للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالِاسْتِنْجَاءِ) بِالْمَاءِ أَوْ الْحَجَرِ (وَ) بِعُذْرِ (التَّدَاوِي) أَيْ فِي شَيْءٍ مِنْهَا (بِقَدْرِ الْحَاجَةِ وَمِنْهَا لُبْسُ الْحَرِيرِ) ، وَلَوْ بِحَائِلٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ بَدَنِهِ وَمَا نُقِلَ عَنْ الْقُنْيَةِ مِنْ عَدَمِ الْكَرَاهَةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ إذَا لَمْ يَتَّصِلْ بِجِلْدِهِ فَلَيْسَ بِصَحِيحٍ لِلْآثَارِ الْكَثِيرَةِ كَحَدِيثِ الْبُخَارِيِّ «مَنْ لَبِسَ الْحَرِيرَ فِي الدُّنْيَا لَمْ يَلْبَسْهُ فِي الْآخِرَةِ» بِأَنْ يَصْرِفَ عَنْ قَلْبِهِ حُبَّ لُبْسِهِ فَلَا يَشْكُلُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الأَنْفُسُ} [الزخرف: ٧١] كَمَا فِي الْمَبَارِقِ لَكِنْ يَلْزَمُ حِينَئِذٍ أَنْ لَا يَكُونَ فَائِدَةُ عَدَمِ اللُّبْسِ وَالظَّاهِرُ كَوْنُهُ جَزَاءَ عَمَلِهِ.

لَعَلَّ الْمُرَادَ لَا يَلْبَسُ فِي الْآخِرَةِ فِي الِابْتِدَاءِ لِاحْتِبَاسِهِ بِالْعَذَابِ فَيَجُوزُ فِي الِانْتِهَاءِ (وَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ) لِلذُّكُورِ، وَفِي الْحَدِيثِ «حُرِّمَ لِبَاسُ الْحَرِيرِ أَيْ الْخَالِصِ أَوْ الْغَالِبِ وَالذَّهَبِ عَلَى ذُكُورِ أُمَّتِي» هَلْ التَّحْرِيمُ لِلسَّرَفِ أَوْ الْخُيَلَاءِ أَوْ التَّشَبُّهِ بِالْكُفَّارِ أَوْ النِّسَاءِ؟ وُجُوهٌ أَصَحُّهَا الْأَخِيرُ وَأَبْعَدُهَا الْأَوَّلُ. كَيْفَ وَالسَّرَفُ مَنْهِيٌّ عَنْهُ لِلْفَرِيقَيْنِ بِغَيْرِ مَيْزٍ، وَأُحِلَّ لِإِنَاثِهِمْ كَمَا فِي الْجَامِعِ عَنْ التِّرْمِذِيِّ (سِوَى أَرْبَعِ أَصَابِعَ) قَيْدٌ لَهُمَا كَمَا سَنَقِفُ عَلَيْهِ لَا قَيْدٌ فِي الْحَرِيرِ كَمَا تُوهِمُ، مُفَرَّجَةً عِنْدَ الْبَعْضِ وَمَضْمُومَةً عِنْدَ الْآخَرِينَ، وَلَا مَضْمُومَةً وَلَا مَنْشُورَةً عِنْدَ بَعْضٍ وَجُوِّزَ لِدَفْعِ قَمْلٍ وَحَكَّةٍ وَجَرَبٍ كَمَا فِي شَرْحِ الْأَشْبَاهِ نَقْلًا عَنْ التتارخانية.

وَعَنْ الْبَزَّازِيَّةِ، وَالْعَلَمُ الْحَرِيرُ لَوْ زَادَ عَلَى أَرْبَعِ أَصَابِعَ مَضْمُومَةٍ لَا يَحِلُّ، وَأَمَّا جَوَازُ ذَلِكَ الْمِقْدَارِ فَلِيَكُونَ أُنْمُوذَجًا وَمُذَكِّرًا لِلْآخِرَةِ وَبَاعِثًا عَلَى مَا يَعْقُبُهُ لُبْسُ حَرِيرِ الْآخِرَةِ مِنْ الْأَعْمَالِ الْأُخْرَوِيَّةِ، وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة وَيُكْرَهُ قَلَنْسُوَةُ الْحَرِيرِ أَوْ الذَّهَبِ أَوْ الْفِضَّةِ، أَوْ الْكِرْبَاسُ الَّذِي خِيطَ عَلَيْهِ إبْرَيْسَمٌ كَثِيرٌ أَوْ شَيْءٌ مِنْ الذَّهَبِ أَوْ الْفِضَّةِ أَكْثَرُ مِنْ قَدْرِ أَرْبَعِ أَصَابِعَ وَلَا بَأْسَ عَلَى طَرَفِ الْقَلَنْسُوَةِ قَدْرَ أَرْبَعِ أَصَابِعَ، وَكَذَا عَلَى طَرَفِ الْعِمَامَةِ وَعَلَمِ الْجُبَّةِ، وَعَنْ أَبِي الْفَضْلِ إذَا كَانَ الْعَلَمُ فِي مَوَاضِعَ مُتَفَرِّقَةٍ مِنْ الْقَلَنْسُوَةِ هَلْ يُجْمَعُ؟ قَالَ نَعَمْ، وَعَنْ أَبِي حَامِدٍ وَعَنْ عَلِيِّ بْنِ أَحْمَدَ فِيهِ خِلَافٌ، وَفِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ وَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ عَدَمُ جَمْعِ الْمُتَفَرِّقِ، وَلَوْ فِي عِمَامَةٍ كَمَا بَسَطَ فِي الْقُنْيَةِ، ثُمَّ اعْتِبَارُ أَرْبَعِ أَصَابِعَ قَيْدٌ فِي أَكْثَرِ الْفِقْهِيَّةِ بِقَوْلِهِمْ عَرْضًا وَفُسِّرَ أَيْ عَرْضُ الثَّوْبِ فَقَالُوا فَيُكْرَهُ، وَلَوْ طُولًا حَيْثُ نُقِلَ عَنْ الْمُجْتَبَى إنَّمَا رَخَّصَ أَبُو حَنِيفَةَ فِي الْعَلَمِ فِي عَرْضِ الثَّوْبِ لَكِنَّ الْمَفْهُومَ مِنْ الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهِ مِنْ الْمُعْتَبَرَاتِ هُوَ الْإِطْلَاقُ.

