تَوَجَّعَ عِرْقٌ وَاحِدٌ فِي يَدِك لَصِرْت أَعْجَزَ مِنْ كُلِّ عَاجِزٍ وَأَذَلَّ مِنْ كُلِّ ذَلِيلٍ وَأَنَّهُ لَوْ سَلَبَ الذُّبَابُ مِنْك شَيْئًا لَا تَسْتَنْقِذُهُ وَإِنْ بَقَّةٌ لَوْ دَخَلَتْ أَنْفَك أَوْ نَمْلَةٌ دَخَلَتْ أُذُنَك لَقَتَلَتْك وَإِنْ شَوْكَةٌ لَوْ دَخَلَتْ رِجْلَك لَأَعْجَزَتْك فَمَنْ لَا يُطِيقُ دَفْعَ أَمْثَالِ هَذِهِ فَكَيْفَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَفْتَخِرَ بِقُوَّتِهِ كَمَا فِي الْإِحْيَاءِ (فَلَا تَقْدِرُ عَلَى حِفْظِهَا) أَيْ الْقُوَّةِ وَقَدْ قِيلَ حُمَّى يَوْمٍ تُذْهِبُ نَعِيمَ سَنَةٍ (وَلَا عَلَى تَحْصِيلِهَا) بَعْدَ الزَّوَالِ بِأَدْنَى عِلَّةٍ (بَلْ هِيَ كَظِلٍّ زَائِلٍ) بِالْوَصْفِ (وَنَوْمِ نَائِمٍ) فِي سُرْعَةِ التَّقَضِّي وَعَدَمِ الْحِفْظِ.
[وَالسَّادِسُ الْمَالُ وَالتَّلَذُّذُ بِمَتَاعِ الدُّنْيَا مِنْ أَسْبَابِ الْكِبْرِ]
(وَالسَّادِسُ الْمَالُ وَالتَّلَذُّذُ بِمَتَاعِ الدُّنْيَا) وَعِلَاجُهُ يُعْرَفُ مِنْ السَّبَبِ السَّابِعِ.
(وَالسَّابِعُ) آخِرُ الْأَسْبَابِ (الْأَتْبَاعُ مِنْ الْبَنِينَ وَالْأَقَارِبِ وَالْغِلْمَانِ وَالْجَوَارِي وَالتَّلَامِذَةِ وَالتَّقَرُّبُ مِنْ السُّلْطَانِ وَوُلَاتِهِ) جَمْعُ وَالٍ (وَقُضَاتِهِ) بِالْجُمْلَةِ كُلُّ مَنْ لَهُ مُكَاثَرَةٌ وَمُغَالَبَةٌ بِأَيِّ طَرِيقٍ (وَهَذَانِ) السَّبَبَانِ السَّادِسُ وَالسَّابِعُ (أَقْبَحُ أَنْوَاعِ أَسْبَابِ الْكِبْرِ؛ لِأَنَّهُ تَكَبُّرٌ بِمَا هُوَ خَارِجٌ عَنْ ذَاتِ الْإِنْسَانِ) وَيَدُهُ عَلَيْهِ يَدُ عَارِيَّةٍ (سَرِيعُ الزَّوَالِ وَالِانْقِلَابِ) فَأَيْنَ هَرَامِسَةُ الدُّهُورِ وَقَيَاصِرَةُ الْقُصُورِ وَأَيْنَ شَدَّادٌ وَعَادٌ وَأَيْنَ إرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ، كُلُّهُمْ مَضَوْا وَتَرَكُوا وَأَنَّهُ لَوْ تَكَبَّرَ بِفَرَسِهِ مَثَلًا وَدَارِهِ فَمَاتَ فَرَسُهُ وَهُدِمَتْ دَارُهُ لَعَادَ ذَلِيلًا فَالْمُتَكَبِّرُ بِأَمْرٍ خَارِجٍ عَنْ ذَاتِهِ فَهُوَ ظَاهِرُ الْجَهْلِ (يَشْتَرِكُ فِيهِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى) بَلْ أَكْثَرُ؛ لِأَنَّ الدُّنْيَا جَنَّتُهُمْ (لَوْ هَلَكَ مَالُهُ أَوْ أَتْبَاعُهُ أَوْ عُزِلَ) فِعْلٌ مَجْهُولٌ أَيْ مِنْ قُرْبِ السُّلْطَانِ مَثَلًا (أَوْ مَاتَ سَنَدُهُ كَانَ أَذَلَّ الْخَلْقِ وَأَحْقَرَهُمْ فَأُفٍّ) بِالتَّنْوِينِ وَغَيْرِهِ اسْمُ صَوْتٍ بِمَعْنَى أَتَقَذَّرُ وَأَتَضَجَّرُ وَقِيلَ اسْمُ فِعْلٍ بِمَعْنَى مَا ذُكِرَ قَالَ فِي الْإِتْقَانِ كَلِمَةٌ تُسْتَعْمَلُ عِنْدَ التَّضَجُّرِ وَالتَّكَرُّهِ وَالْكَرْبِ وَالْبُؤْسِ ثُمَّ حَكَى فِيهَا تِسْعًا وَثَلَاثِينَ لُغَةً وَتَفْصِيلُهَا فِيهِ (لِشَرَفٍ) فِي اعْتِقَادِك (يَسْبِقُك بِهِ الْيَهُودُ) وَهُمْ أَرْذَلُ خَلْقِ اللَّهِ (وَأُفٍّ لِشَرَفٍ يَأْخُذُهُ السَّارِقُ فِي لَحْظَةٍ) فَتَعُودُ ذَلِيلًا مُفْلِسًا وَهَذِهِ أَسْبَابٌ لَيْسَتْ فِي ذَاتِهِ وَمَا لَيْسَ فِي ذَاتِهِ لَيْسَ إلَيْهِ دَوَامُ وُجُودِهِ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ وَبَالٌ وَنَكَالٌ فَالتَّفَاخُرُ بِهِ غَايَةُ جَهْلٍ وَكُلُّ مَا لَيْسَ إلَيْك فَلَيْسَ لَك وَشَيْءٌ مِنْ هَذِهِ الْأُمُورِ لَيْسَ إلَيْك، بَلْ إلَى وَاهِبِهِ إنْ أَبْقَاهُ بَقِيَ وَإِنْ أَزَالَهُ زَالَ وَمَا أَنْتَ إلَّا عَبْدٌ مَمْلُوكٌ لَا تَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ فَإِذَا عَرَفْت ذَلِكَ فَلَا بُدَّ أَنْ يَزُولَ كِبْرُك وَتَتَوَجَّهَ إلَى الْبَاقِيَاتِ الصَّالِحَاتِ.
[لَلتَّكَبُّرَ دُونَ الْكِبْرِ ثَلَاثَةُ أَسْبَابٍ أُخَرُ الْأَوَّلُ الْحِقْدُ]
(ثُمَّ إنَّ التَّكَبُّرَ فَقَطْ) دُونَ الْكِبْرِ (ثَلَاثَةُ أَسْبَابٍ أُخَرُ) الْأَوَّلُ (الْحِقْدُ) بِالْكَسْرَةِ قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ هُوَ الِانْطِوَاءُ عَلَى الْعَدَاوَةِ وَالْبَغْضَاءِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute