للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَعَنْ الذَّخِيرَةِ مِنْهُمْ مَنْ قَالَ لَا بَأْسَ بِهِ فِي الْأَعْيَادِ وَعَنْ الزَّيْلَعِيِّ وَمِنْ النَّاسِ مَنْ أَجَازَ الْغِنَاءَ فِي الْعُرْسِ قَالَ فِي التتارخانية مَنْ يَقُولُ لَا بَأْسَ بِهِ فِي الْأَعْرَاسِ وَالْوَلِيمَةِ لَا يَرَى أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِضَرْبِ الدُّفُوفِ فِي الْأَعْرَاسِ وَالْوَلِيمَةِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَعْلِنُوا النِّكَاحَ وَلَوْ بِالدُّفِّ» وَكَذَلِكَ التَّغَنِّي رُوِيَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ جَالِسًا فِي بَيْتِهِ يَوْمَ الْعِيدِ وَفِي دِهْلِيزِهِ جَارِيَتَانِ تُغَنِّيَانِ وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ أَتُغَنِّيَانِ فِي بَيْتِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - دَعْهُمَا فَإِنَّ هَذَا الْيَوْمَ عِيدٌ» انْتَهَى وَفِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ «قَالَ دَعْهُمَا يَا أَبَا بَكْرٍ فَإِنَّ لِكُلِّ قَوْمٍ عِيدًا وَهَذَا عِيدُنَا» .

وَفِي الْأَكْمَلِ فِي حَدِيثِ اتِّفَاقِ الشَّيْخَيْنِ «يَا أَبَا بَكْرٍ إنَّ لِكُلِّ قَوْمٍ عِيدًا وَهَذَا عِيدُنَا» وَأَبَاحَ الْغِنَاءَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْحِجَازِ وَرِوَايَةٌ عَنْ مَالِكٍ وَحَرَّمَهُ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَهْلُ الْعِرَاقِ وَكَرِهَهُ الشَّافِعِيُّ وَهُوَ الْمَشْهُورُ عَنْ مَالِكٍ احْتَجَّ الْمُجَوِّزُونَ بِهَذَا الْحَدِيثِ وَالْمَانِعُونَ خَصُّوهُ بِالشُّجَاعَةِ وَالْقِتَالِ وَنَحْوِهِمَا وَالْكَلَامُ فِيهَا يَهِيجُ إلَى الشُّرُورِ وَالْبَطَالَةِ انْتَهَى ثُمَّ قِيلَ الِاخْتِلَافُ فِي الْأَعْيَادِ وَالْعُرْسِ مِنْ أَئِمَّتِنَا بَلْ هُوَ حَرَامٌ فِيهِمَا أَيْضًا عِنْدَنَا بِخِلَافِ التَّغَنِّي وَحْدَهُ لِدَفْعِ الْوَحْشَةِ فَفِيهِ خِلَافٌ بَيْنَ مَشَايِخِنَا أَقُولُ قَدْ عَرَفْت مِمَّا نَقَلْنَا عَنْ مَشَايِخِنَا أَنَّ الْأَمْرَ لَيْسَ كَمَا ذَكَرَهُ (وَالصَّوَابُ مَنْعُهُ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ لِلنَّاسِ أَوْ لِدَفْعِ الْوَحْشَةِ أَوْ فِي الْأَعْيَادِ وَالْعُرْسِ (فِي هَذَا الزَّمَانِ) لِأَنَّهُ زَمَانُ فَسَادٍ وَفِسْقٍ لَعَلَّ هَذَا مِنْ الْمُصَنِّفِ فَيَرُدُّ أَنَّهُ مِنْ قَبِيلِ الرَّأْيِ فِي مُقَابَلَةِ النَّصِّ عَلَى أَنَّ أَهْلَ الرَّأْيِ وَهُمْ الْمُجْتَهِدُونَ مُنْقَرِضُونَ فِي زَمَانِهِ وَقَدْ قِيلَ إنَّ الْأَصْلَ الْكُلِّيَّ لَا يَسْقُطُ بِالْعَوَارِضِ وَإِنَّ الْأَصْلَ فِي الصِّفَاتِ الْعَارِضَةِ هُوَ الْعَدَمُ وَإِنَّهُ مُؤَدٍّ إلَى سُوءِ الظَّنِّ بِالْمُسْلِمِينَ مَعَ كَوْنِهِ قِيَاسَ شَاهِدٍ عَلَى غَائِبٍ وَقَدْ قِيلَ إنَّ الْفَاسِدَ لَا يَكُونُ مَقِيسًا عَلَيْهِ وَأَيْضًا إنْ عُلِمَ فَسَادُ أَهْلِ الزَّمَانِ بِالِاسْتِقْرَاءِ التَّامِّ فَلَيْسَ بِمَسْمُوعٍ وَإِنْ بِالنَّاقِصِ فَلَيْسَ بِمُفِيدٍ فَتَأَمَّلْ فِي أَكْثَرِ ذَلِكَ وَالْجَوَابُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ اخْتَارَ جَانِبَ الْمَنْعِ الْمُطْلَقِ مِنْ الْمَذَاهِبِ لِأَنَّ الِاحْتِيَاطَ مَعَ الِاتِّفَاقِ وَهُوَ الْعَزِيمَةُ وَهُوَ طَرِيقُ الْوَرَعِ (وَإِنَّمَا قَيَّدْنَا) التَّغَنِّيَ وَحْدَهُ (بِالْأَشْعَارِ لِأَنَّ التَّغَنِّيَ بِالْقُرْآنِ وَالذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ) الظَّاهِرُ سَوَاءٌ أُخِذَا مِنْ الْقُرْآنِ أَوْ لَا (يَسْتَلْزِمُ اللَّحْنَ وَاللَّحْنُ حَرَامٌ بِلَا خِلَافٍ) الظَّاهِرُ قَيْدٌ لِحُرْمَةِ اللَّحْنِ فَيَكُونُ الْمَعْنَى أَنَّ حُرْمَةَ اللَّحْنِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهَا قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَاللَّحْنُ حَرَامٌ بِلَا خِلَافٍ وَفِي رِسَالَةِ الْمَوْلَى أَبِي السُّعُودِ وَقَدْ أَجَازَ هُوَ أَيْ السَّرَخْسِيُّ كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ التَّغَنِّيَ وَاللَّحْنَ فِي الْأَذَانِ فِي الْحَيْعَلَتَيْنِ وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغْلٍ «رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ وَهُوَ يَقْرَأُ سُورَةَ الْفَتْحِ يُرَجِّعُ وَقَالَ لَوْلَا أَنْ يَجْتَمِعَ النَّاسُ حَوْلِي لَرَجَّعْت» وَفِي رِوَايَةٍ بِلَفْظِ «الْأَلْحَانِ مَكَانَ التَّرْجِيعِ» وَفِي الْعَتَّابِيَّةِ وَكَانَ يَقْرَأُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ بِالْأَلْحَانِ وَيُعْجِبُهُمَا ذَكَرَ ذَلِكَ بَعْضُهُمْ وَمَا وَرَدَ فِي جَوَازِ التَّغَنِّي وَاللَّحْنِ فِي الْقُرْآنِ وَارِدٌ فِي سَائِرِ الْأَذْكَارِ دَلَالَةً ثُمَّ قَالَ وَقَوْلُ الْبَزَّازِيِّ وَاللَّحْنُ حَرَامٌ بِلَا خِلَافٍ لَا يُعْتَدُّ بِهِ كَمَا لَا يُعْتَدُّ بِإِكْفَارِ مُسْتَحِلِّ الرَّقْصِ إلَخْ انْتَهَى مُلَخَّصًا فَدَعْوَى الِاتِّفَاقِ فِي حُرْمَةِ اللَّحْنِ لَيْسَ عَلَى مَا يَنْبَغِي وَلَوْ جُعِلَ قَوْلُهُ بِلَا خِلَافٍ قَيْدًا لِلِاسْتِلْزَامِ بِمَعْنَى إذَا تَغَنَّى فِي الْقُرْآنِ لَزِمَ اللَّحْنُ الْحَرَامَ إلَّا عَلَى أَنْ يَكُونَ هَذَا اللُّزُومُ بِلَا خِلَافٍ لَمْ يُفْهَمْ مِنْهُ وَجْهُ حُسْنٍ عَلَى أَنَّ فِي اسْتِلْزَامِ التَّغَنِّي لِلَّحْنِ خَفَاءٌ

