للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(عَنْ وَائِلِ بْنِ حُجْرٌ وَلَكِنْ «قُولُوا الْعِنَبَ وَالْحَبَلَةَ» بِفَتْحِ أَوَّلَيْهِ وَقَدْ يُسَكَّنُ ثَانِيهِ هِيَ أَصْلُ شَجَرِ الْعِنَبِ فَدَلَّ أَنَّ التَّسْمِيَةَ بِالْكَرْمِ وَإِطْلَاقَهُ خَطَأٌ فَإِنْ قِيلَ الْمَقْصُودُ مِنْ الْأَعْلَامِ هُوَ الْمُسَمَّى الَّذِي هُوَ الذَّاتُ وَمَا ذُكِرَ فِي وَجْهِ مَنْعِهِ إنَّمَا يُلَائِمُ كَوْنَهُ وَصْفًا

قُلْنَا نَعَمْ لَكِنْ اعْتَبَرُوا إيهَامَ اللَّفْظِ فِي الْمَنْقُولَاتِ لِمَعَانِيهَا الْأَصْلِيَّةِ كَاسْمِ مُحَمَّدٍ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُعْتَبَرُ إيهَامُهُ بِمَعْنَاهُ الْأَصْلِيِّ مِنْ كَثْرَةِ الْخِصَالِ الْحَمِيدَةِ كَمَا مَرَّ (م عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إذَا سَمِعْتُمْ الرَّجُلَ يَقُولُ هَلَكَ النَّاسُ» إعْجَابًا بِنَفْسِهِ وَاعْتِنَاءً بِعِلْمِهِ أَوْ عَمَلِهِ وَاسْتِصْغَارًا لِشَأْنِ النَّاسِ وَازْدِرَاءً لِمَا هُمْ عَلَيْهِ لَا تَفَجُّعًا وَإِشْفَاقًا عَلَيْهِمْ كَمَا يُشِيرُ إلَيْهِ الْمُصَنِّفُ «فَهُوَ أَهْلَكُهُمْ» بِالرَّفْعِ أَيْ أَشَدُّهُمْ هَلَاكًا وَبِالْفَتْحِ أَيْ حَكَمَ عَلَيْهِمْ بِالْهَلَاكِ مِنْ قِبَلَ نَفْسِهِ فَهُوَ جَعَلَهُمْ هَالِكِينَ لَا إنَّهُمْ هَلَكُوا حَقِيقَةً أَوْ فَهُوَ أَهْلَكَهُمْ لِكَوْنِهِ قَنَّطَهُمْ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ وَيَأَّسَهُمْ مِنْ غُفْرَانِهِ قَالَ الْغَزَالِيُّ إنَّمَا قَالَهُ لِأَنَّ الْقَوْلَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مُزْدَرٍ لِخَلْقِ اللَّهِ آمِنٌ مِنْ مَكْرِهِ غَيْرُ خَائِفٍ مِنْ سَطْوَتِهِ وَقَهْرِهِ حَيْثُ رَأَى النَّاسَ هَالِكِينَ وَرَأَى نَفْسَهُ نَاجِيًا وَهُوَ الْهَالِكُ تَحْقِيقًا وَيَكْفِيهِ شَرًّا احْتِقَارُ الْغَيْرِ فَالْخَلْقُ يُدْرِكُونَ النَّجَاةَ بِتَعْظِيمِهِمْ إيَّاهُ فَهُمْ مُتَقَرِّبُونَ إلَى اللَّهِ بِالدُّنُوِّ مِنْهُ وَهُوَ حَمُقَ إلَى اللَّهِ بِالتَّنَزُّهِ وَالتَّبَاعُدِ عَنْهُمْ كَأَنَّهُ يَتَرَفَّعُ عَنْ مُجَالَسَتِهِمْ فَمَا أَجْدَرَهُ بِالْهَلَاكِ انْتَهَى كَذَا فِي الْفَيْضِ (هَذَا إذَا قَالَ مُعْجَبًا بِنَفْسِهِ مُزْرِيًا) مُحَقِّرًا (بِغَيْرِهِ وَأَمَّا إذَا قَالَهُ وَهُوَ يَرَى نَفْسَهُ مَعَهُمْ وَهُوَ لِنَفْسِهِ أَشَدُّ احْتِقَارًا مِنْهُ) مِنْ احْتِقَارِهِ (لِغَيْرِهِ فَلَا بَأْسَ بِهِ) كَذَا فَسَّرَهُ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - د عَنْ حُذَيْفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا تَقُولُوا مَا شَاءَ اللَّهُ وَشَاءَ فُلَانٌ وَلَكِنْ قُولُوا مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ شَاءَ فُلَانٌ» لِأَنَّ كَلِمَةَ الْوَاوِ لِلْجَمْعِ الْمُطْلَقِ فَتُوهِمُ الشَّرِكَةَ وَالتَّسْوِيَةَ بَيْنَ مَشِيئَةِ اللَّهِ وَعَبْدِهِ بِخِلَافِ كَلِمَةِ ثُمَّ لِأَنَّهَا لِلتَّرْتِيبِ مَعَ التَّرَاخِي وَعَنْ النَّخَعِيِّ أَنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ أَعُوذ بِاَللَّهِ وَبِك وَيَجُوزُ أَنْ يَقُولَ أَعُوذُ بِاَللَّهِ ثُمَّ بِك قَالُوا أَوْ يَقُولَ لَوْلَا اللَّهُ ثُمَّ فُلَانٌ لَفَعَلْت كَذَا وَلَا يَقُولُ لَوْلَا اللَّهُ وَفُلَانٌ كَمَا نُقِلَ عَنْ حِلْيَةِ الْأَبْرَارِ وَفِيهِ مُرَاعَاةُ مَوَاقِعِ الْأَلْفَاظِ وَعَدَمُ التَّسَاهُلِ فِي أَمْرِهَا كَمَا عَنْ الْمَوَاهِبِ

(وَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ) فِي فِقْهِ الْحَنَفِيِّ لِلْإِمَامِ مُحَمَّدٍ (يُكْرَهُ) قِيلَ تَحْرِيمًا لِأَنَّ الْإِطْلَاقَ يَقْتَضِي الْكَمَالَ (أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ فِي دُعَائِهِ بِحَقِّ نَبِيِّك أَقُولُ وَكَذَا كُلُّ مَخْلُوقٍ) يُكْرَهُ الْقَسَمُ بِهِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى مِنْ الْمُلْكِ وَالْعَرْشِ وَالْأَوْلِيَاءِ (لِأَنَّهُ عَلَّلَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ) الْكَرَاهِيَةَ (بِقَوْلِهِ لِأَنَّهُ لَا حَقَّ لِلْمَخْلُوقِ عَلَى الْخَالِقِ) وَهَذَا التَّعْلِيلُ جَارٍ فِي الْجَمِيعِ وَفِي الدُّرَرِ عَنْ الْكَافِي قَالَ لِغَيْرِهِ بِحَقِّ اللَّهِ أَنْ تَفْعَلَ كَذَا لَا يَجِبُ عَلَيْهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>