وَفِي الْأُسْرُوشَنِيِّ وَالْعَلَمُ الْمُتَفَرِّقُ يُجْمَعُ فِي الْعِمَامَةِ وَالظَّاهِرُ لَا يُجْمَعُ إلَّا أَنْ يَكُونَ خَطٌّ مِنْهُ قَزًّا أَوْ خَطٌّ مِنْهُ غَيْرَهُ بِحَيْثُ يُرَى كُلُّهُ قَزًّا فَحِينَئِذٍ لَا يَجُوزُ وَلَا بَأْسَ بِالْعَلَمِ الْمَنْسُوجِ بِالذَّهَبِ لِلنِّسَاءِ، وَأَمَّا الرِّجَالُ فَقَدْرُ أَرْبَعِ أَصَابِعَ، وَمَا فَوْقَهُ لَا، وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَا بَأْسَ بِالْعَلَمِ وَقِيلَ إنْ كَانَ يَتَخَلَّصُ يُكْرَهُ وَإِلَّا فَلَا (لِلذَّكَرِ) فَقَطْ كَمَا سَبَقَ مِنْ الْحَدِيثِ وَهُوَ قَوْلُ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ، وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة وَبَعْضُهُمْ قَالُوا لَا يَحِلُّ لِلنِّسَاءِ أَيْضًا (بَالِغًا أَوْ صَبِيًّا غَيْرَ أَنَّ الْإِثْمَ فِي الصَّبِيِّ يَكُونُ عَلَى الْمَلْبَسِ) رَجُلًا كَانَ أَوْ امْرَأَةً؛ لِأَنَّ أَفْعَالَ الصَّبِيِّ لَا تَتَّصِفُ بِالْحِلِّ وَالْحُرْمَةِ فَلَوْ لَبَّسَ الصَّبِيُّ نَفْسَهُ يَلْزَمُ الْوَلِيَّ نَزْعُهُ وَعَدَمُ سُكُوتِهِ وَتَقْرِيرُهُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ السُّكُوتَ وَالتَّقْرِيرَ عِنْدَ الْقُدْرَةِ رَاجِعٌ عَلَى الْمُقِرِّ السَّاكِتِ.

وَفِي الْأَشْبَاهِ مَا حَرُمَ عَلَى الْبَالِغِ فِعْلُهُ حَرُمَ عَلَى الْبَالِغِ فِعْلُهُ بِوَلَدِهِ الصَّغِيرِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَسْقِيَهُ خَمْرًا وَلَا أَنْ يُلْبِسَهُ حَرِيرًا وَلَا أَنْ يُخَضِّبَ يَدَهُ بِحِنَّاءٍ وَلَا إجْلَاسُهُ عِنْدَ التَّبَوُّلِ وَالتَّغَوُّطِ مُسْتَقْبِلًا وَمُسْتَدْبِرًا نَحْوَ الْقِبْلَةِ، وَفِي هَذَا الْمَحَلِّ أَيْضًا، وَلَوْ مَلَأَ صَبِيٌّ كُوزًا مِنْ حَوْضٍ، ثُمَّ صَبَّهُ فِيهِ لَمْ يَحِلَّ لِأَحَدٍ أَنْ يَشْرَبَ مِنْهُ انْتَهَى، وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة يُكْرَهُ إلْبَاسُ الصَّبِيِّ الْحَرِيرَ وَالْحُلِيَّ وَالْقُرْطَ وَالْخَلْخَالَ، وَكَذَا اتِّخَاذُ الْجَلَاجِلِ فِي رِجْلِ الصَّغِيرِ انْتَهَى

<<  <  ج: ص:  >  >>