقًا فَلَوْ قُيِّدَ بِذَلِكَ الشَّرْطِ لَفُهِمَ أَنَّهُ غَيْرُ ذَلِكَ أَوْ تَعَبُّدِيٌّ.

وَ (الْأَوَّلُ) أَيْ اتِّحَادُ الصُّورَةِ (بِاتِّحَادِ الْجِنْسِ وَالثَّانِي) أَيْ الِاتِّحَادُ مَعْنًى (بِاتِّحَادِ الْقَدْرِ أَعْنِي الْكَيْلَ وَالْوَزْنَ) فَلَوْ لَمْ يَكُنْ بِشَيْءٍ مِنْهُمَا لَا يَتَحَقَّقُ الرِّبَا كَحَفْنَةٍ بِحَفْنَتَيْنِ (فَقِيلَ الْعِلَّةُ الْجِنْسُ وَالْقَدْرُ تَيْسِيرًا) لِلنَّاسِ فِي الْفَهْمِ.

(فَغَوَائِلُ الْإِسْرَافِ) عَشَرٌ (مُشَارَكَةُ الشَّيْطَانِ، وَفِرْعَوْنُ، وَقَوْمُ لُوطٍ، وَعَدَمُ مَحَبَّةِ اللَّهِ تَعَالَى لَهُ) كَمَا فِي الْآيَاتِ السَّابِقَةِ (وَغَضَبُهُ عَلَيْهِ) قَبْلَ ذَلِكَ مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْله تَعَالَى {فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا} [البقرة: ٢٧٩] أَيْ إنْ لَمْ تَتْرُكُوا الزِّيَادَةَ، وَلَمْ تُقِرُّوا بِتَحْرِيمِ الرِّبَا {فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} [البقرة: ٢٧٩] إذْ الْحَرْبُ لَا يَنْفَكُّ عَنْ الْبُغْضِ أَقُولُ فَحِينَئِذٍ لَا يَسْتَقِيمُ قَوْلُهُ فَغَوَائِلُ وَالْأَوْجَهُ أَنْ يُجْعَلَ كَعَطْفِ تَفْسِيرٍ لِقَوْلِهِ، وَعَدَمُ مَحَبَّةِ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ لَازِمًا مِنْهُ لَكِنْ يَشْكُلُ بِمَا يُذْكَرُ بَعْدَهُ (وَتَسْمِيَتُهُ إيَّاهُ سَفِيهًا) قِيلَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ} [النساء: ٥] (وَاسْتِحْقَاقُ الْعَذَابِ) ؛ لِأَنَّ الْمُحَرَّمَ يُوجِبُ ذَلِكَ (فِي الْآخِرَةِ، وَ) اسْتِحْقَاقُ (الذِّلَّةِ) فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ (وَالِاحْتِيَاجُ) إلَى غَيْرِهِ بَعْدَ ذَهَابِ مَالِهِ (وَالنَّدَامَةُ فِي الدُّنْيَا) لِمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِنْ الْخَسَارَةِ.

[الْمَبْحَثُ الثَّانِي الْعِلَّةُ الْخَفِيَّةُ وَالسَّبَبُ الْأَصْلِيُّ فِي ذَمِّ الْإِسْرَاف]

(الْمَبْحَثُ الثَّانِي) . (فِي السِّرِّ) الْعِلَّةُ الْخَفِيَّةُ (وَالسَّبَبُ الْأَصْلِيُّ فِي مَذْمُومِيَّتِهِ هُوَ أَنَّ الْمَالَ نِعْمَةُ اللَّهِ تَعَالَى وَمَزْرَعَةُ الْآخِرَةِ) بِالصَّرْفِ إلَى وُجُوهِ الْبِرِّ وَالْمَحَاوِيجِ كَمَا فِي حَدِيثِ «نِعْمَ الْمَالُ الصَّالِحُ لِلرَّجُلِ الصَّالِحِ» ، وَأَنَّ الْعِبَادَةَ الْمَالِيَّةَ نَوْعٌ مُسْتَقِلٌّ مِنْ جِنْسِ الْعِبَادَةِ (إذْ بِهِ يَنْتَظِمُ الْمَعَاشُ وَالْمَعَادُ وَبِهِ صَلَاحُ الدَّارَيْنِ وَسَعَادَةُ الْحَيَاتَيْنِ) فِي الدُّنْيَا بِإِغْنَائِهِ الْخَلْقَ وَالْآخِرَةِ بِقُرْبِهِ مِنْ الْحَقِّ إذْ السُّؤَالُ إذْلَالُ النَّفْسِ لِغَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى، وَلَيْسَ لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يُذِلَّ نَفْسَهُ وَذَلِكَ فِي الذِّلَّةِ لِغَيْرِ مَوْلَاهُ (وَبِهِ) أَيْ بِالْمَالِ (يَحُجُّ) ، وَهُوَ أَحَدُ أَرْكَانِ الْإِسْلَامِ (وَبِهِ يُجَاهِدُ الْكُفَّارَ) الَّذِي هُوَ سَنَامُ الدِّينِ وَيُعِزُّ بِهِ كَلِمَةَ اللَّهِ الْعُلْيَا وَيُبْقِي شَرِيعَةَ اللَّهِ تَعَالَى الْوُثْقَى (وَبِهِ قِوَامُ الْبَدَنِ، وَقِيَامُهُ الَّذِي هُوَ مَطِيَّةُ الْفَضَائِلِ وَآلَةُ الطَّاعَاتِ) وَمَا يُتَوَسَّلُ بِهِ إلَى الْعِبَادَةِ فَعِبَادَةٌ (إذْ بِهِ يَحْصُلُ الْغِذَاءُ وَاللِّبَاسُ وَالْمَسْكَنُ)

<<  <  ج: ص:  >  >>