للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(دُنْيَا. عَنْ جَابِرٍ مَرْفُوعًا «مَنْ نَصَرَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ بِالْغَيْبِ»

بِأَيِّ نُصْرَةٍ كَانَتْ فَيَدْخُلُ فِيهِ مَا نَحْنُ فِيهِ دُخُولًا أَوَّلِيًّا «نَصَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ» جَزَاءً وِفَاقًا وَنُصْرَةُ الْمَظْلُومِ فَرْضُ كِفَايَةٍ إنْ قَدَرَ كَمَا فِي الْجَامِعِ «مَنْ نَصَرَ أَخَاهُ بِظَهْرِ الْغَيْبِ وَهُوَ يَسْتَطِيعُ» .

قَالَ الْمُنَاوِيُّ هَذَا إذَا لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَى نَصْرِهِ مَفْسَدَةٌ أَشَدُّ مِنْ مَفْسَدَةِ التَّرْكِ فَلَوْ عَلِمَ أَوْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ لَا يُفِيدُ سَقَطَ الْوُجُوبُ وَنُفِيَ أَصْلُ النَّدْبِ بِالشَّرْطِ الْمَذْكُورِ فَلَوْ تَسَاوَتْ الْمَفْسَدَتَانِ خُيِّرَ وَشَرْطُ النَّاصِرِ كَوْنُهُ عَالِمًا بِكَوْنِ الْفِعْلِ ظُلْمًا قَالَ الذَّهَبِيُّ فِي التَّهْذِيبِ وَأَخْطَأَ مَنْ رَفَعَهُ (شَيْخٌ. عَنْ أَنَسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مَرْفُوعًا «مَنْ اُغْتِيبَ عِنْدَهُ أَخُوهُ الْمُسْلِمُ فَلَمْ يَنْصُرْهُ وَهُوَ يَسْتَطِيعُ نَصْرَهُ أَدْرَكَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ» دُنْيَا. عَنْ أَنَسٍ مَرْفُوعًا «مَنْ حَمَى»

حَفِظَ «عِرْضَ أَخِيهِ فِي الدُّنْيَا» كَمَنْعِ مَنْ اغْتَابَهُ وَزَجْرِ مَنْ بَهَتَهُ وَبِهِ يَظْهَرُ مَحَلُّ الِاسْتِشْهَادِ لَكِنَّ تَمَامَهُ يَظْهَرُ بِحَمْلِ إضَافَةِ لَفْظِ عِرْضِ عَلَى الِاسْتِغْرَاقِ كَإِضَافَةِ لَفْظِ أَخٍ وَهُوَ الْأَصْلُ عِنْدَ عَدَمِ قَرِينَةِ الْعَهْدِ وَدَلِيلِ الْجِنْسِ «بَعَثَ اللَّهُ مَلَكًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَحْمِيهِ مِنْ النَّارِ» لِحِفْظِهِ أَخَاهُ مِنْ نَارِ الدُّنْيَا أَعْنِي الْوُقُوعَ فِي عِرْضِهِ فَإِنَّهُ تَعَالَى غَيُورٌ يَحْمِي مَنْ يَحْمِي عَبْدَهُ (شَيْخٌ. عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - «مَنْ ذَبَّ»

أَيْ مَنَعَ «عَنْ عِرْضِ أَخِيهِ» شَيْئًا عَلَى مُوجِبِ الْأُخُوَّةِ مِنْ النُّصْرَةِ وَالْقَهْرِ عَلَى مَنْ لَمْ يَحْفَظْ مَا اقْتَضَاهُ مَعْنَى الْأُخُوَّةِ مِنْ الْغَيْرَةِ «رَدَّ اللَّهُ عَنْهُ عَذَابَ النَّارِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» الظَّاهِرُ فِيمَا أَوْجَبَهُ مِنْ صَغَائِرِهِ وَفِي الْجَامِعِ «مَنْ ذَبَّ عَنْ عِرْضِ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ بِالْغِيبَةِ كَانَ حَقًّا عَلَى اللَّهِ تَعَالَى أَنْ يَقِيَهُ مِنْ النَّارِ» .

