للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنْ يَأْتِيَ بِهِ شَرْعًا وَإِنْ كَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَأْتِيَ بِهِ وَقِيلَ لَوْ عَلَّلَ بِمَعْنَى أَنَّ لِلْمَخْلُوقِ عَلَيْك حَقًّا بِمُقْتَضَى جَعْلِكَ لَهُمْ عَلَيْك حَقًّا فَلَيْسَ بِمَكْرُوهٍ وَأَنْتَ تَعْلَمُ أَنَّهُ مِنْ قَبِيلِ الرَّأْيِ بِمُقَابَلَةِ النَّصِّ عَلَى أَنَّهُ لَا أَقَلَّ مِنْ إبْهَامِ الشَّيْنِ وَيُقِرُّ بِهِ مَا قِيلَ عَنْ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّهُ لَا كَرَاهَةَ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْقَسَمِ بِنَبِيِّنَا - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأَنَّهُ جَعَلَ لَهُ رُتْبَةً عَلِيَّةً وَحَقًّا عَلَيْهِ قَبُولُ شَفَاعَتِهِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ وَهُوَ لَا يُنَافِي التَّعْلِيلَ الْمَذْكُورَ لِأَنَّ الْمَنْفِيَّ مَا بِحَسَبِ الذَّاتِ وَالْمُثْبَتَ بِحَسَبِ الْجَعْلِ

وَأَيْضًا صَرَّحَ الْفُقَهَاءُ بِاخْتِصَاصِ الْقَسَمِ بِهِ تَعَالَى وَكَذَا مَا قِيلَ إنَّهُ لَوْ جَعَلَ لَفْظَ الْحَقِّ مَصْدَرًا لَا صِفَةً مُشَبَّهَةً بِمَعْنَى حَقِيقَةِ رُسُلِك فَلَا مَنْعَ لِأَنَّهُ لَا أَقَلَّ مِنْ الْإِيهَامِ عَلَى أَنَّ الْمُتَبَادَرَ هُوَ الصِّفَةُ نَعَمْ لَوْ كَانَ لِلرَّأْيِ فِيهِ مَسَاغٌ لَقُلْنَا الْمُرَادُ بِحَقِّ نَبِيِّك الَّذِي نُبُوَّتُهُ حَقٌّ مِنْ قَبِيلِ إضَافَةِ الصِّفَةِ إلَى الْمَوْصُوفِ فَيُؤَوَّلُ إلَى نَحْوِ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُك بِمُحَمَّدٍ نَبِيِّك» الْحَدِيثَ وَجَوَّزَهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ تَأَمَّلْ فِيهِ وَقَدْ وَقَعَ مِثْلُهُ فِي بَعْضِ الدَّعَوَاتِ الْمَأْثُورَةِ نَحْوِ اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُك بِحَقِّ السَّائِلِينَ عَلَيْك وَبِحَقِّ مُحَمَّدٍ عَلَيْك آمِينَ كَمَا فِي الْحِزْبِ الْأَعْظَمِ لِعَلِيٍّ الْقَارِيّ الَّذِي الْتَزَمَ أَنْ لَا يَجْعَلَ فِيهِ شَيْئًا غَيْرَ الْحَدِيثِ وَلَوْ قِيلَ إنَّهُ مَقْصُورٌ عَلَى مَوْرِدِهِ لَا يُقَاسُ غَيْرُهُ عَلَيْهِ لِوُرُودِ مِثْلِهِ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ لَكَانَ لَهُ وَجْهٌ وَلَوْ فِي الْجُمْلَةِ فَتَأَمَّلْ (وَجَوَّزَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ أَنْ يَقُولَ بِحُرْمَةِ فُلَانٍ) وَفِي الْمُنْيَةِ وَفِي الْآثَارِ مَا يَدُلُّ عَلَى الْجَوَازِ أَقُولُ بَلْ الِاسْتِحْبَابُ كَمَا نُقِلَ عَنْ بَعْضِ الْعَارِفِينَ إذَا سَأَلْتُمْ مِنْ اللَّهِ شَيْئًا فَأَسْأَلُوهُ بِي فَإِنِّي أَنَا الْوَاسِطَةُ الْآنَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ وَعَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ الْمُرْسِيِّ مَنْ كَانَتْ لَهُ حَاجَةٌ إلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَسَّلْ لِقَضَائِهَا بِالْغَزَالِيِّ وَنَحْوُهُ كَثِيرٌ فِي الْكُتُبِ كَالْحِصْنِ الْحَصِينِ (وَيُكْرَهُ أَنْ يَقُولَ فِي دُعَائِهِ بِمَقْعَدِ الْعِزِّ مِنْ عَرْشِك بِتَقْدِيمِ الْعَيْنِ أَوْ تَأْخِيرِهَا) قَالَ فِي الدُّرَرِ وَلَا شَكَّ فِي كَرَاهَةِ الثَّانِيَةِ لِاسْتِحَالَةِ مَعْنَاهَا عَلَى اللَّهِ تَعَالَى وَكَذَا الْأُولَى لِأَنَّهَا تُوهِمُ تَعَلُّقَ عِزِّهِ بِالْعَرْشِ وَالْعَرْشُ حَادِثٌ وَمَا تَعَلَّقَ بِهِ بِهَذَا الْوَجْهِ يَكُونُ حَادِثًا وَعِزُّ اللَّهِ تَعَالَى قَدِيمٌ

وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ لَا بَأْسَ بِهِ وَبِهِ أَخَذَ أَبُو اللَّيْثِ وَلَعَلَّ السِّرَّ فِي تَجْوِيزِهِمَا جَعْلُ الْعِزِّ صِفَةً لِلْعَرْشِ لِأَنَّ الْعَرْشَ مَوْصُوفٌ فِي الْقُرْآنِ بِالْمَجْدِ وَالْكَرَمِ فَكَذَا بِالْعِزِّ قِيلَ إنَّ أَصْلَ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الْمُتَشَابِهَ لَا يَثْبُتُ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ إنْكَارُهُ (وَفِي الْخُلَاصَةِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ أَكْرَهُ أَنْ يَقُولَ إيمَانِي كَإِيمَانِ جَبْرَائِيلَ وَلَكِنْ يَقُولُ آمَنْت بِمَا آمَنَ بِهِ جَبْرَائِيلُ) لِأَنَّ الْإِيمَانَ وَإِنْ لَمْ يَحْتَمِلْ الزِّيَادَةَ وَالنُّقْصَانَ بِحَسَبِ الْكَمِّ لَكِنْ يَقْبَلُ بِحَسَبِ الْكَيْفِ عَلَى التَّحْقِيقِ وَإِيمَانُ جَبْرَائِيلَ أَقْوَى بِلَا شَكٍّ فَلَا وَجْهَ لِلتَّشْبِيهِ (وَفِي السِّرَاجِيَّةِ يُكْرَهُ أَنْ يَدْعُوَ الرَّجُلُ أَبَاهُ وَالْمَرْأَةُ زَوْجَهَا بِاسْمِهِ) لِأَنَّهُ خِلَافُ الْأَدَبِ (خ م عَنْ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ خَبُثَتْ نَفْسِي» لِأَنَّ فِي إطْلَاقِ الْخَبَاثَةِ عَلَيْهَا نَوْعُ تَشَاؤُمٍ «وَلَكِنْ لِيَقُلْ لَقِسَتْ نَفْسِي» عَنْ الْقَامُوسِ لَقِسَتْ نَفْسُهُ إلَى الشَّيْءِ كَفَرِحَ نَازَعَتْهُ إلَيْهِ وَمِنْهُ غَثَتْ وَخَبُثَتْ وَعَنْ الْمُجْمَلِ لَقِسَتْ نَفْسُهُ مِنْ الشَّيْءِ غَثَتْ قِيلَ إنَّمَا كُرِهَ لَفْظُ خَبُثَتْ لِقُبْحِهِ وَلِئَلَّا يَنْسِبَ الْمُسْلِمُ الْخُبْثَ إلَى نَفْسِهِ لَا يَخْفَى أَنَّهُ مُشْتَرَكُ الْوُرُودِ وَأَنَّ مَجْمُوعَ عِلَّتَيْهِ رَاجِعٌ إلَى وَاحِدٍ وَقِيلَ هَذَا وَإِنْ كَانَ بِمَعْنَى الْأَوَّلِ لَكِنْ لَمْ يُوجَدْ إطْلَاقُهُ عَلَى خَبَاثَةِ النَّفْسِ فَلَمْ يُوجَدْ فِيهِ التَّشَاؤُمُ أَصْلًا بِخِلَافِ الْأَوَّلِ وَهُوَ أَيْضًا كَمَا تَرَى لَعَلَّ الْأَوْجَهَ أَنَّ الْخُبْثَ صَرِيحٌ فِي نِسْبَةِ الْخَبَاثَةِ إلَى النَّفْسِ وَاللَّقْسُ وَإِنْ كَانَ الْخُبْثُ مِنْ مَعَانِيهِ لَكِنَّهُ لَيْسَ بِنَصٍّ فِي ذَلِكَ لِاحْتِمَالِهِ لَهُ وَلِغَيْرِهِ فَيَجْرِي فِي كُلِّ مَا فِيهِ فُحْشٌ وَخَبَاثَةٌ مُقَايَسَةً أَوْ دَلَالَةً (د عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا -) وَعَنْ أَبَوَيْهَا (أَنَّهَا قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ جَاشَتْ»

<<  <  ج: ص:  >  >>