[التَّغَنِّي بِمَعْنَى حُسْنِ الصَّوْتِ بِلَا لَحْنٍ وَلَا زِيَادَةٍ وَإِسْقَاطِ حَرْفٍ مِنْ الْقُرْآنُ]

(وَأَمَّا) (التَّغَنِّي بِمَعْنَى حُسْنِ الصَّوْتِ بِلَا لَحْنٍ) وَلَا زِيَادَةٍ وَإِسْقَاطِ حَرْفٍ (فَمَنْدُوبٌ إلَيْهِ رَزَّاقٌ عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «زَيِّنُوا أَصْوَاتَكُمْ بِالْقُرْآنِ» أَيْ الْهَجُوا بِقِرَاءَتِهِ وَاشْغَلُوا أَصْوَاتَكُمْ بِهِ وَاتَّخِذُوهُ شِعَارًا وَزِينَةً لِأَصْوَاتِكُمْ وَزِيدَ فِي رِوَايَةِ الْحَاكِمِ «فَإِنَّ الصَّوْتَ الْحَسَنَ يُزِيدُ الْقُرْآنَ حُسْنًا» وَفِي الْفَيْضِ وَفِي رِوَايَةٍ بِحُسْنِ الصَّوْتِ وَجُودَةِ الْأَدَاءِ بَعْثٌ لِلْقُلُوبِ لِاسْتِمَاعِهِ وَتَدَبُّرِهِ وَالْإِصْغَاءِ إلَيْهِ قَالَ التوربشتي هَذَا إذَا لَمْ يُخْرِجْهُ التَّغَنِّي عَنْ التَّجْوِيدِ وَإِلَّا عَادَ الِاسْتِحْبَابُ كَرَاهَةً وَأَمَّا التَّكْلِيفُ بِأَوْزَانِ الْمُوسِيقَى فَمِنْ أَسْوَأِ الْبِدَعِ فَيَجِبُ عَلَى التَّالِي التَّعْزِيرُ وَعَلَى السَّامِعِ النَّكِيرُ قِيلَ فِيهِ: نُدِبَ سَمَاعُ حَسَنِ الصَّوْتِ (وَفِي رِوَايَةِ د س «زَيِّنُوا الْقُرْآنَ

<<  <  ج: ص:  >  >>