للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(فِعْلًا دَالًّا) دَلَالَةً عَقْلِيَّةً (عَلَى التَّوْحِيدِ مُقَارِنًا لِلْقَوْلِ) وَهُوَ قَوْلُ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ (الدَّالِّ عَلَيْهِ) دَلَالَةً وَضْعِيَّةً فَيُجْمَعُ بَيْنَ التَّوْحِيدِ الْفِعْلِيِّ وَالْقَوْلِيِّ (فَتَكُونُ) الْكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ (كَلِمَةً كَكَلِمَتَيْنِ) فَالْقَوْلُ بِلَا حَرَكَةٍ مَرَّتَيْنِ كَالْقَوْلِ بِالْحَرَكَةِ مَرَّةً وَاحِدَةً (وَأَصْلُهُ) الْمَقِيسُ عَلَيْهِ (رَفْعُ الْمُسَبِّحَةِ فِي التَّشَهُّدِ فِي الصَّلَاةِ عِنْدَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي) الْأَحَادِيثِ (الصِّحَاحِ مَعَ أَنَّ الصَّلَاةَ مَوْضِعُ سُكُونٍ وَوَقَارٍ حَتَّى كُرِهَ فِيهَا الِالْتِفَاتُ) يَمْنَةً وَيَسْرَةً.

قَالَ الْمَوْلَى الْمُحَشِّي يَعْنِي لَيْسَ فِي حَقِّ التَّحْرِيكِ الْمَذْكُورِ رِوَايَةٌ لَا مِنْ صَاحِبِ الشَّرْعِ وَلَا مِنْ الصَّحَابَةِ وَلَا مِنْ التَّابِعِينَ وَلَكِنَّ الْمَظْنُونَ قِيَاسًا عَلَى رَفْعِ الْمُسَبِّحَةِ فِي الصَّلَاةِ فِي التَّشَهُّدِ عِنْدَ كَلِمَةِ التَّوْحِيدِ الْمَرْوِيُّ عَنْ صَاحِبِ الشَّرْعِ فِي الصِّحَاحِ الْجَوَازُ بَلْ الِاسْتِحْبَابُ مَعَ نِيَّةِ التَّحْقِيقِ الْمَذْكُورِ بِجَامِعِ التَّحْقِيقِ؛ لِأَنَّ عِلَّةَ الرَّفْعِ هِيَ التَّحْقِيقُ وَهُوَ مُتَحَقِّقٌ هَاهُنَا فَالظَّنُّ جَوَازُ التَّحْرِيكِ مَعَ نِيَّةِ التَّحْقِيقِ كَالرَّفْعِ وَأَوْرَدَ عَلَيْهِ أَنَّ رَفْعَ الْمُسَبِّحَةِ ثَابِتٌ بِنَصٍّ عَلَى خِلَافِ قِيَاسِ غَيْرِهِ عَلَيْهِ، وَلَوْ سَلِمَ لَقَاسَ ذَلِكَ عَلَيْهِ الْمُجْتَهِدُونَ، وَتَجْوِيزُ الْغَفْلَةِ عَلَيْهِمْ لَيْسَ بِجَائِزٍ عَلَى أَنَّهُ لَوْ صَحَّ ذَلِكَ لَجَرَى فِي سَائِرِ الْأَعْضَاءِ بِتِلْكَ النِّيَّةِ حَتَّى فِي صُوَرِ الرَّقْصِ، ثُمَّ قِيلَ فَالظَّنُّ الْغَالِبُ بَلْ الْيَقِينُ عَدَمُ جَوَازِهِ.

