يُؤَدِّي إلَيْهِ (وَأَقْبَحُ الطَّمَعِ الطَّمَعُ مِنْ النَّاسِ) قِيلَ: لِمَا أَنَّ طَبْعَ النَّاسِ إهَانَةُ مَنْ عَلِمُوا مِنْهُ ذَلِكَ وَمُقَابَلَتُهُمْ لَهُ بِأَنْوَاعِ الْمُكَافَحَةِ وَالْإِعْرَاضِ (وَهُوَ) أَيْ الطَّمَعُ (ذُلٌّ يَنْشَأُ مِنْ الْحِرْصِ) عَلَى الدُّنْيَا (وَالْبَطَالَةِ) وَهُوَ الْقُعُودُ مِنْ غَيْرِ عَمَلٍ وَكَسْبٍ (وَالْجَهْلِ بِحِكْمَةِ اللَّهِ - تَعَالَى - فِي الْحَاجَةِ) مُتَعَلِّقٌ بِالْحِكْمَةِ لِأَهْلِ الدُّنْيَا (إلَى التَّعَاوُنِ) بِأَمْوَالِ الْأَغْنِيَاءِ وَأَبْدَانِ الْفُقَرَاءِ فَلَوْ غَنِيَ الْكُلُّ لَبَطَلَتْ الْحِكْمَةُ وَاخْتَلَّ النِّظَامُ.
(وَضِدُّ الطَّمَعِ التَّفْوِيضُ) إلَى اللَّهِ تَعَالَى (وَهُوَ إرَادَةُ أَنْ يَحْفَظَ اللَّهُ - تَعَالَى - عَلَيْك مَصَالِحَك) الَّتِي يَصْلُحُ بِهَا فِيك وَيَنْتَظِمُ بِهَا مَعَاشُك وَمَعَادُك (فِيمَا لَا تَأْمَنُ) مُتَعَلِّقٌ بِأَنْ يَحْفَظَ (فِيهِ الْخَطَرَ) أَيْ الْإِشْرَافَ عَلَى الْهَلَاكِ وَخَوْفَ التَّلَفِ (أَعْنِي النَّوَافِلَ) فَالْخَطَرُ فِيهَا بِالرِّيَاءِ وَالْعُجْبِ (وَالْمُبَاحَاتِ) وَهُوَ الْجَرُّ وَالتَّأَدِّي إلَى الشُّرُورِ (وَإِنْ كَانَ فِيهِ) أَيْ فِيمَا لَا يُؤْمَنُ فِيهِ الْخَطَرُ (صَلَاحُك) بِحِفْظِك مِنْ ذَلِكَ (يَسُرُّك) بِسَبَبِ التَّفْوِيضِ بِرَفْعِ الْمَوَانِعِ (وَإِلَّا مَنَعَك) بِخَلْقِ الْمَوَانِعِ وَعَدَمِ الْمُيُولَاتِ كَمَا هُوَ مَضْمُونُ دُعَاءِ الِاسْتِخَارَةِ الْمَعْهُودَةِ (قَالَ اللَّهُ - تَعَالَى - حِكَايَةً) عَنْ مُؤْمِنِ آلِ فِرْعَوْنَ وَهُوَ الْأَصَحُّ، وَقِيلَ: عَنْ مُوسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - {وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ} [غافر: ٤٤] لِيَعْصِمَنِي مِنْ كُلِّ سُوءٍ {إِنَّ اللَّهَ} [غافر: ٤٤] تَعْلِيلٌ لِلْحُكْمِ السَّابِقِ {بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ} [غافر: ٤٤] فَيَحْرُسُهُمْ وَيُعْطِيهِمْ مَا يُرِيدُ، قِيلَ: قَالَهُ حِينَ أَرَادُوا قَتْلَهُ لِأَجْلِ دَعْوَتِهِ إيَّاهُمْ إلَى الْإِيمَانِ وَتَرْكِ عِبَادَةِ الْأَصْنَامِ فَبَعَثَ فِرْعَوْنُ لِطَلَبِهِ وَلَمْ يَقْدِرُوا عَلَيْهِ {فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا} [غافر: ٤٥] آلُ فِرْعَوْنَ، وَالْمَكْرُ الْخَدِيعَةُ أَيْ شَرُّ مَا أَرَادُوا بِهِ (اُنْظُرْ) أَيُّهَا السَّالِكُ الْمُتَفَطِّنُ (كَيْفَ عَقَّبَ) اللَّهُ (التَّفْوِيضَ) بَلْ فَرَّعَ عَلَيْهِ (بِالْوِقَايَةِ) بِالْفَاءِ الدَّالَّةِ عَلَى التَّعْقِيبِ بَلْ التَّرْتِيبِ (وَهُوَ) أَيْ التَّفْوِيضُ (مَقَامٌ شَرِيفٌ) لِصَاحِبِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّسْلِيمِ وَالِانْقِيَادِ إلَى خَالِقِهِ (يَدُلُّ عَلَى حُسْنِهِ) النَّقْلُ كَمَا وَرَدَ فِي الْآيَاتِ وَالْأَحَادِيثِ وَ (الْعَقْلُ أَيْضًا) فَإِنَّ الْعَبْدَ الْعَاجِزَ عَنْ التَّأْثِيرِ فِي كُلِّ شَيْءٍ لَا يَلِيقُ لَهُ أَمْرٌ سِوَى التَّفْوِيضِ إلَى مَنْ بِيَدِهِ تَصَرُّفُ كُلِّ شَيْءٍ وَأَنَّ الْعَبْدَ لَا يَدْرِي عَاقِبَةَ أَمْرِهِ صَلَاحِهِ وَفَسَادِهِ وَلَا يَقْدِرُ عَلَى جَلْبِ نَفْعٍ وَدَفْعِ ضُرٍّ فَلَا يَلِيقُ لَهُ أَمْرٌ سِوَى التَّسْلِيمِ إلَى الْحَكِيمِ الْقَادِرِ الْعَلِيمِ.
[الْمَبْحَثُ السَّادِسُ مِنْ السَّبْعَةِ فِي أُمُورٍ مُتَرَدِّدَةٍ بَيْنَ الرِّيَاءِ وَالْإِخْلَاصِ]
(الْمَبْحَثُ السَّادِسُ مِنْ السَّبْعَةِ)
(فِي أُمُورٍ مُتَرَدِّدَةٍ بَيْنَ الرِّيَاءِ وَالْإِخْلَاصِ أَوْ) بَيْنَ الرِّيَاءِ وَ (الْحَيَاءِ) مِنْ اللَّهِ تَعَالَى (يَدْخُلُ فِي كِلَا الْجَانِبَيْنِ) أَيْ الرِّيَاءِ وَمُقَابِلُهُ (تَلْبِيسُ إبْلِيسٍ) فَلْيَكُنْ السَّالِكُ عَلَى بَصِيرَةٍ وَتَيَقُّظٍ (فَلْنَقْدَمْ) عَلَى بَيَانِ تِلْكَ الْأُمُورِ الْمُتَرَدِّدَةِ (مُقَدَّمَةٌ فِي) أَمْرَيْنِ الْأَوَّلُ بَيَانُ (دَفْعِ) وَسْوَسَةِ (الشَّيْطَانِ) وَدَعْوَتِهِ (وَ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute