للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَلَا تُضْرَبُ) لِأَنَّ الضَّرْبَ إنَّمَا يَكُونُ لِلتَّأْدِيبِ وَلَا تَأْدِيبَ لِعَدَمِ الْعَقْلِ (وَلَا تُعْرَكُ أُذُنُهَا) لِأَنَّهُ تَعْذِيبٌ بِلَا فَائِدَةٍ لِعَدَمِ تَعَلُّمِهَا بِالتَّعْلِيمِ

[إحْرَاقُ كُلِّ حَيٍّ بِالنَّارِ أَوْ بِالْمَاءِ الْحَارِّ]

(وَيُكْرَهُ إحْرَاقُ كُلِّ حَيٍّ) بِالنَّارِ أَوْ بِالْمَاءِ الْحَارِّ آذَى أَمْ لَا (قَمْلَةً أَوْ نَمْلَةً أَوْ عَقْرَبًا أَوْ نَحْوَهَا) مِنْ الْمُؤْذِيَاتِ مِثْلُ الْحَيَّةِ وَالْجَرَادِ لِأَنَّهُ «- صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ التَّعْذِيبِ بِالنَّارِ وَقَالَ لَا تُعَذِّبُوا بِعَذَابِ اللَّهِ» فَإِنَّهُ مُخْتَصٌّ بِهِ تَعَالَى لِأَنَّهُ أَشَدُّ الْعَذَابِ قَالَ الْمُنَاوِيُّ هَذَا حَيْثُ أَمْكَنَ وَلَا يَجُوزُ قَتْلُهُ بِالتَّحْرِيقِ هَذَا عِنْدَ الْأَكْثَرِ وَقِصَّةُ الْعُرَنِيِّينَ مَنْسُوخَةٌ أَوْ كَانَتْ قِصَاصًا بِالْمُمَاثَلَةِ وَذَهَبَ عَلِيٌّ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ إلَى حِلِّ تَحْرِيقِ الْكُفَّارِ مُبَالَغَةً فِي النِّكَايَةِ وَالنَّكَالِ لِأَعْدَاءِ ذِي الْجَلَالِ لَكِنْ فِي شَرْحِ السُّنَّةِ أَنَّهُ رَجَعَ أَمَّا لَوْ تَعَذَّرَ قَتْلُ مَنْ وَجَبَ قَتْلُهُ إلَّا بِإِحْرَاقِهِ فَيَجُوزُ فَقَدْ رَوَى الْحَكِيمُ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - «كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - بِمِنًى فَمَرَّتْ حَيَّةٌ فَقَالَ اُقْتُلُوهَا فَسَبَقَتْنَا إلَى جُحْرٍ فَدَخَلَتْ فَقَالَ هَاتُوا سَعَفَةً وَنَارًا فَأَضْرِمُوهَا نَارًا» انْتَهَى رُوِيَ أَنَّ عَلِيًّا حَرَّقَ قَوْمًا فَبَلَغَ ابْنَ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - فَقَالَ لَوْ كُنْت أَنَا لَمْ أُحَرِّقْهُمْ لِأَنَّ النَّبِيَّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - قَالَ «لَا تُعَذِّبُوا بِعَذَابِ اللَّهِ» وَلَقَتَلَتُهُمْ لِقَوْلِهِ «مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ» وَمِمَّنْ ذَهَبَ إلَى مَذْهَبِ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مَالِكٌ فَإِنَّهُ سُئِلَ عَمَّنْ سَبَّ النَّبِيَّ فَأَمَرَ كَاتِبَهُ أَنْ يَكْتُبَ يُقْتَلُ فَزَادَ كَاتِبُهُ وَيُحَرَّقُ بِالنَّارِ فَقَالَ أَصَبْت كَذَا فِي الْمَطَامِحِ وَأَنَا أَقُولُ هَذَا غَيْرُ مَقْبُولٍ فَإِنَّ كَلَامَ مَالِكٍ هَذَا كَالصَّرِيحِ فِي أَنَّهُ يُحَرَّقُ بَعْدَ قَتْلِهِ وَأَمَّا عَلِيٌّ فَحَرَّقَهُمْ وَهُمْ أَحْيَاءٌ فَلَا يَجُوزُ بِمُجَرَّدِ هَذَا أَنْ يُنْسَبَ إلَى مَالِكٍ أَنَّهُ قَائِلٌ بِقَوْلِ عَلِيٍّ انْتَهَى كَلَامُ الْمُنَاوِيِّ لَكِنْ فِي بَعْضِ حَوَاشِي الْجَلَالِ شَرْحِ عَقَائِدِ الْعَضُدِ عِنْدَ عَدِّ الْكَبَائِرِ عِنْدَ عَدِّ الْإِحْرَاقِ مِنْ الْكَبَائِرِ قَالَ وَأَفْتَوْا فِي الْقَمْلِ لِلضَّرُورَةِ وَأَيْضًا فِي بَعْضِ الْفَتَاوَى جَوَازُ إحْرَاقِ الْجَرَادِ عِنْدَ امْتِنَاعِ دَفْعِ ضَرَرِهَا بِمُعَالَجَةِ غَيْرِ الْإِحْرَاقِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ ثُمَّ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إطْلَاقُ كَرَاهَةِ الْإِحْرَاقِ وَقَدْ عَدُّوهُ مِنْ الْكَبِيرَةِ فَتَأَمَّلْ وَعَنْ الْغِيَاثِيَّةِ الْبَهِيمَةُ الْمَوْطُوءَةُ تُذْبَحُ وَتُحَرَّقُ إنْ غَيْرَ مَأْكُولَةٍ، وَيَجُوزُ ذَبْحُ الْحِمَارِ الْمَرِيضِ الَّذِي هُوَ غَيْرُ مَرْجُوِّ الِانْتِفَاعِ وَيُكْرَهُ الْكَيُّ فِي الْوَجْهِ وَلَا بَأْسَ بِقَطْعِ الْعُضْوِ لِلْأَكَلَةِ وَلَا بَأْسَ بِشَقِّ الْمَثَانَةِ إذَا كَانَ فِيهَا حَصَاةٌ وَلَا بَأْسَ بِثَقْبِ أُذُنِ الطِّفْلِ وَخِصَاءِ الْحَيَوَانَاتِ سِوَى بَنِي آدَمَ لَا بَأْسَ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ كَرِهَهُ وَخِصَاءُ بَنِي آدَمَ حَرَامٌ بِالِاتِّفَاقِ وَعَنْ شَيْخِ الْإِسْلَامِ أَنَّ خِصَاءَ الْفَرَسِ حَرَامٌ وَكَذَا غَيْرُهُ إلَّا عِنْدَ الْمَنْفَعَةِ وَكَذَا خِصَاءُ السِّنَّوْرِ عِنْدَ مَنْفَعَةٍ أَوْ دَفْعِ مَضَرَّةٍ وَأَمَّا سِمَةُ الْبَهَائِمِ فَجَوَّزَهُ بَعْضٌ وَكَرِهَهُ آخَرُ وَلَا بَأْسَ بِكَيِّ الْأَغْنَامِ الْكُلُّ مِنْ التتارخانية وَفِي الْخُلَاصَةِ لَا بَأْسَ بِكَيِّ الصِّبْيَانِ إنْ لِدَاءٍ وَخِصَاءُ بَنِي آدَمَ مَكْرُوهٌ وَلِذَا يُكْرَهُ كَسْبُ الْخُصْيَانِ وَمِلْكُهُمْ وَاسْتِخْدَامُهُمْ لَكِنْ قَدْ سَمِعْت آنِفًا دَعْوَى الِاتِّفَاقِ فِي الْحُرْمَةِ

