لَا يُرَخَّصُ بِمَا تَأْثِيرُهُ ظَنِّيٌّ
[الْقَهْوَةُ حُكْمُ شُرْبِهَا]
وَأَمَّا الْقَهْوَةُ فَفِي تَبْيِينِ الْمَحَارِمِ لَا وَجْهَ لِحُرْمَتِهَا لِانْعِدَامِ شَيْءٍ مِنْ مُوجِبَاتِ الْحُرْمَةِ كَالْإِسْكَارِ وَالضَّرَرِ مِزَاجًا أَوْ بَدَنًا أَوْ عَقْلًا وَلَا تَمْنَعُ شَيْئًا مِنْ الْعِبَادَاتِ بَلْ تُقَوِّي عَلَيْهَا وَلَيْسَ لَهَا نَصٌّ عَلَى حُرْمَتِهَا وَلَا نَظِيرَ حَتَّى تُقَاسَ عَلَيْهِ نَعَمْ شُرْبُهَا بِاللَّهْوِ وَالطَّرِبِ عَلَى هَيْئَةِ الْفَسَقَةِ فَهُوَ حَرَامٌ وَفِي الْوَسِيلَةِ أَظْهَرَهَا اللَّهُ تَعَالَى عَلَى يَدِ بَعْضِ أَوْلِيَائِهِ وَعُلَمَائِهِ لِمَا فِيهَا مِنْ الصِّفَاتِ الشَّرِيفَةِ كَمَنْعِ النَّوْمِ وَإِزَالَةِ الْغُمُومِ وَتَنْشِيطِ الْعِبَادَةِ وَتَرْقِيقِ الْغِذَاءِ وَهَضْمِ الطَّعَامِ وَتَسْخِينِ الْبَدَنِ وَتَحْلِيلِ الْأَخْلَاطِ الرَّدِيئَةِ وَدَفْعِهَا إلَى غَيْرِ ذَلِكَ فَهِيَ حَلَالٌ وَأَمَّا الْإِكْثَارُ فَلَيْسَ بِجَيِّدٍ بَلْ مَرَضٌ خُصُوصًا لِذَوِي الْأَمْزِجَةِ الْيَابِسَةِ وَتَمَامُهُ فِيهَا وَأَيْضًا فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ صَرَّحَ بِإِبَاحَتِهَا وَكَذَا فِي بَعْضِ كُتِبَ عَلِيٍّ الْقَارِي كَذَلِكَ وَفِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ عَنْ شَرْحِ ابْنِ حَجَرٍ عَلَى اللُّبَابِ مَا حَاصِلُهُ طَالَ الِاخْتِلَافُ فِي الْقَهْوَةِ حِلُّهَا وَحُرْمَتُهَا وَطَهَارَتُهَا وَنَجَاسَتُهَا فَمَنْ يُفْرِطُ يُفْتِي بِالْإِسْكَارِ وَالنَّجَاسَةِ وَمَنْ يُفَرِّطُ يُفْتِي بِأَنَّ شُرْبَهَا عِبَادَةٌ وَقُرْبَةٌ وَالْحَقُّ أَنَّهُ قَدْ يَضُرُّ بَعْضَ الْأَمْزِجَةِ لِمُضَادَّتِهَا لِمَا فِيهِ مِنْ الرُّطُوبَةِ وَالْيُبُوسَةِ وَحِفْظُ الصِّحَّةِ وَاجِبٌ شَرْعًا وَأَنَّ مَنْ اعْتَادَهَا لَا يُفَارِقُهَا كَالْأَفْيُونِ ثُمَّ إنَّهُ لَا يُوجِبُ الْحُرْمَةَ لِعَدَمِ تَأْثِيرِهَا فِي الْعَقْلِ وَالْبَدَنِ فَمُبَاحٌ انْتَهَى وَالْمَفْهُومُ مِنْ فَتَاوَى أَبِي السُّعُودِ مَيْلُهُ إلَى جَانِبِ عَدَمِ الْحِلِّ لِتَشْبِيهِ الْفَسَقَةِ وَعَنْ بَعْضٍ أَيْضًا لِلسَّرَفِ لِإِفْضَائِهَا إلَى ثَمَنٍ غَالٍ وَقِيلَ لِإِضَاعَةِ وَقْتٍ كَثِيرٍ إلَى طَبْخِهَا لَعَلَّ الْحَقَّ فِي ذَلِكَ الْإِبَاحَةُ الْأَصْلِيَّةُ كَمَا هُوَ عَلَيْهِ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ وَالْمَشَايِخِ سِيَّمَا عِنْدَ قَصْدِ النَّشَاطِ وَالتَّقَوِّي عَلَى الطَّاعَاتِ ثُمَّ أَقُولُ اللَّائِقُ لِلْوَرَعِ وَالْأَوْلَى عَدَمُ شُرْبِهَا بِلَا تَجْرِبَةِ طَبْعٍ وَمُشَاهَدَةِ نَفْعٍ وَتَقَوٍّ لِلطَّاعَةِ لِأَنَّ الِاحْتِيَاطَ فِي الِاتِّفَاقِ وَأَنَّ الْخِلَافَ وَإِنْ ظَهَرَ ضَعْفُهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute