للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(أَوْ عَلَى أَنْ لَا يَدْعُوَ إلَى تَكْثِيرِ الْحَلِفِ) الْمُخِلِّ بِالتَّعْظِيمِ وَالْإِجْلَالِ (أَوْ عَلَى تَعْظِيمِ أَمْرِ الْيَمِينِ) لِأَنَّ السَّلَفَ إذَا أَبَوْا مِنْهَا صَادِقِينَ لِتَعْظِيمِ اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى يَقَعُ فِي قُلُوبِ الْعَامَّةِ الْخَوْفُ مِنْ مُدَاخَلَةِ الْحَلِفِ كَاذِبًا كَمَا قَالَ (لِيَخَافَ النَّاسُ مِنْ الْغَمُوسِ أَشَدَّ الْخَوْفِ أَوْ نَحْوَهَا) مِمَّا يَكُونُ بَاعِثًا إلَى الْإِبَاءِ مِثْلَ الِاحْتِيَاطِ وَالِالْتِبَاسِ

[الْخَامِسُ وَالْأَرْبَعُونَ سُؤَالُ الْإِمَارَةِ وَالْقَضَاءِ]

(الْخَامِسُ وَالْأَرْبَعُونَ سُؤَالُ الْإِمَارَةِ وَالْقَضَاءِ) وَكَذَا الشَّفَاعَةُ وَالِاسْتِشْفَاعُ وَنَحْوُهُمَا سُؤَالُ أَمْرِ الْفَتْوَى وَتَوْلِيَةِ الْأَوْقَافِ وَالْوِصَايَةِ (فَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ كَسُؤَالِ الْمَالِ) قِيلَ لَكِنَّهُ أَدْنَى مِنْ سُؤَالِ الْمَالِ فِي الْحُرْمَةِ وَقَالَ مَكْحُولٌ لَوْ خُيِّرْت بَيْنَ الْقَضَاءِ وَبَيْنَ ضَرْبِ عُنُقِي لَاخْتَرْت ضَرْبَ عُنُقِي عَلَى الْقَضَاءِ قِيلَ ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْخَطِيبِ (خ م عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ سَمُرَةَ لَا تَسْأَلْ الْإِمَارَةَ فَإِنَّك إنْ أُعْطِيتهَا» بِالْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ «مِنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ» أَيْ سُؤَالٍ «أُعِنْت عَلَيْهَا» بِالْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ أَيْضًا أَيْ أَعَانَك اللَّهُ عَلَى تِلْكَ الْإِمَارَةِ وَحَفِظَك مِنْ الْإِثْمِ فِيهَا لِأَنَّ عَمَلَك يَكُونُ لِطَاعَةِ الْإِمَامِ وَطَاعَةُ الْإِمَامِ طَاعَةٌ لِلَّهِ تَعَالَى وَمِنْ يُطِعْ اللَّهَ يُعِنْهُ «وَإِنْ أَنْتَ أُعْطِيتهَا» بِالْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ «عَنْ مَسْأَلَةٍ وُكِلْت إلَيْهَا» بِالْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ وَالْكَافُ مُخَفَّفَةٌ أَيْ خُلِيت يَعْنِي لَا يُعِينُك اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهَا لِأَنَّك حَرَصْت عَلَى الْمَنْصِبِ وَالْجَاهِ فَلَا يَكُونُ عَمَلُك لِلَّهِ فَلَمْ يُعِنْكَ فَلَا تَتَحَصَّلُ رِعَايَةُ حُقُوقِ الْوِلَايَةِ لِأَنَّهُ بَحْرٌ عَمِيقٌ يَحْتَاجُ إلَى تَوْفِيقٍ وَيَدْخُلُ فِي الْإِمَارَةِ الْقَضَاءُ وَالْحِسْبَةُ وَعُورِضَ بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي تَخْرِيجِ أَبِي دَاوُد «مَنْ طَلَبَ قَضَاءَ الْمُسْلِمِينَ حِينَ يَنَالُهُ ثُمَّ غَلَبَ عَدْلُهُ جَوْرَهُ فَلَهُ الْجَنَّةُ وَمَنْ غَلَبَ جَوْرُهُ عَدْلَهُ فَلَهُ النَّارُ» لِأَنَّ الْعَدْلَ إعَانَةٌ مِنْهُ تَعَالَى مَعَ أَنَّهُ نَالَهُ بِالطَّلَبِ

وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهِ لَا يُعَانُ بِسَبَبِ طَلَبِهِ أَنْ لَا يَحْصُلَ مِنْهُ الْعَدْلُ إذَا وَلِيَ أَوْ يُحْمَلُ الطَّلَبُ هُنَا عَلَى الْقَصْدِ وَهُنَاكَ عَلَى التَّوْلِيَةِ أَقُولُ لَعَلَّ الْمُرَادَ عَدَمُ الْإِعَانَةِ فِي الْجَمِيعِ أَوْ الْأَكْثَرِ وَمَا غَلَبَ عَدْلُهُ فِي الْقَلِيلِ أَوْ لَفْظُ مِنْ لَيْسَ قَطْعِيًّا فِي الْعُمُومِ وَلَوْ جُعِلَ مَوْصُولًا أَوْ مَوْصُوفًا لَاتَّضَحَ الْأَمْرُ زِيَادَةَ اتِّضَاحٍ (د ت عَنْ أَنَسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ «مَنْ ابْتَغَى» طَلَبَ «الْقَضَاءِ وَسَأَلَ فِيهِ» فِي حَقِّهِ «شُفَعَاءَ» يَشْفَعُونَ لَهُ عِنْدَ السُّلْطَانِ «وُكِلَ إلَى نَفْسِهِ» وَمَنْ وُكِلَ إلَى نَفْسِهِ الَّتِي هِيَ أَعْدَى عَدُوِّهِ وَتَرَكَ اللَّهُ نَصْرَهُ وَعَوْنَهُ لَا يَتَيَسَّرُ لَهُ رِعَايَةُ حُقُوقِ الْقَضَاءِ وَإِجْرَاءُ الشَّرْعِ كَمَا يَنْبَغِي وَقَدْ وَرَدَ فِي الدُّعَاءِ لَا تَكِلْنِي إلَى نَفْسِي طَرْفَةَ عَيْنٍ وَإِنْ تَكِلْنِي إلَى نَفْسِي تُقَرِّبُنِي إلَى الشَّرِّ وَتُبَاعِدُنِي عَنْ الْخَيْرِ «وَمَنْ أُكْرِهَ عَلَيْهِ أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ مَلَكًا يُسَدِّدُهُ» أَيْ يُلْهِمُهُ السَّدَادَ وَيُوَفِّقُهُ لِلصَّوَابِ فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَا يَلِيهِ إلَّا بِإِكْرَاهٍ فَلَا سَبِيلَ إلَى الشُّرُوعِ فِيهِ إلَّا بِالْإِكْرَاهِ وَفِي الْإِكْرَاهِ قَمْعُ هَوَى

<<  <  ج: ص:  >  >>