للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«اطَّلَعَ مِنْ بَعْضِ حُجَرِ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -» جَمْعُ حُجْرَةٍ يَعْنِي بَعْضَ بُيُوتِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - ( «فَقَامَ إلَيْهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمِشْقَصٍ» نَصْلٍ عَرِيضٍ وَقِيلَ طَوِيلٍ وَقِيلَ سِكِّينٍ «أَوْ بِمَشَاقِصَ فَكَأَنِّي» ضَمِيرُ التَّكَلُّمِ إلَى أَنَسٍ الرَّاوِي «أَنْظُرُ إلَيْهِ» - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ( «يَخْتِلُ» مِنْ الْخَتْلِ بِالْمُعْجَمَةِ وَهُوَ الْخُدْعَةُ أَيْ يَخْدَعُ وَيُحَاوِلُ «الرَّجُلَ» النَّاظِرُ «لِيَطْعَنَهُ» فَدَلَّ أَيْضًا عَلَى عَظِيمِ خَطَرِهِ لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ يُؤَيِّدُ جَانِبَ الشَّافِعِيِّ وَأَمَّا قَوْلُنَا لِأَنَّ النَّظَرَ لَيْسَ فَوْقَ الدُّخُولِ إلَى آخِرِهِ فَرَأْيٌ فِي مُقَابَلَةِ النَّصِّ وَقُرِّرَ فِي مَحَلِّهِ أَنَّ الْقِيَاسَ يُتْرَكُ فِي جَنْبِ الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ وَأَيْضًا لَا يَرْجِعُ إلَى الْمَجَازِ مَا لَمْ تَتَعَذَّرْ الْحَقِيقَةُ وَقَدْ وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ أَيْضًا كَمَا فِي النِّصَابِ «لَوْ أَنَّ امْرَأً اطَّلَعَ عَلَيْك بِغَيْرِ إذْنٍ فَحَذَفْته بِحَصَاةٍ فَفَقَأْتَ عَيْنَهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْكَ شَيْءٌ» أَقُولُ حُجَّتُنَا لَيْسَ الْقِيَاسَ السَّابِقَ فَقَطْ بَلْ قَوْله تَعَالَى - {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} [البقرة: ١٩٤]- عَلَى أَنَّ كَوْنَ مَا ذُكِرَ قِيَاسًا غَيْرَ مُسَلَّمٍ بَلْ دَلَالَةَ نَصٍّ (حَدّ عَنْ أَبِي ذَرٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مَرْفُوعًا «أَيُّمَا رَجُلٍ كَشَفَ سِتْرًا» أَيْ أَزَالَهُ «فَأَدْخَلَ بَصَرَهُ» يَعْنِي نَظَرَ إلَى مَا وَرَاءِ السِّتْرِ مِنْ حُرَمٍ أَوْ غَيْرِهِنَّ «قَبْلَ أَنْ يُؤْذَنَ لَهُ» فِي الدُّخُولِ «فَقَدْ أَتَى حَدًّا لَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَأْتِيَهُ» أَيْ فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ ذَلِكَ «وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا» مِنْ دَاخِلِ الْبَيْتِ «فَقَأَ عَيْنَهُ» بِنَحْوِ حَصَاةٍ «لَهَدَرَتْ» عَيْنُهُ فَلَا يَضْمَنُهَا الرَّامِي فَفِيهِ أَيْضًا حُجَّةٌ لِلشَّافِعِيِّ عَلَى الْحَنَفِيَّةِ وَقَدْ عَرَفْت آنِفًا

(وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا مَرَّ عَلَى بَابِ رَجُلٍ) أَيْ مَنْفَذِ نَحْوِ بَيْتٍ (لَا سُتْرَةَ عَلَيْهِ) أَيْ لَيْسَ عَلَيْهِ بَابٌ مِنْ نَحْوِ خَشَبٍ يَسْتُرُ مَا وَرَاءَهُ عَنْ الْعُيُونِ (فَرَأَى عَوْرَةَ أَهْلِهِ) أَيْ أَهْلِ ذَلِكَ الْبَابِ مِنْ ذَلِكَ الْمَنْفَذِ (فَلَا خَطِيئَةَ عَلَيْهِ إنَّمَا الْخَطِيئَةُ عَلَى أَهْلِ الْبَابِ) وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ أَهْلِ الْمَنْزِلِ فِي تَرْكِهِمْ مَا أُمِرُوا بِهِ مِنْ السِّتْرِ وَقِلَّةِ مُبَالَاتِهِمْ بِاطِّلَاعِ الْأَجَانِبِ عَلَى عَوْرَاتِهِمْ وَفِي نُسَخٍ بَدَلُ الْبَابِ الْبَيْتُ وَهِيَ أَوْفَقُ قَالَ زَيْنُ الدِّينِ الْعِرَاقِيُّ فِيهِ أَنَّهُ يَحْرُمُ النَّظَرُ فِي بَيْتِ غَيْرِهِ الْمَسْتُورِ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَلَوْ ذِمِّيًّا وَأَنَّهُ يَحْرُمُ الدُّخُولُ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى (طب عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ مَرْفُوعًا «لَا تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا» لِاحْتِمَالِ أَنْ تَكُونَ غَيْرَ مَسْتُورَةٍ فَتَبْدُو عَوْرَةُ أَهْلِهَا «وَلَكِنْ ائْتُوهَا مِنْ جَوَانِبِهَا» تَحَرُّزًا عَنْ ذَلِكَ وَإِذَا أَتَيْتُمْ أَبْوَابَهَا «فَاسْتَأْذِنُوا» مِنْ أَرْبَابِهَا «فَإِنْ أَذِنَ لَكُمْ فَادْخُلُوا وَإِلَّا فَارْجِعُوا» قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا} [النور: ٢٨] لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ شَوَاهِدِ الْبَابِ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ الْأَوْفَقَ لِعَادَةِ الْمُصَنِّفِ أَنْ يَذْكُرَ شَوَاهِدَ قَبِيلِ هَذَا مِنْ نَحْوِ النَّظَرِ إلَى الْفُقَرَاءِ وَمُشَاهَدَةِ الْمَعَاصِي وَاتِّبَاعِ الْبَصَرِ لَعَلَّهُ لَمْ يَقِفْ عَلَيْهَا بَلْ إنَّمَا وَقَفَ عَلَى أُصُولِهَا فَقَطْ أَوْ لِادِّعَاءِ وُضُوحِهَا أَوْ لِقِلَّتِهَا

بَقِيَ أَنَّ آفَاتِ الْعَيْنِ النَّظَرُ إلَى مَكْتُوبِ الْغَيْرِ بِلَا إذْنِهِ عَلَى مَا فِي الْجَامِعِ عَلَى تَخْرِيجِ الطَّبَرَانِيِّ عَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>