للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(مِمَّا فِيهِ أَمَارَةٌ ظَاهِرَةٌ لِلْحُرْمَةِ) كَغَلَبَةِ الظَّنِّ فِي حُرْمَتِهِ لَكِنَّ ظَاهِرَ حَدِيثِ «الْحَلَالُ بَيِّنٌ وَالْحَرَامُ بَيِّنٌ وَبَيْنَهُمَا مُشْتَبِهَاتٌ لَا يَعْلَمُهُنَّ كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ فَمَنْ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ فَقَدْ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ، وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ وَقَعَ فِي الْحَرَامِ» فَيُجْعَلُ عَلَى هَذَا مِنْ قَبِيلِ عَامٍّ خُصَّ مِنْهُ الْبَعْضُ وَمَعَ هَذَا الْأَوْلَى مُطْلَقُ الِاجْتِنَابِ عَلَى قَدْرِ الْإِمْكَانِ (وَمِمَّنْ لَهُ شُهْرَةٌ تَامَّةٌ بِالظُّلْمِ أَوْ الْغَضَبِ أَوْ السَّرِقَةِ) مِنْ قَبِيلِ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ وَكَذَا قَوْلُهُ (أَوْ الْخِيَانَةِ أَوْ التَّزْوِيرِ أَوْ نَحْوِهَا) عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ غَالِبُ مَالِ الْمَهْدِيِّ إنْ حَلَالًا لَا بَأْسَ بِقَبُولِ هَدِيَّتِهِ وَأَكْلِ مَالِهِ مَا لَمْ يَتَبَيَّنْ أَنَّهُ مِنْ حَرَامٍ وَإِنْ غَالِبُ مَالِهِ حَرَامًا لَا يَقْبَلُهَا وَلَا يَأْكُلُ لَا إذَا قَالَ: إنَّهُ حَلَالٌ وَرِثَهُ أَوْ اسْتَقْرَضَهُ فَلَوْ كَانَ غَالِبُ مَالِهِ حَلَالًا لَا بَأْسَ بِهِ مَا لَمْ يَتَبَيَّنْ أَنَّهُ حَرَامٌ، وَفِي قَاضِي خَانْ؛ لِأَنَّ أَمْوَالَ النَّاسِ لَا تَخْلُو عَنْ قَلِيلِ حَرَامٍ فَيُعْتَبَرُ الْغَالِبُ (مِمَّا يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ مِنْ غَيْرِ تَرْكِ مَا فِعْلُهُ أَوْلَى مِنْهُ بِهِ) أَيْ أَوْلَى مِمَّا احْتَرَزَ مَثَلًا إذَا كَانَ فِي التَّوَرُّعِ مِنْ ذَلِكَ خَوْفُ الرِّيَاءِ الَّذِي هُوَ حَرَامٌ قَطْعِيٌّ أَوْ خَوْفُ لُحُوقِ الضَّرَرِ لِنَفْسِهِ أَوْ مَالِهِ أَوْ أَقْرِبَائِهِ أَوْ الْأَذَى لَهُ أَوْ عَدَمُ نُفُوذِ قَوْلِهِ فِي دَفْعِ الْمُنْكَرِ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ، فَعَدَمُ الِاحْتِرَازِ أَوْلَى وَأَهَمُّ ذَكَرَهُ الْمُحَشِّي (أَوْ) مِنْ غَيْرِ (فِعْلِ مَا تَرَكَهُ كَذَلِكَ) أَيْ مَا تَرَكَهُ أَوْلَى مِنْ ذَلِكَ بِهِ (فَإِذَا لَمْ يُمْكِنْ الْوَرَعُ عَنْ الشُّبُهَاتِ الْمَالِيَّةِ فِي زَمَانِنَا) لِغَلَبَةِ الْجَهْلِ وَغَلَبَةِ الظُّلْمِ وَتَشَوُّشِ الْأَثْمَانِ وَتَشَوُّشِ الْأَرَاضِي كَمَا فُصِّلَ (فَالْمَرْجُوّ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ - تَعَالَى - أَنَّ مَنْ اتَّقَى وَتَوَرَّعَ فِي غَيْرِهِمْ) غَيْرِ الشُّبُهَاتِ الْمَالِيَّةِ بِأَنْ تَطَهَّرَ عَمَّا مَرَّ مِنْ الرَّذَائِلِ وَتَزَيَّنَ بِالْفَضَائِلِ (يَحْصُلُ لَهُ ثَوَابَ الْمُتَّقِي) مَنْصُوبٌ عَلَى نَزْعِ الْخَافِضِ وَأَلَّا نُخَطِّئَ عَامَّةَ السَّلَفِ الَّذِينَ تَوَرَّعُوا فِي الْمَالِيَّةِ مَهْمَا أَمْكَنَ بَلْ الْكُلُّ عَنْ بَعْضٍ (وَالْمُتَوَرِّعِ فِي الْكُلِّ؛ لِأَنَّ الطَّاعَةَ بِحَسَبِ الطَّاقَةِ) قَالَ تَعَالَى {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن: ١٦] فَإِنْ قِيلَ لَا نُسَلِّمُ عَدَمَ الِاسْتِطَاعَةِ فَإِنَّ كَسْبَ الْعَارِفِ بِأَحْكَامِ التِّجَارَاتِ وَلَا ظُلْمَ لَهُ بِغَيْرِ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ أَوْ بِهِمَا لَكِنْ بِوَزْنِهِمَا وَهُوَ فِي غَيْرِ دِيَارِ الْأَرَاضِي الْأَمِيرِيَّةِ أَوْ فِيهَا لَكِنْ يُهَاجِرُ مِنْهَا إلَى دِيَارِ الْعُشْرِيَّةِ أَوْ الْخَرَاجِيَّةِ أَوْ لَمْ يُهَاجِرْ، وَلَكِنَّ الْأَرَاضِيَ مَوْرُوثَةٌ لَهُ عَنْ الْآبَاءِ وَالْأَجْدَادِ ذَكَرًا عَنْ ذَكَرٍ كَمَا سَبَقَ مُمْكِنٌ بَلْ وَاقِعٌ غَيْرُ مُتَعَذِّرٍ وَأَيْضًا وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ التَّوَرُّعُ عَنْ الْمَجْمُوعِ مِنْ حَيْثُ هُوَ مَجْمُوعٌ فَلَمْ يُؤْمَرْ بِالتَّوَرُّعِ عَنْ الْبَعْضِ الَّذِي أَمْكَنَ فِي حَقِّهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي بَعْضٍ آخَرَ