قَالَ شَارِحُهُ وَفِي رِوَايَة أَنْ يُعْتِقَهُ زَادَ فِي رِوَايَةٍ - {وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ} [الروم: ٤٧]- وَفِيهِ أَنَّ الْمُسْتَمِعَ لَا يَخْرُجُ مِنْ إثْمِ الْغِيبَةِ إلَّا أَنْ يُنْكِرَ بِلِسَانِهِ فَإِنْ خَافَ فَبِقَلْبِهِ فَإِنْ قَدَرَ عَلَى الْقِيَامِ أَوْ قَطْعِ الْكَلَامِ لَزِمَهُ وَإِنْ قَالَ بِلِسَانِهِ اُسْكُتْ وَهُوَ نِفَاقٌ.

قَالَ الْغَزَالِيُّ وَلَا يَكْفِي الْإِشَارَةُ بِالْيَدِ أَنْ اُسْكُتْ أَوْ بِحَاجِبِهِ أَوْ رَأْسِهِ فَإِنَّهُ احْتِقَارٌ لِلْمَذْكُورِ بَلْ يَنْبَغِي الذَّبُّ عَنْهُ صَرِيحًا كَمَا دَلَّتْ الْأَخْبَارُ انْتَهَى «وَتَلَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» دَلِيلُ وُجُوبِ النَّصْرِ لِلْمُؤْمِنِ عَلَى الْكِفَايَةِ « {وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ} [الروم: ٤٧] » إنْ قَدَرَ عَلَى مَنْعِهِ

(تَتِمَّةٌ) قَالَ فِي الْمِفْتَاحِ وَأَمَّا كَفَّارَةُ الْغِيبَةِ فَهُوَ أَنْ يَنْدَمَ وَيَتُوبَ وَيَتَأَسَّفَ عَلَى فِعْلِهِ ثُمَّ يَسْتَحِلَّ الْمُغْتَابَ لِيُحِلَّهُ فَيَخْرُجَ عَنْ مَظْلِمَتِهِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَتَحَلَّلَهُ وَهُوَ حَزِينٌ مُتَأَسِّفٌ نَادِمٌ عَلَى فِعْلِهِ وَأَمَّا الَّذِي يَسْتَحِلُّ بِلَا نَدَمٍ فَمُرَاءٍ وَذَلِكَ مَعْصِيَةٌ أُخْرَى وَمَا قِيلَ: الْعِرْضُ لَا عِوَضَ لَهُ كَالْمَالِ فَلَا يَجِبُ الِاسْتِحْلَالُ كَلَامٌ ضَعِيفٌ إذْ وَجَبَ فِي الْعِرْضِ حَدُّ الْقَذْفِ ثُمَّ الْمُرَادُ بِتَحْلِيلِ الْغِيبَةِ الْعَفْوُ عَنْ الْمَظْلِمَةِ لَا أَنْ يَنْقَلِبَ الْحَلَالُ حَرَامًا كَمَا ظُنَّ وَقِيلَ إنَّ التَّحْلِيلَ غَيْرُ مُمْكِنٍ.

[السَّابِعُ مِنْ آفَاتِ اللِّسَانِ النَّمِيمَةُ]

(السَّابِعُ) مِنْ آفَاتِ اللِّسَانِ (النَّمِيمَةُ وَهِيَ كَشْفُ مَا يُكْرَهُ كَشْفُهُ وَإِفْشَاءُ السِّرِّ) أَيْ سِرُّ الْغَيْرِ سَوَاءٌ كَرِهَهُ الْمَنْقُولُ عَنْهُ أَوْ الْمَنْقُولُ إلَيْهِ أَوْ كَرِهَهُ ثَالِثٌ وَسَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ بِالْقَوْلِ أَوْ الْكَتْبِ أَوْ الرَّمْزِ أَوْ الْإِيمَاءِ وَسَوَاءٌ كَانَ الْمَنْقُولُ مِنْ الْأَقْوَالِ أَوْ الْأَعْمَالِ وَسَوَاءٌ كَانَ

<<  <  ج: ص:  >  >>