للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَنْ كَرِهَهُ مُطْلَقًا حَتَّى قَلَّ فَهْمُ حُدُودِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ فَصَارَ حَامِلُ فِقْهٍ غَيْرَ فَقِيهٍ وَهُمْ أَتْبَاعُ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَمِنْهُمْ مَنْ تَوَسَّعَ فَتَوَلَّدَتْ مِنْهُ الْأَهْوَاءُ وَالْبَغْضَاءُ وَالتَّبَاهِي فَهَذَا الَّذِي ذَمَّهُ الْعُلَمَاءُ

وَأَمَّا فُقَهَاءُ الْحَدِيثِ فَوَجَّهُوا هِمَمَهُمْ إلَى الْبَحْثِ عَنْ مَعَانِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَكَلَامِ السَّلَفِ وَالزُّهْدِ وَالرَّقَائِقِ وَنَحْوِهَا مِمَّا فِيهِ صَفَاءُ الْقُلُوبِ وَالْإِخْلَاصُ لِعَلَّامِ الْغُيُوبِ وَهَذَا مَحْمُودٌ وَمَطْلُوبٌ اهـ مُلَخَّصًا قِيلَ فِي سَنَدِ الْحَدِيثِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدٍ مَجْهُولٌ وَعَنْ السَّاجِيِّ أَنَّهُ ذَكَرَهُ فِي ضُعَفَاءِ الشَّامِ (بِخِلَافِ) (السُّؤَالِ عَنْهَا لِلتَّعَلُّمِ أَوْ لِلتَّعْلِيمِ أَوْ اخْتِبَارِ أَذْهَانِهِمْ) كَامْتِحَانِ الْأُسْتَاذِ أَفْهَامَ التَّلَامِذَةِ (أَوْ تَشْحِيذِهَا) أَيْ تَحْصِيلِ الْحِدَةِ فِيهَا لَعَلَّ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ مَا فِي آخِرِ الْأَشْبَاهِ أَنَّهُ لَمَّا جَلَسَ أَبُو يُوسُفَ لِلتَّدْرِيسِ مِنْ غَيْرِ إعْلَامِ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى أَرْسَلَ أَبُو حَنِيفَةَ إلَيْهِ رَجُلًا فَسَأَلَهُ عَنْ مَسَائِلَ خَمْسٍ مِنْهَا هَلْ الدُّخُولُ فِي الصَّلَاةِ بِالْفَرْضِ أَوْ بِالسُّنَّةِ فَقَالَ بِالْفَرْضِ فَقَالَ أَخْطَأْت فَقَالَ بِالسُّنَّةِ فَقَالَ أَخْطَأْت فَتَحَيَّرَ أَبُو يُوسُفَ فَقَالَ الرَّجُلُ بِهِمَا لِأَنَّ التَّكْبِيرَ فَرْضٌ وَرَفْعُ الْيَدَيْنِ سُنَّةٌ وَتَمَامُهَا فِيهِ وَمِنْهَا أَيْضًا أَلْغَازُ الْفُقَهَاءِ فِي الْمَسَائِلِ الْفِقْهِيَّةِ وَهُوَ أَيْضًا فِي الْفَنِّ الرَّابِعِ مِنْ الْأَشْبَاهِ (أَوْ حَثِّهِمْ) وَإِغْرَائِهِمْ (عَلَى التَّأَمُّلِ) وَالسَّعْيِ فِي اكْتِسَابِ الْعُلُومِ (فَإِنَّهُ مُسْتَحَبٌّ) لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِعَانَةِ عَلَى فَهْمِ الْعِلْمِ وَقَدْ فَعَلَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِقَوْلِهِ «أَيُّ شَجَرَةٍ إذَا قُطِعَ رَأْسُهَا مَاتَتْ فَوَقَعَ الْقَوْمُ فِي شَجَرَةِ الْبَادِيَةِ ثُمَّ قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - هِيَ النَّخْلَةُ» وَأَيْضًا عَنْ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِأَصْحَابِهِ إنَّ مِنْ الشَّجَرِ شَجَرَةً لَا يَسْقُطُ وَرَقُهَا وَهِيَ مِثْلُ الْمُؤْمِنِ فَحَدِّثُونِي مَا هِيَ فَوَقَعَ الْأَصْحَابُ فِي شَجَرِ الْبَادِيَةِ فَلَمْ يَعْرِفُوهَا فَوَقَعَ فِي نَفْسِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهَا النَّخْلَةُ فَاسْتَحْيَا أَنْ يَسْبِقَ أَكَابِرَ الصَّحَابَةِ فَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - هِيَ النَّخْلَةُ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ فَذَكَرْت مَا وَقَعَ فِي نَفْسِي لِأَبِي فَقَالَ لَوْ قُلْته كَانَ أَحَبَّ إلَيَّ مِنْ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا» فَوَجْهُ الشَّبَهِ مِنْ وُجُوهٍ أَنَّهَا كَالْإِنْسَانِ فِي اسْتِوَاءِ الْقَامَةِ وَأَنَّ لَهَا أَغْصَانًا كَجَوَارِحِ الْإِنْسَانِ وَأَنَّ لَهَا ثَمَرَةً حُلْوَةً كَالْأَعْمَالِ الْحَسَنَةِ لِلْإِنْسَانِ وَأَنَّهَا إذَا قُطِعَ رَأْسُهَا يَبِسَتْ كَالْإِنْسَانِ يَمُوتُ عِنْدَ قَطْعِ رَأْسِهِ

[الثَّالِثُ وَالْعِشْرُونَ الْخَطَأُ فِي التَّعْبِيرِ وَدَقَائِقُ الْخَطَأِ]

(الثَّالِثُ وَالْعِشْرُونَ الْخَطَأُ فِي التَّعْبِيرِ وَدَقَائِقُ الْخَطَأِ) (م عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا تُسَمُّوا الْعِنَبَ الْكَرْمَ» قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ يُقَالُ رَجُلٌ كَرْمٌ بِسُكُونِ الرَّاءِ وَفَتْحِهَا بِمَعْنَى كَرِيمٍ وَسَبَبُ النَّهْيِ أَنَّهُمْ كَانُوا يُسَمُّونَ الْعِنَبَ فِي شَجَرَتِهِ كَرْمًا لِأَنَّ الْخَمْرَ الْمُتَّخَذَ مِنْهُ يَحْمِلُ شَارِبَهُ عَلَى الْكَرَمِ فَكَرِهَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - هَذِهِ التَّسْمِيَةَ لِئَلَّا يَتَذَكَّرُوا بِهِ الْخَمْرَ وَيَدْعُوَهُمْ حُسْنُ الِاسْمِ إلَى شُرْبِهِ «وَإِنَّمَا الْكَرْمُ الرَّجُلُ الْمُسْلِمُ» وَالْمَذْكُورُ فِي الْمَشَارِقِ وَالْمَصَابِيحِ فَإِنَّ الْكَرْمَ قَلْبُ الْمُؤْمِنِ فَقَوْلُهُ الْكَرْمُ قَلْبُ الْمُؤْمِنِ إشَارَةٌ إلَى مَا هُوَ الْمُقْتَضِي لِلنَّهْيِ وَالْمَانِعُ مِنْ إطْلَاقِ هَذَا اللَّفْظِ عَلَيْهِ وَتَقْرِيرِهِ أَنَّهُ لَوْ سُمِّيَ بِالْكَرْمِ شَيْءٌ بِاعْتِبَارِ كَوْنِهِ سَبَبًا وَمَبْدَأً لَهُ لَكِنَّ الْمُسْتَحِقَّ لِهَذَا الِاسْمِ هُوَ قَلْبُ الْمُؤْمِنِ الْحَامِلُ عَلَى قَضِيَّةِ الْعَقْلِ وَالدِّينِ الْقَوِيمَيْنِ لَا الْخَمْرُ الْمُؤَدِّي إلَى اخْتِلَالِ الْعَقْلِ وَفَسَادِ الرَّأْيِ وَإِتْلَافِ الْمَالِ وَصَرْفِهِ لَا عَلَى وَجْهِ الصَّوَابِ (وَزَادَ د فِي رِوَايَةٍ لَهُ) أَيْ لِمُسْلِمٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>