قُلْنَا: نَعَمْ لَكِنْ لَعَلَّ الْمُرَادَ مِنْ عَدَمِ الْإِمْكَانِ وَالِاسْتِطَاعَةِ مَا هُوَ عَلَى جَعْلِهِ - تَعَالَى - كَرَمًا وَفَضْلًا لَهُمْ لَا الْعَقْلِيُّ أَوْ الِامْتِنَاعُ الْعَادِيُّ؛ إذْ ذَلِكَ مَبْنِيٌّ عَلَى شُرُوطِ الْقُدْرَةِ الْمُيَسَّرَةِ لَا الْمُمْكِنَةِ، وَأَنَّ مِثْلَ مَا ذُكِرَ نَادِرٌ وَحُكْمُ الشَّرْعِ عَلَى الْغَالِبِ وَأَنَّ حُكْمَ الشَّرْعِ عَلَى الْجِنْسِ لَا عَلَى الْأَفْرَادِ وَمَعَ ذَلِكَ لَعَلَّ الْمُصَنِّفَ لَا يَنْفِي أَوْلَوِيَّةَ التَّوَرُّعِ عَنْ الْكُلِّ عَلَى شُرُوطِ الْقُدْرَةِ الْمُمْكِنَةِ لِمَنْ الْتَزَمَ ذَلِكَ كَمَا نُقِلَ عَنْ بَعْضِ السَّلَفِ، أَوْ اعْتِبَارُ الْمُصَنِّفِ عَلَى الْمُتَّقِي بِالْمَعْنَى الْمُتَوَسِّطِ، وَلَا يَنْفِي عَنْ الْمُتَّقِي بِالْمَعْنَى الثَّالِثِ كَمَا عَرَفْت الْمَعَانِيَ الثَّلَاثَةَ مَتْنًا وَشَرْحًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

[الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي أُمُورٍ مُبْتَدَعَةٍ بَاطِلَةٍ]

(أَكَبَّ) أَصَرَّ (النَّاسُ عَلَيْهَا عَلَى ظَنِّ أَنَّهَا قُرَبٌ مَقْصُودَةٌ) لِاسْتِيلَاءِ الْجَهَالَةِ أَوْ بِالْقِيَاسِ عَلَى مَا لَا يَصِحُّ قِيَاسُهُ عَلَيْهَا أَوْ بِظَنِّ مَا لَا يَكُونُ دَلِيلًا (وَهَذِهِ كَثِيرَةٌ) قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي بَعْضِ الْحَوَاشِي كَاتِّخَاذِ الضِّيَافَةِ لِلْمَيِّتِ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ وَالسَّابِعِ وَالْأَرْبَعِينَ وَتَمَامِ السَّنَةِ وَلِلدُّعَاءِ عِنْدَ خَتْمِ الْقُرْآنِ وَلِقِرَاءَةِ سُورَةِ الْأَنْعَامِ أَوْ الْإِخْلَاصِ وَالْأَكْلِ فِي الْمَقَابِرِ فِي الْأَعْيَادِ وَالْمَسَاجِدِ وَوَضْعِ الْكِيزَانِ فِيهَا لِلشُّرْبِ وَدَعْوَةِ النِّسَاءِ ذَوَاتِ الْأَزْوَاجِ وَخُرُوجِهِنَّ إلَى أَكْلِ الطَّعَامِ الْمَذْكُورِ فِي بَيْتِ غَيْرِ الْمَحْرَمِ وَاجْتِمَاعِهِنَّ فِيهِ وَقِرَاءَةِ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ مَوْلِدَ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - بِالْجَهْرِ وَاسْتِمَاعِ الْبَوَاقِي وَخُرُوجِهِنَّ لِلتَّعْزِيَةِ وَالتَّهْنِئَةِ وَالْعِيَادَةِ لِغَيْرِ الْمَحْرَمِ وَتَجْصِيصِ الْقُبُورِ وَالْبِنَاءِ عَلَيْهَا وَالْكِتَابَةِ عَلَى أَحْجَارِهَا وَإِيقَادِ الشُّمُوعِ عَلَيْهَا فِي اللَّيَالِيِ وَتَقْبِيلِ قُبُورِ الصَّالِحِينَ وَالسُّجُودِ إلَيْهَا وَالْجَهْرِ بِالذِّكْرِ عِنْدَ غُسْلِ الْجِنَازَةِ وَتَشْيِيعِهَا وَعِنْدَ

<<  <  ج: ص:  >  >>