للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَنْ نَظَرَ فَكَيْفَ حَالُ مَنْ فَعَلَ وَعَنْ سُفْيَانَ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ ثَلَاثَةُ أَصْنَافٍ لُوطِيُّونَ صِنْفٌ يَنْظُرُونَ وَصِنْفٌ يُصَافِحُونَ وَصِنْفٌ يَعْمَلُونَ وَفِي النِّصَابِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهَ بْنَ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - كَانَ جَالِسًا عَلَى بَابِ دَارِهِ فَرَأَى غُلَامًا صَبِيحًا حَسَنَ الْوَجْهِ قَدْ أَقْبَلَ مِنْ السِّكَّةِ فَدَخَلَ دَارِهِ فَلَمَّا قَالُوا ذَهَبَ خَرَجَ مِنْ الدَّارِ فَقِيلَ يَا عَبْدَ اللَّهِ هَذَا مِنْ عِنْدِك أَوَ سَمِعْت شَيْئًا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ «النَّظَرُ إلَيْهِمْ حَرَامٌ وَالْكَلَامُ مَعَهُمْ حَرَامٌ وَمُجَالَسَتُهُمْ حَرَامٌ»

وَفِي الْبُسْتَانِ وَيُكْرَهُ مُجَالَسَةُ الْأَحْدَاثِ وَالصِّبْيَانِ وَالسُّفَهَاءِ ثُمَّ مِنْ الْأَعْذَارِ الْمُبِيحَةِ نَظَرُ الشَّيْخِ الْفَانِي الَّذِي انْقَطَعَتْ شَهْوَتُهُ كَمَا فِي التتارخانية

(وَمِنْ آفَاتِ الْعَيْنِ النَّظَرُ إلَى الْفُقَرَاءِ وَالضُّعَفَاءِ بِطَرِيقِ الِاسْتِخْفَافِ) وَالِاسْتِحْقَارِ (فَإِنَّهُ تَكَبُّرٌ حَرَامٌ وَمِنْهَا مُشَاهَدَةُ الْمَعَاصِي وَالْمُنْكَرَاتِ بِغَيْرِ ضَرُورَةٍ) وَلِذَا لَا يَجِبُ إجَابَةُ دَعْوَةِ وَلِيمَةٍ فِيهَا مُنْكَرٌ وَقِيلَ اللَّهْوُ عَلَى الْمَائِدَةِ وَقِيلَ ذَلِكَ لِلْعَوَامِّ وَأَمَّا لِلْخَوَاصِّ فَمُطْلَقٌ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ

(وَمِنْهَا اتِّبَاعُ الْبَصَرِ إلَى انْقِضَاضِ) سُقُوطِ (الْكَوْكَبِ فَإِنَّهُ مَنْهِيٌّ عَنْهُ) وَيُقَالُ إنَّهُ يُفْضِي إلَى زَوَالِ نُورِ الْعَيْنِ

(وَكَذَا) نُهِيَ (عَنْ النَّظَرِ إلَى مَنْ فَوْقَهُ فِي أَمْرِ الدُّنْيَا عَلَى وَجْهِ الرَّغْبَةِ) وَالِالْتِفَاتِ لِأَنَّهُ سَبَبٌ لِازْدِرَاءِ نِعْمَةِ اللَّهِ عِنْدَهُ وَلَوْ نَظَرَ عَلَى وَجْهِ الْعِبْرَةِ لَا يَضُرُّ كَمَا عَلَى وَجْهِ الْإِنْكَارِ وَالتَّعَجُّبِ (وَإِلَى مَنْ دُونَهُ فِي أَمْرِ الدِّينِ) لِأَنَّهُ يُوجِبُ الْعَجَبَ وَالْأَوْلَى أَنْ يَجْعَلَهُمَا آفَةً مُسْتَقِلَّةً بَلْ مُسْتَقِلَّتَيْنِ كَالنَّظَرِ إلَى الْفُقَرَاءِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «خَصْلَتَانِ مَنْ كَانَتَا فِيهِ كُتِبَ عِنْدَ اللَّهِ شَاكِرًا صَابِرًا وَمَنْ لَمْ تَكُونَا فِيهِ لَمْ يَكْتُبْهُ اللَّهُ شَاكِرًا وَلَا صَابِرًا مَنْ نَظَرَ فِي دِينِهِ إلَى مَنْ فَوْقَهُ فَاقْتَدَى بِهِ وَنَظَرَ فِي دُنْيَاهُ إلَى مَنْ دُونَهُ فَحَمِدَ اللَّهَ تَعَالَى عَلَى مَا فَضَّلَهُ بِهِ عَلَيْهِ كَتَبَهُ بِهِ شَاكِرًا صَابِرًا وَمَنْ نَظَرَ فِي دِينِهِ إلَى مَنْ هُوَ دُونَهُ وَنَظَرَ فِي دُنْيَاهُ إلَى مَنْ هُوَ فَوْقَهُ فَأَسِفَ عَلَى مَا فَاتَهُ مِنْهُ لَمْ يَكْتُبْهُ اللَّهُ شَاكِرًا وَلَا صَابِرًا» كَذَا فِي الْجَامِعِ قَالَ فِي شَرْحِهِ عَنْ الطِّيبِيِّ هَذَا الْحَدِيثُ جَامِعٌ لِأَنْوَاعِ الْخَيْرِ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ إذَا رَأَى مَنْ فَضُلَ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا طَلَبَتْ نَفْسُهُ مِثْلَ ذَلِكَ وَاحْتَقَرَ مَا عِنْدَهُ مِنْ نِعَمِ اللَّهِ وَحَرَصَ عَلَى الِازْدِيَادِ لِيَلْحَقَ بِذَلِكَ أَوْ يُقَارِبَهُ وَإِنْ فِي أُمُورِ الدُّنْيَا إلَى مَنْ هُوَ دُونَهُ ظَهَرَتْ لَهُ نِعْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَشَكَرَ وَتَوَاضَعَ وَفَعَلَ الْخَيْرَ

(وَمِنْهَا النَّظَرُ إلَى بَيْتِ الْغَيْرِ مِنْ شِقِّ الْبَابِ أَوْ مِنْ ثَقْبٍ أَوْ كَشْفِ سِتْرٍ) بِكَسْرٍ فَسُكُونٍ (فَإِنَّهُ مَنْهِيٌّ عَنْهُ خ م عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مَرْفُوعًا «مَنْ اطَّلَعَ» نَظَرَ «إلَى بَيْتِ قَوْمٍ بِغَيْرِ إذْنِهِمْ فَقَدْ حَلَّ لَهُمْ أَنْ يَفْقَئُوا عَيْنَهُ» إنْ لَمْ يَنْدَفِعْ إلَّا بِهِ وَتُهْدَرُ عَيْنُ النَّاظِرِ فَلَا دِيَةَ وَلَا قِصَاصَ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَالْجُمْهُورِ وَقَالَ الْحَنَفِيَّةُ يَضْمَنُهَا لِأَنَّ النَّظَرَ لَيْسَ فَوْقَ الدُّخُولِ وَالدُّخُولُ لَا يُوجِبُهُ وَأَوْجَبَ الْمَالِكِيَّةُ الْقِصَاصَ وَهَلْ يُلْحَقُ الِاسْتِمَاعُ بِالنَّظَرِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا لَا لِأَنَّ النَّظَرَ أَشَدُّ وَأَشْمَلُ، قَوْلُهُ اطَّلَعَ كُلُّ مُطَّلِعٍ كَيْفَ مَا كَانَ وَمِنْ أَيِّ جِهَةٍ كَانَتْ مِنْ بَابٍ أَوْ غَيْرِهِ إلَى الْعَوْرَةِ أَوْ غَيْرِهَا ذَكَرَهُ الْقُرْطُبِيُّ

(تَنْبِيهٌ) : الْحَدِيثُ يَتَنَاوَلُ الْإِنَاثَ فَلَوْ نَظَرَتْ امْرَأَةٌ فِي بَيْتِ أَجْنَبِيٍّ جَازَ رَمْيُهَا عَلَى الْأَصَحِّ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ أَنَّ مَنْ الشَّرْطِيَّةَ تَتَنَاوَلُ الْإِنَاثَ وَقِيلَ لَا يَجُوزُ بِنَاءً عَلَى مُقَابِلِهِ أَنَّ مَنْ تَخْتَصُّ بِالذُّكُورِ وَوُجِّهَ بِأَنَّ الْمَرْأَةَ لَا يَسْتَتِرُ مِنْهَا شَيْءٌ كَذَا فِي الْفَيْضِ (خ م عَنْ أَنَسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ «رَجُلًا» مَجْهُولًا أَوْ التَّنْكِيرُ لِقَصْدِ الْإِبْهَامِ وَإِنْ كَانَ مَعْلُومًا لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مِمَّنْ شَأْنُهُ كَذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>