إمَامٍ جَائِرٍ فَأَمَرَهُ وَنَهَاهُ فَقَتَلَهُ» لَعَلَّ هَذَا أَنْ يَعْلَمَ أَوْ يَظُنَّ ذَلِكَ وَإِلَّا فَمِنْ قَبِيلِ إلْقَاءِ النَّفْسِ إلَى التَّهْلُكَةِ لِأَنَّ الشَّرْعَ لَمْ يَأْمُرْ بِذَلِكَ حِينَئِذٍ (وَقِسْ عَلَى هَذَا) فَمَا أَدَّى إلَى فِتْنَةٍ دِينِيَّةٍ فَاجْتَنِبْهُ أَوْ إلَى فِتْنَةٍ بَدَنِيَّةٍ إنْ كَانَ لِغَيْرِك فَاجْتَنِبْهُ أَيْضًا إنْ لَمْ يَكُنْ رَاضِيًا وَإِنْ كَانَ لَك وَأَنْتَ صَابِرٌ فَجَائِزٌ وَجِهَادٌ وَإِلَّا فَاجْتَنِبْهُ (وَحَسْبُك فِي آفَةِ الْفِتْنَةِ قَوْله تَعَالَى - {وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ} [البقرة: ١٩١] أَيْ الْمِحْنَةُ الَّتِي يُفْتَتَنُ بِهَا الْإِنْسَانُ أَصْعَبُ مِنْ الْقَتْلِ بِدَوَامِ تَعَبِهَا وَتَأَلُّمِ النَّفْسِ بِهَا وَفِي الْحَدِيثِ «إنَّ السَّعِيدَ لَمَنْ اجْتَنَبَ الْفِتَنَ» أَيْ بَعُدَ عَنْهَا كَلُزُومِ الْبَيْتِ «وَلَمَنْ اُبْتُلِيَ» أَيْ بِالْفِتَنِ بِفَتْحِ اللَّامِ جَوَابُ قَسَمٍ فِي صَدْرِ الْحَدِيثِ «فَصَبَرَ» عَلَى مَا وَقَعَ فِي الْفِتْنَةِ وَصَبَرَ عَلَى ظُلْمِ النَّاسِ لَهُ وَتَحَمَّلَ أَذَاهُمْ، وَفِيهِ أَيْضًا الْفِتْنَةُ تَجِيءُ فَتَنْسِفُ الْعِبَادَ أَيْ تُهْلِكُهُمْ وَيَنْجُو الْعَالِمُ مِنْهَا بِعِلْمِهِ قَدْ تَكُونُ فِي النُّفُوسِ بِأَسْبَابِ الدُّنْيَا كَالْمَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْجَاهِ وَقَدْ تَكُونُ فِي الْقُلُوبِ بِالْبِدَعِ وَالْأَهْوَاءِ إلَى أَنْ تَرْتَقِيَ إلَى بِضْعٍ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً وَالْفِتَنُ فِتْنَةُ الشُّبُهَاتِ وَهِيَ الْعُظْمَى وَفِتْنَةُ الشَّهَوَاتِ وَأَصْلُ الْكُلِّ تَقْدِيمُ الرَّأْيِ عَلَى الشَّرْعِ فَفِتْنَةُ الشُّبُهَاتِ إنَّمَا تُدْفَعُ بِكَمَالِ الْبَصِيرَةِ وَالْيَقِينِ وَفِتْنَةُ الشَّهَوَاتِ إنَّمَا تُدْفَعُ بِكَمَالِ الْعَقْلِ وَالصَّبْرِ وَالدِّينِ فَالنَّجَاةُ إنَّمَا هِيَ بِالْعِلْمِ وَمَا عَدَاهُ فِي الْهَلَاكِ هَذَا عُصَارَةُ مَا فِي الْفَيْضِ
[التَّاسِعُ وَالْأَرْبَعُونَ الْمُدَاهَنَةُ]
(التَّاسِعُ وَالْأَرْبَعُونَ الْمُدَاهَنَةُ) مِنْ الدُّهْنِ كَأَنَّ صَاحِبَهَا بِمَنْزِلَتِهِ فِي عَدَمِ الصَّلَابَةِ. قِيلَ هِيَ فِي الشَّرْعِ: عَدَمُ تَغْيِيرِ الْمُنْكَرِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ رِعَايَةً لِجَانِبِ مُرْتَكِبِهِ أَوْ لِجَانِبِ غَيْرِهِ أَوْ لِقِلَّةِ الْمُبَالَاةِ بِالدِّينِ وَقِيلَ مُعَاشَرَةُ الْفُسَّاقِ وَإِظْهَارُ الرِّضَا بِمَا هُمْ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ إنْكَارٍ عَلَيْهِمْ وَقِيلَ بَذْلُ الدِّينِ لِصَلَاحِ الدُّنْيَا (وَهِيَ الْفُتُورُ وَالضَّعْفُ فِي أَمْرِ الدِّينِ كَالسُّكُوتِ عِنْدَ مُشَاهَدَةِ الْمَعَاصِي وَالْمَنَاهِي مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى التَّغْيِيرِ بِلَا ضَرَرٍ) دِينِيٍّ أَوْ دُنْيَوِيٍّ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ (فَهَذَا) أَيْ الْفُتُورُ أَوْ السُّكُوتُ حِينَئِذٍ (حَرَامٌ فَقَدْ وَرَدَ فِي الْخَبَرِ أَنَّ «السَّاكِتَ عَنْ الْحَقِّ شَيْطَانٌ أَخْرَسُ»
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute