يُضْرَبُ حَتَّى يُصَلِّيَ أَوْ يَمُوتَ وَالْمُصَنِّفُ لَمْ يَذْكُرْ الْآثَارَ الدَّالَّةَ عَلَى هَذَا الْحُكْمِ عَلَى عَادَتِهِ لَعَلَّهُ لِعَدَمِ الِاحْتِيَاجِ لِشُهْرَتِهَا وَوُضُوحِهَا فَلْنَذْكُرْ بَعْضَهَا كَحَدِيثِ الْجَامِعِ «عُرَى الْإِسْلَامِ وَقَوَاعِدُ الدِّينِ ثَلَاثٌ عَلَيْهِنَّ أُسِّسَ الْإِسْلَامُ مَنْ تَرَكَ وَاحِدَةً مِنْهُنَّ فَهُوَ كَافِرٌ حَلَالُ الدَّمِ شَهَادَةُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَالصَّلَاةُ الْمَكْتُوبَةُ وَصَوْمُ رَمَضَانَ» قَالَ الْمُنَاوِيُّ هَذَا بِالنِّسْبَةِ إلَى الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ مِنْ قَبِيلِ الزَّجْرِ وَالتَّهْوِيلِ أَوْ عَلَى مُسْتَحِلِّ التَّرْكِ قَالَ الذَّهَبِيُّ هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ، وَعِنْدَ الْمُؤْمِنِينَ مُقَرَّرٌ أَنَّ مَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ وَالصَّوْمَ أَنَّهُ شَرٌّ مِنْ الزَّانِي وَمُدْمِنِ الْخَمْرِ بَلْ يَشُكُّونَ فِي إسْلَامِهِ وَيَظُنُّونَ بِهِ الزَّنْدَقَةَ وَالْإِلْحَادَ وَكَحَدِيثِ مُسْلِمٍ كَمَا فِي الْمَصَابِيحِ وَالْجَامِعِ «بَيْنَ الشِّرْكِ وَالْكُفْرِ تَرْكُ الصَّلَاةِ» قَالَ الْمُنَاوِيُّ أَيْ تَرْكُهَا وَصْلَةٌ بَيْنَ الْعَبْدِ وَالْكُفْرِ.
، وَعَنْ الْمَفَاتِيحِ يَعْنِي بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ دُخُولِهِ فِي الْكُفْرِ تَرْكُ الصَّلَاةِ فَيَكْفُرُ إنْ جَحْدًا وَيُخَافُ عَلَيْهِ الْكُفْرُ إنْ تَهَاوُنًا وَكَحَدِيثِ الطَّبَرَانِيِّ فِي الْجَامِعِ «مَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ مُتَعَمِّدًا فَقَدْ كَفَرَ جِهَارًا» .
وَكَحَدِيثِ الْبُخَارِيِّ، وَفِيهِ أَيْضًا «مَنْ تَرَكَ صَلَاةَ الْعَصْرِ حَبِطَ عَمَلُهُ» .
وَكَحَدِيثِ الطَّبَرَانِيِّ فِيهِ أَيْضًا «مَنْ تَرَكَ صَلَاةً لَقِيَ اللَّهَ وَهُوَ غَضْبَانُ» .
وَحَدِيثِ الْبَيْهَقِيّ «الصَّلَاةُ عِمَادُ الدِّينِ فَمَنْ أَقَامَهَا فَقَدْ أَقَامَ الدِّينَ وَمَنْ تَرَكَهَا فَقَدْ هَدَمَ الدِّينَ» قَالَ الْمُنَاوِيُّ وَمِنْ ثَمَّةَ «أَيْقَظَ الْمُصْطَفَى - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَحَبَّ آلِهِ فَاطِمَةَ وَعَلِيًّا فِي لَيْلَةٍ وَاحِدَةٍ مَرَّتَيْنِ حَتَّى جَلَسَ عَلِيٌّ فِي الثَّانِيَةِ وَهُوَ يَعْرُكُ عَيْنَيْهِ وَيَقُولُ وَاَللَّهِ مَا نُصَلِّي إلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا إنَّمَا أَنْفُسُنَا بِيَدِ اللَّهِ فَوَلَّى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ يَضْرِبُ بِيَدَيْهِ عَلَى فَخْذَيْهِ وَيَقُولُ مَا نُصَلِّي إلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا {وَكَانَ الإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلا} [الكهف: ٥٤] » .
وَكَانَ ثَابِتُ بْنُ أَسْلَمَ يَقُومُ اللَّيْلَ كُلَّهُ خَمْسِينَ سَنَةٍ، فَإِذَا جَاءَ السَّحَرُ قَالَ اللَّهُمَّ إنْ كُنْت أَعْطَيْت أَحَدًا أَنْ يُصَلِّيَ فِي قَبْرِهِ فَأَعْطِنِي ذَلِكَ فَلَمَّا مَاتَ وَسَدُّوا لَحْدَهُ وَقَعَتْ لَبِنَةٌ، فَإِذَا هُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي حَالًا وَشَهِدَ ذَلِكَ مَنْ حَضَرَ فِي جِنَازَتِهِ وَكَانَ يَقُولُ الصَّلَاةُ خِدْمَةُ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ وَلَوْ كَانَ شَيْءٌ أَفْضَلَ مِنْهَا لَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {فَنَادَتْهُ الْمَلائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ} [آل عمران: ٣٩] انْتَهَى.
وَحَدِيثُ الطَّبَرَانِيِّ «وَأَوَّلُ مَا يُحَاسَبُ بِهِ الْعَبْدُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الصَّلَاةُ، فَإِنْ صَلَحَتْ صَلُحَ سَائِرُ عَمَلِهِ، وَإِنْ فَسَدَتْ فَسَدَ سَائِرُ عَمَلِهِ» .
وَحَدِيثُ صِحَاحِ الْمَصَابِيحِ «الْعَهْدُ الَّذِي بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ الصَّلَاةُ فَمَنْ تَرَكَهَا فَقَدْ كَفَرَ» لَا يَخْفَى أَنَّ مِثْلَ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ وَإِنْ مُؤَوَّلَاتٍ عِنْدَ الْجُمْهُورِ لَكِنَّ الدَّاعِيَ إلَى الْمَجَازِ هُوَ التَّهْدِيدُ وَزِيَادَةُ التَّرْهِيبِ وَزِيَادَةُ الْبَيَانِ.
(وَمِنْهَا تَرْكُ الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ الْفَرْضَيْنِ) وَأَمَّا التَّأْخِيرُ بِحَيْثُ لَا تَفُوتُ الصَّلَاةُ أَوْ الْجَمَاعَةُ فَجَائِزٌ، وَفِي الشِّرْعَةِ «الْوُضُوءُ شَطْرُ الْإِيمَانِ وَمِفْتَاحُ الصَّلَاةِ وَمُطَهِّرُ الْبَدَنِ مِنْ الْآثَامِ، وَمَنْ مَاتَ عَلَى الْوُضُوءِ مَاتَ شَهِيدًا، وَمَنْ بَاتَ عَلَى وُضُوءٍ بَاتَ مَعَهُ فِي شِعَارِهِ مَلَكٌ يَسْتَغْفِرُ لَهُ» فَالْمُحَافَظَةُ عَلَى الْوُضُوءِ مِنْ سُنَّةِ الْإِسْلَامِ، وَفِي شَرْحِهِ عَنْ الْخُلَاصَةِ وَالْبُسْتَانِ أَنَّ كُرْزَ بْنَ وَبَرَةَ تَوَضَّأَ فِي اللَّيْلَةِ الَّتِي مَاتَ فِيهَا ثَمَانِينَ مَرَّةً حِرْصًا عَلَى الْمَوْتِ بِالْوُضُوءِ لِحَدِيثِ أَنَسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - «إنْ أَتَاك مَلَكُ الْمَوْتِ وَأَنْتَ عَلَى وُضُوءٍ لَمْ تَفُتْك الشَّهَادَةُ» ، وَعَنْ الْبُسْتَانِ أَيْضًا «قَالَ اللَّهُ تَعَالَى - لِمُوسَى يَا مُوسَى إذَا أَصَابَتْك مُصِيبَةٌ وَأَنْتَ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ فَلَا تَلُومَنَّ إلَّا نَفْسَك» ، وَفِي الْمَصَابِيحِ «خَيْرُ أَعْمَالِكُمْ الصَّلَاةُ وَلَنْ يُحَافِظَ عَلَى الْوُضُوءِ إلَّا مُؤْمِنٌ» ، وَعَنْ بَعْضٍ: مَنْ دَاوَمَ عَلَى الْوُضُوءِ أَكْرَمَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِسَبْعِ خِصَالٍ الْأَوَّلُ تَرْغَبُ الْمَلَائِكَةُ فِي صُحْبَتِهِ الثَّانِي لَا يَزَالُ الْقَلَمُ رَطْبًا مِنْ كِتَابَةِ ثَوَابِهِ الثَّالِثُ تَسْبِيحُ أَعْضَائِهِ وَجَوَارِحِهِ الرَّابِعُ لَا تَفُوتُهُ التَّكْبِيرَةُ الْأُولَى الْخَامِسُ إذَا نَامَ بَعَثَ مَلَكًا يَحْفَظُهُ مِنْ شَرِّ الثَّقَلَيْنِ السَّادِسُ يُسَهِّلُ اللَّهُ عَلَيْهِ سَكَرَاتِ الْمَوْتِ السَّابِعُ أَنْ يَكُونَ فِي أَمَانِ اللَّهِ تَعَالَى مَا دَامَ عَلَى الْوُضُوءِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute