للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِعَدَمِ الْعِصْمَةِ قِيلَ وَمَا ذَكَرَ فِي آخِرِ الْفَتَاوَى الظَّهِيرِيَّةِ أَنَّ مَا يَذْكُرُ النَّاسُ مِنْ أَنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - ضَرَبَ ابْنَهُ أَبَا شَحْمَةَ حَتَّى مَاتَ ثُمَّ ضَرَبَهُ بَاقِيَ الْحَدِّ مَيِّتًا فَهُوَ كَذِبٌ مِنْ أَكَاذِيبِ مُحَمَّدِ بْنِ تَمِيمٍ الرَّازِيّ وَكَانَ كَثِيرَ الْأَكَاذِيبِ وَضَّاعَ الْحَدِيثِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ انْدَمَلَتْ جِرَاحَاتُهُ وَعَاشَ بَعْدَ ذَلِكَ ثُمَّ مَاتَ حَتْفَ أَنْفِهِ فَلَا يَنْتَقِضُ بِهِ عَلَى عَدْلِ عُمَرَ كَمَا فِي نِصَابِ الِاحْتِسَابِ لَكِنْ يَشْكُلُ بِمَا فِي كِتَابِ أَسْمَاءِ الرِّجَالِ مِنْ حَدِّهِ ابْنَهُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ مَعَ أَنَّهُ ضَعِيفٌ وَمَرِيضٌ بِمُجَرَّدِ السَّمْعِ بِلَا ثُبُوتٍ شَرْعِيٍّ إلَى أَنْ مَاتَ وَالْحَمْلُ عَلَى اجْتِهَادِهِ بَعِيدٌ نَعَمْ يُمْكِنُ أَنَّ الْآحَادَ الَّتِي تُخَالِفُ الشَّرْعَ عَنْ مِثْلِ هَذِهِ الْعَدْلَةِ الْكِرَامِ مَرْدُودٌ لِأَنَّ إنْكَارَ مِثْلِهِ أَسْلَمُ مِنْ حَمْلٍ عَلَى ارْتِكَابِ خِلَافِ الشَّرْعِ.

(وَعَنْ الشَّافِعِيِّ) - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - (لَا يَدْخُلُ فِي الْوَصِيَّةِ) التَّمَسُّكُ بِقَوْلِ الشَّافِعِيِّ لَيْسَ لِلتَّمَسُّكِ ابْتِدَاءً بَلْ لِلتَّأْيِيدِ وَكُلَّمَا كَثُرَ الْقَائِلُ قَوِيَ الْقَوْلُ وَأَنَّ الْحُكْمَ بِتَخْطِئَةِ مَذْهَبٍ مُخَالِفٍ مَذْهَبَ أَئِمَّتِنَا إنَّمَا هُوَ عِنْدَ خِلَافِهِمْ لِأَئِمَّتِنَا (إلَّا أَحْمَقُ) فَإِنَّ الْعَاقِلَ لَا يُوقِعُ نَفْسَهُ فِيمَا يَكُونُ غَلَطًا وَمُؤَدِّيًا إلَى الْخِيَانَةِ وَالسَّرِقَةِ كَمَا عَرَفْت (أَوْ) عَاقِلٌ لَكِنَّهُ (لِصٌّ انْتَهَى فَلِذَا) لِقُبْحِ الْوِصَايَةِ وَالْوِلَايَةِ (قِيلَ اتَّقُوا الْوَاوَاتِ) الْوِصَايَةَ وَالْوِلَايَةَ وَالْوَزَارَةَ وَالْوَكَالَةَ وَالْوَدِيعَةَ وَالْوَقْفَ وَعَنْ الْخُلَاصَةِ عَنْ أَبِي مُطِيعٍ الْبَلْخِيّ أَنَّهُ قَالَ أَفْتَيْت مُنْذُ نَيِّفٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً فَمَا رَأَيْت قَيِّمًا عَدَلَ فِي مَالِ ابْنِ أَخِيهِ.

[الثَّامِنُ وَالْأَرْبَعُونَ دُعَاءُ الْإِنْسَانِ عَلَى نَفْسِهِ]

(الثَّامِنُ وَالْأَرْبَعُونَ دُعَاءُ الْإِنْسَانِ عَلَى نَفْسِهِ) بِالشَّرِّ لِأَجْلِ نُزُولِ ضَرَرٍ دُنْيَوِيٍّ مِنْ الْفَقْرِ وَالْمَرَضِ وَالْمُصِيبَةِ فِي الْمَالِ وَالْأَوْلَادِ وَالنَّفْسِ (وَتَمَنِّي الْمَوْتِ) وَإِنْ كَانَ التَّمَنِّي مُغَايِرًا لِلدُّعَاءِ مَفْهُومًا لَكِنْ لِتَقَارُبِهِمَا مَفْهُومًا وَوُجُودًا عَدَّهُمَا آفَةً وَاحِدَةً (قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَيَدْعُ} [الإسراء: ١١] بِحَذْفِ الْوَاوِ خَطًّا مِنْ الرَّسْمِ الْعُثْمَانِيِّ تَبَعًا لِحَذْفِهَا لَفْظًا لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ {الإِنْسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءَهُ بِالْخَيْرِ} [الإسراء: ١١] مِثْلَ دُعَائِهِ بِالْخَيْرِ لِعَدَمِ تَحَمُّلِهِ مَا نَزَلَ عَلَيْهِ مِنْ ضَرَرٍ دُنْيَوِيٍّ {وَكَانَ الإِنْسَانُ عَجُولا} [الإسراء: ١١] مُبَالِغًا فِي الْعَجَلَةِ بِالدُّعَاءِ عَلَيْهِ غَيْرَ صَابِرٍ عَلَى مَا نَزَلَ عَلَيْهِ وَهُوَ مَأْمُورٌ بِالصَّبْرِ وَمَوْعُودٌ بِكَثِيرٍ مِنْ الْأَجْرِ لَا يَخْفَى أَنَّ دَلَالَتَهَا إنَّمَا هِيَ عَلَى الدُّعَاءِ لَا التَّمَنِّي نَعَمْ يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إنَّ الْأَوَّلَ يَدُلُّ عَلَى الثَّانِي بِطَرِيقِ دَلَالَةِ النَّصِّ فَلَعَلَّ ثُبُوتَ الثَّانِي بِالْأَحَادِيثِ كَالْأَوَّلِ بِالْآيَةِ.

(خَرَّجَ السِّتَّةُ) الصَّحِيحَانِ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَمَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ (إلَّا ط) وَعِنْدَ بَعْضٍ سُنَنُ ابْنِ مَاجَهْ بَدَلَ الْمُوَطَّأِ (عَنْ أَنَسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا يَتَمَنَّى» نَفْيٌ فِي مَعْنَى النَّهْيِ تَأْكِيدًا وَقِيلَ نَهْيٌ لِأَنَّ الْأَلِفَ مَعَ الْجَازِمِ لُغَةٌ اسْتَحْسَنَهَا الْأُدَبَاءُ «أَحَدُكُمْ» قِيلَ نَكِرَةٌ فِي سِيَاقِ النَّفْيِ فَعَامٌّ لَا يَخْفَى أَنَّهُ غَلَطٌ ظَاهِرٌ «الْمَوْتَ» لِدَلَالَتِهِ عَلَى عَدَمِ الرِّضَا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ الْمَشَاقِّ وَلِأَنَّ ضَرَرَ الْمَرَضِ مُطَهِّرٌ لِلْإِنْسَانِ مِنْ الذُّنُوبِ وَالْمَوْتُ قَاطِعٌ لَهُ وَلِأَنَّ الْحَيَاةَ نِعْمَةٌ وَطَلَبُ إزَالَةِ النِّعْمَةِ قَبِيحٌ كَذَا فِي الْفَيْضِ وَلَا يَبْعُدُ أَنَّ الْحَيَاةَ سَبَبٌ لِلطَّاعَاتِ الَّتِي يُتَوَصَّلُ بِهَا إلَى الْمَقَامَاتِ

<<  <  ج: ص:  >  >>