للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَجُرُّ بَعْضَهُ إلَى بَعْضٍ إلَى أَنْ لَا يَفِيَ الْحَلَالَ فَيَقْدَمُ الشُّبُهَاتِ وَيَتْبَعُهُ أَنْ يُصَانِعَ النَّاسَ بِالرِّيَاءِ وَالْمُدَاهَنَةِ وَالْكَذِبِ وَالنِّفَاقِ الثَّالِثَةُ أَنَّهُ يُلْهِيهِ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَأَنَّهُ خُسْرَانٌ عَظِيمٌ وَإِمَّا دُنْيَوِيَّةٌ كَالْخَوْفِ وَالْحُزْنِ وَالْهَمِّ وَالْغَمِّ وَالتَّعَبِ فِي دَفْعِ الْحُسَّادِ وَتَجَشُّمِ الْمَصَاعِبِ فِي حِفْظِ الْأَمْوَالِ فَإِذَنْ تِرْيَاقُ الْمَالِ أَخْذُ الْقُوتِ مِنْهُ وَصَرْفُ الْبَاقِي إلَى الْخَيْرَاتِ وَمَا عَدَاهُ سَمُومٌ وَآفَاتٌ وَإِلَى بَعْضِ مَا ذَكَرَ يُشِيرُ قَوْلُهُ (اعْلَمْ أَنَّ الْحُزْنَ إذَا أَخْرَجَ صَاحِبَهُ مِنْ الصَّبْرِ إلَى الْجَزَعِ) وَالشَّكْوَى (وَ) أَنَّ (الْفَرَحَ) إذَا أَخْرَجَ صَاحِبَهُ (مِنْ الشُّكْرِ إلَى الطُّغْيَانِ وَالْبَطَرِ) أَيْ الْكِبْرِ أَوْ الْأَشَرِ (فَحَرَامَانِ) قِيلَ مِنْ الْكَبَائِرِ لِلْوَعِيدِ الشَّدِيدِ (وَإِلَّا) وَإِنْ لَمْ يُخْرِجَا (فَلَا) بَلْ مَذْمُومَانِ وَمَكْرُوهَانِ تَنْزِيهًا (وَلَكِنَّ الْكَمَالَ اسْتِوَاءُ إتْيَانِ الدُّنْيَا وَفَوَاتِهَا) لِعَدَمِ تَعَلُّقِ الْقَلْبِ وَإِقْبَالِهِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى حُكِيَ عَنْ بَعْضِ الْمَشَايِخِ أَنَّهُ أُخْبِرَ إلَيْهِ بِعَطَايَا كَثِيرَةٍ فَحَمِدَ ثُمَّ أُخْبِرَ أَنَّ قُطَّاعَ الطَّرِيقِ أَخَذُوهَا فَحَمِدَ أَيْضًا فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ الْأَوَّلُ لِعَدَمِ وِجْدَانِي فِي قَلْبِي سُرُورًا مِنْهَا وَالثَّانِي لِعَدَمِ وِجْدَانِي حُزْنًا مَا.

(وَهُوَ مَقَامُ التَّسْلِيمِ) قِيلَ هُوَ انْقِيَادُ إظْهَارِ الْعُبُودِيَّةِ (وَالتَّفْوِيضِ) هُوَ أَنْ لَا يَخْتَارَ الْعَبْدُ شَيْئًا مِنْ أُمُورِ الدُّنْيَا وَأَنْ يَرْضَى بِاخْتِيَارِ مَوْلَاهُ وَقِيلَ التَّفْوِيضُ قَبْلَ نُزُولِ الْقَضَاءِ وَالتَّسْلِيمُ بَعْدَهُ (وَذَلِكَ) الْمَقَامُ (عَزِيزٌ) نَادِرٌ (جِدًّا) لَا يُوجَدُ إلَّا فِي أَقَلِّ قَلِيلٍ.

[السَّادِسُ وَالْأَرْبَعُونَ الْخَوْفُ فِي أَمْرِ الدُّنْيَا]

(السَّادِسُ وَالْأَرْبَعُونَ الْخَوْفُ فِي أَمْرِ الدُّنْيَا وَهُوَ انْقِبَاضُ الْقَلْبِ كَرَاهَةَ أَنْ يُصِيبَهُ)

فِي الِاسْتِقْبَالِ (مَكْرُوهٌ دُنْيَوِيٌّ وَهُوَ غَيْرُ الْحُزْنِ لِأَنَّهُ) أَيْ الْحُزْنَ (لِمَا مَضَى) وَنَزَلَ مِنْ الْمَصَائِبِ أَوْ فَوَاتِ الْمَطَالِبِ (وَالْخَوْفُ لِلْمُسْتَقْبَلِ وَغَيْرُ الْجُبْنِ لِأَنَّهُ نُقْصَانُ الْغَضَبِ وَلَا يَسْتَلْزِمُ) الْجُبْنُ (الْخَوْفَ وَهُوَ) أَيْ الْخَوْفُ (إمَّا مِنْ الْفَقْرِ أَوْ الْمَرَضِ أَوْ إصَابَةِ مَكْرُوهٍ) كَأَخْذِ أَمْوَالٍ وَإِتْلَافِ نَفْسٍ وَضَرْبٍ وَحَبْسٍ (مِنْ مَخْلُوقٍ أَمَّا الْأَوَّلُ) أَيْ الْخَوْفُ مِنْ الْفَقْرِ (فَمَذْمُومٌ جِدًّا لِأَنَّ الْفَقْرَ حَالُ نَبِيِّنَا - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَحَالُ أَكْثَرِ الْأَنْبِيَاءِ) - عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لِعِلْمِهِمْ بِمَنْزِلَةِ الْفَقْرِ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى وَرَذَالَةِ الْغِنَى الَّذِي هُوَ مَعْدِنُ أَكْثَرِ الشُّرُورِ وَلِذَا امْتَنَعَ مِنْهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - بَعْدَ الْعَرْضِ عَلَيْهِ (وَ) أَكْثَرُ (الْأَوْلِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ) كَالصِّدِّيقِ الْأَعْظَمِ كَمَا رُوِيَ عَنْهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «يَدْخُلُ الْفُقَرَاءُ الْجَنَّةَ قَبْلَ

<<  <  ج: ص:  >  >>