للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(لَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ أَنْ لَا يَكُونَ ذَلِكَ) الِاحْتِرَازُ (لِلرِّيَاءِ وَالتَّكَبُّرِ وَعَلَامَةُ الْإِخْلَاصِ) فِي الِاحْتِرَازِ عَنْهُمَا (اسْتِوَاءُ الْخَلْوَةِ وَالْخِلْطَةِ)

[الثَّانِي وَالْخَمْسُونَ الْعِنَادُ وَمُكَابَرَةُ الْحَقِّ وَإِنْكَارُهُ]

(الثَّانِي وَالْخَمْسُونَ) (الْعِنَادُ وَمُكَابَرَةُ الْحَقِّ وَإِنْكَارُهُ بَعْدَ الْعِلْمِ بِهِ) كَإِنْكَارِ أَبِي جَهْلٍ نُبُوَّتَهُ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَلْ كُفْرُ أَبِي طَالِبٍ لِخَوْفِ لَوْمِ قَوْمِهِ رِيَاءً (وَهُوَ نَاشِئٌ مِنْ الرِّيَاءِ) خَوْفًا مِنْ سُقُوطِ نَظَرِهِمْ وَهُمْ يَعْتَقِدُونَهُ شَرِيفًا وَعَالِيًا وَخَوْفًا مِنْ لُزُومِ الْمُتَابَعَةِ وَهُوَ مَتْبُوعُهُمْ (أَوْ الْحِقْدِ أَوْ الْحَسَدِ) مِمَّنْ لَهُ الرِّيَاءُ (أَوْ الطَّمَعِ) فِي حُصُولِ أَمْرٍ يَفُوتُ لَوْ جَرَى مَعَ الْحَقِّ وَعَنْ الْبُخَارِيِّ مِنْ رِوَايَةِ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - وَعَنْ أَبَوَيْهَا «أَبْغَضُ الرِّجَالِ إلَى اللَّهِ الْأَلَدُّ الْخَصِمُ» وَضِدُّهُ قَبُولُ الْحَقِّ وَهُوَ مِنْ آثَارِ الْإِيمَانِ وَصِفَاتِ الصَّالِحِينَ وَفِي الْجَامِعِ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - «الْمُؤْمِنُونَ هَيِّنُونَ» مِنْ الْهَوْنِ بِمَعْنَى السَّكِينَةِ وَالْوَقَارِ «لَيِّنُونَ» مِنْ اللِّينِ ضِدُّ الْخُشُونَةِ وَفُسِّرَ الْهَيِّنُ بِسُهُولَتِهِ فِي أَمْرِ دُنْيَاهُ وَمُهِمَّاتِ نَفْسِهِ.

وَأَمَّا فِي دِينِهِ فَكَمَا قَالَ عُمَرُ صِرْت فِي الدِّينِ أَصْلَبَ مِنْ الْحَجَرِ وَقَالَ بَعْضُ السَّلَفِ الْجَبَلُ يُمْكِنُ أَنْ يُنْحَتَ وَلَا يُنْحَتُ مِنْ دِينِ الْمُؤْمِنِ وَاللِّينُ لِينُ الْجَانِبِ وَسُهُولَةُ الِانْقِيَادِ إلَى الْخَيْرِ وَقَبُولُ الْحَقِّ بَعْدَ الْعِلْمِ وَالْمُسَامَحَةُ فِي الْمُعَامَلَةِ أُشْكِلَ بِمِثْلِ لَا تَكُنْ رَطْبًا فَتُعْصَرَ وَلَا يَابِسًا فَتُكْسَرَ وَقَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ لَا تَكُنْ حُلْوًا فَتُبْلَعَ وَلَا مُرًّا فَتُلْفَظَ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ هُوَ الِاقْتِصَادُ إذْ خَيْرُ الْأُمُورِ أَوْسَطُهَا لَا الْإِفْرَاطُ وَلَا التَّفْرِيطُ وَلَعَلَّك سَمِعْت قِصَّةَ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَهِيَ عَلَى مَا ذَكَرَ الْمُحَقِّقُ الدَّوَانِيُّ فِي آخِرِ شَرْحِ عَقَائِدِ الْعَضُدِيَّةِ أَنَّهُ دَخَلَ مِنْ السَّطْحِ دَارَ رَجُلٍ فَوَجَدَهُ عَلَى حَالَةٍ مُنْكَرَةٍ فَأَنْكَرَ عَلَيْهِ فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إنْ عَصَيْتُ مِنْ وَجْهٍ فَقَدْ عَصَيْتَ مِنْ ثَلَاثَةٍ لِأَنَّهُ تَعَالَى قَالَ - {وَلا تَجَسَّسُوا} [الحجرات: ١٢]- وَقَدْ تَجَسَّسْت وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى - {وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا} [البقرة: ١٨٩]- وَقَدْ دَخَلْت مِنْ السَّطْحِ قَالَ تَعَالَى {لا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا} [النور: ٢٧] وَمَا سَلَّمْت فَتَرَكَهُ عُمَرُ وَشَرَطَ عَلَيْهِ التَّوْبَةَ وَأَيْضًا رُجُوعُهُ إلَى قَوْلِ امْرَأَةٍ بَعْدَ حُكْمِهِ عَلَى خِلَافِهِ قَائِلًا كُلُّ النَّاسِ أَفْقَهُ مِنْ عُمَرَ حَتَّى نِسْوَانِهِمْ مَعْرُوفٌ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ وَرَضِيَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - حُكْمَ نَائِبِهِ عَلَيْهِ فِي مُخَاصَمَةِ النَّصْرَانِيِّ بِدِرْعٍ أَيْضًا مَعْرُوفٌ وَأَمْثَالُ ذَلِكَ مِنْ السَّلَفِ وَالْمَشَايِخِ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ يُحْصَى

[الثَّالِثُ وَالْخَمْسُونَ التَّمَرُّدُ]

(الثَّالِثُ وَالْخَمْسُونَ) (التَّمَرُّدُ) الْخَارِجُ عَنْ الْحَقِّ (وَالْإِبَاءُ) شِدَّةُ الِامْتِنَاعِ عَنْ الْحَقِّ (وَهُوَ عَدَمُ قَبُولِ الْعِظَةِ) أَيْ الْوَعْظِ (وَ) عَدَمُ (الْإِطَاعَةِ لِمَنْ هُوَ فَوْقَهُ) مِنْ وَلِيِّ أَمْرٍ أَوْ عَالِمٍ أَوْ وَالِدٍ أَوْ أُسْتَاذٍ لَا نَحْوَ غَنِيٍّ أَوْ ظَالِمٍ (وَسَبَبُهُ الْكِبْرُ وَالْعُجْبُ وَالرِّيَاءُ وَالْحِقْدُ وَالْحَسَدُ وَالطَّمَعُ وَاتِّبَاعُ الْهَوَى) وَعَنْ التِّرْمِذِيِّ وَالْحَاكِمِ

<<  <  ج: ص:  >  >>