أَقُولُ كَوْنُ ذَلِكَ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ لَيْسَ بِمَعْلُومٍ بَلْ الْقِيَاسُ كَوْنُ الرَّفْعِ نَفْيًا لِلْأُلُوهِيَّةِ عَنْ غَيْرِهِ تَعَالَى كَمَا فِي صُوَرِ رَفْعِ الْيَدِ فِي فقعس وصمعج فَإِنَّ رَفْعَ الْيَدِ عِنْدَ افْتِتَاحِ التَّكْبِيرِ مَثَلًا بِمَنْزِلَةِ النَّفْيِ وَلَفْظُ التَّكْبِيرِ بِمَنْزِلَةِ الْإِثْبَاتِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ قِيَاسِ الْقَرْنِ الْأَوَّلِ امْتِنَاعُ الْقِيَاسِ فِي الْقَرْنِ الَّذِي بَعْدَهُ، وَلَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَامْتَنَعَ الْقِيَاسُ عَلَى التَّابِعِينَ وَتَابِعِهِمْ وَمَنْ بَعْدَهُمْ فَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ أَيْضًا جَوَازُ الْغَفْلَةِ عَلَى أَنَّ الْعُدْمَ لَيْسَ بِمَعْلُومٍ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ الْوِجْدَانِ عَدَمُ الْوُجُودِ وَأَيْضًا الْمُلَازَمَةُ فِي قَوْلِهِ، وَلَوْ صَحَّ مَمْنُوعَةٌ كَيْفَ وَأَنَّ حُرْمَةَ الرَّقْصِ مَنْصُوصَةٌ وَمِنْ شُرُوطِ الْقِيَاسِ عَدَمُ كَوْنِ الْأَصْلِ وَالْفَرْعِ مَنْصُوصًا وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْفَرْعَ فِي هَذَا الْقِيَاسِ مَنْصُوصُ الْحُرْمَةِ، نَعَمْ يَشْكُلُ أَنَّ الْقِيَاسَ مَنْصِبُ الِاجْتِهَادِ وَالِاجْتِهَادُ مُنْقَرِضٌ، وَأَمَّا عَدَمُ انْقِرَاضِ الْمُجْتَهِدِ فِي مَسْأَلَةٍ فَمَبْنِيٌّ عَلَى تَجْزِيءِ الِاجْتِهَادِ وَالْأَصَحُّ عَدَمُهُ كَمَا قَالُوا، وَإِنْ اخْتَارَ بَعْضٌ جَانِبَ جَوَازِ التَّجْزِيءِ هَذَا ثُمَّ أَقُولُ التَّحْقِيقُ لَيْسَ مُرَادَ الْمُصَنِّفِ عَلَى الْقِيَاسِ بَلْ الظَّاهِرُ هُوَ طَرِيقُ دَلَالَةِ النَّصِّ الَّذِي يَسْتَوِي فِيهِ الْمُجْتَهِدُ وَالْعَالِمُ الْعَامِّيُّ كَمَا يُشْعِرُ قَوْلُهُ مَعَ أَنَّ الصَّلَاةَ مَوْضِعُ سُكُونٍ إلَى آخِرِهِ، فَلَا غُبَارَ عَلَيْهِ.

عَلَى أَنَّهُ لَوْ فُرِضَ كَوْنُهُ قِيَاسًا لَا يَلْزَمُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ كَوْنُهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ بَلْ يَجُوزُ عَنْ بَعْضِ الْمُجْتَهِدِينَ وَوَصَلَ ذَلِكَ إلَى الْمُصَنِّفِ فَحَكَى بِهَذَا الْأُسْلُوبِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ وَقَدْ نُقِلَ عَنْ أَبِي اللَّيْثِ أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «قَالَ لِعَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - اسْمَعْ مِنِّي ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ قُلْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَأَنَا أَسْمَعُ فَقَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ نَافِيًا عَنْ يَمِينِهِ مُثْبِتًا إلَى شِمَالِهِ مُغْمِضًا عَيْنَيْهِ» الْحَدِيثَ، وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ لَا يُلَائِمُ ذَلِكَ فَلْيُتَأَمَّلْ.

[الْآفَاتِ الْغَيْرِ الْمُخْتَصَّةِ بِعُضْوٍ مُعَيَّنٍ]

(وَمِنْهَا) مِنْ الْآفَاتِ الْغَيْرِ الْمُخْتَصَّةِ بِعُضْوٍ مُعَيَّنٍ (كَشْفُ الْعَوْرَةِ) رَجُلًا أَوْ امْرَأَةً شَابَّةً أَوْ عَجُوزًا فِي الصَّلَاةِ أَوْ فِي غَيْرِهَا (عِنْدَ غَيْرِهِ) مَحْرَمًا أَوْ أَجْنَبِيًّا (إلَّا بِعُذْرٍ) مِنْ الْأَعْذَارِ التِّسْعَةِ السَّابِقَةِ (، وَقَدْ مَرَّ فِي آفَاتِ الْعَيْنِ، وَفِي الْخَلْوَةِ أَيْضًا) لِحَدِيثِ «فَاَللَّهُ أَحَقُّ أَنْ يُسْتَحْيَا مِنْهُ» (إلَّا بِعُذْرِ حَلْقِ الْعَانَةِ) وَالدُّبُرِ (وَالْغُسْلِ فِي زَمَانٍ يَسِيرٍ) ؛ لِأَنَّ مَا جَازَ لِحَاجَةٍ يَتَقَدَّرُ بِقَدْرِهَا (وَ) بِعُذْرِ (التَّخَلِّي

<<  <  ج: ص:  >  >>