(وَالْفَيْلَقُ) هُوَ دُودُ الْقَزِّ (لَوْ أُلْقِيَ فِي الشَّمْسِ لِيَمُوتَ الدِّيدَانُ لَا بَأْسَ بِهِ) فِي الْخَانِيَّةِ لِأَنَّ فِيهِ مَنْفَعَةَ الْآدَمِيِّ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ إلْقَاءِ السَّمَكِ فِي الشَّمْسِ فَلَوْ أُحْرِقَ بِالنَّارِ لِيَمُوتَ بَدَلَ الشَّمْسِ لَا يَجُوزُ لِانْدِفَاعِ الضَّرُورَةِ بِالشَّمْسِ وَلِلنَّصِّ فِي نَهْيِ الْإِحْرَاقِ

(وَفِي السِّرَاجِيَّةِ لَا بَأْسَ بِإِحْرَاقِ حَطَبٍ فِيهِ نَمْلٌ) عِنْدَ ضَرُورَةِ الِاحْتِيَاجِ لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يَجْتَهِدَ فِي تَخْلِيَتِهَا مَا أَمْكَنَ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِمَقْصُودٍ بِالْإِحْرَاقِ

(وَالْمَثُلَةُ) عَطْفٌ عَلَى " الْقَتْلُ " بِفَتْحِ الْمِيمِ وَضَمِّ التَّاءِ وَهِيَ قَطْعُ أَطْرَافِ الْحَيَوَانِ حَيًّا وَتَجِيءُ بِمَعْنَى الْعُقُوبَةِ وَجَعْلُ الْحَيَوَانِ غَرَضًا لِلرَّمْيِ وَعِنْدَ الْبَعْضِ قَطْعُ الْأَنْفِ وَالْأُذُنِ وَفِي الدُّرَرِ اسْمٌ مِنْ مَثَلَ بِهِ يَمْثُلُ مَثْلًا كَقَتَلَ يَقْتُلُ قَتْلًا أَيْ نَكَّلَ بِهِ يَعْنِي جَعَلَهُ نَكَالًا وَعِبْرَةً لِغَيْرِهِ كَقَطْعِ الْأَعْضَاءِ وَتَسْوِيدِ الْوَجْهِ (وَضَرْبُ الْوَجْهِ مُطْلَقًا) بِذَنْبٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>