للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التَّعْلِيقِ فَإِنْ كَانَ الْمُعَلَّقُ غَيْرَ الْكُفْرِ كَالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَالنَّذْرِ) نَحْوُ إنْ فَعَلْت كَذَا فَامْرَأَتِي طَالِقٌ أَوْ عَبْدِي حُرٌّ أَوْ عَلَيَّ حَجٌّ أَوْ عُمْرَةٌ (فَعِنْدَ بَعْضِهِمْ يُكْرَهُ) مُطْلَقًا لِمَا فِيهِ مِنْ الْتِزَامِ مَا لَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ شَرْعًا أَوْ لِأَنَّهُ رُبَّمَا لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ أَوْ يُهْمِلُ فَيَقَعُ فِي الْخَطَرِ وَعِنْدَ الْبَعْضِ يُكْرَهُ فِي الْمَاضِي وَلَا يُكْرَهُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ (وَعِنْدَ عَامَّتِهِمْ لَا يُكْرَهُ) مُطْلَقًا لِأَنَّ لَهُ وِلَايَةً عَلَى نَفْسِهِ مَنْعًا وَإِقْدَامًا وَلَمْ يَرِدْ عَنْهُ نَهْيٌ قَالَ فِي الدُّرَرِ الْيَمِينُ تَقْوِيَةُ الْخَبَرِ بِذِكْرِ اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ التَّعْلِيقِ وَهَذَا لَيْسَ بِيَمِينٍ وَضْعًا وَإِنَّمَا سُمِّيَ بِهَا عِنْدَ الْفُقَهَاءِ لِحُصُولِ مَعْنَى الْيَمِينِ بِهِ وَهُوَ الْحَمْلُ وَالْمَنْعُ وَعَنْ الْكَافِي الْيَمِينُ بِغَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى مَشْرُوعٌ وَهُوَ تَعْلِيقٌ بِالشَّرْطِ فَظَاهِرُ الْإِطْلَاقِ مُطْلَقُ الْجَوَازِ يَعْنِي بِلَا كَرَاهَةٍ (وَإِنْ كَانَ) الْمُعَلَّقُ (كُفْرًا فَحَرَامٌ) مُطْلَقًا لَعَلَّ وَجْهَهُ تَجْوِيزُ الْكُفْرِ عَلَيْهِ فَإِنَّ الْمُعَلَّقَ مِنْ الْأُمُورِ الْمُمْكِنَةِ فِي نَفْسِهِ وَإِنْ كَانَ كَالْمُحَالِ عِنْدَهُ (ثُمَّ إنْ كَانَ صَادِقًا) أَيْ بَارًّا فِي حَلِفِهِ (يَكْفُرُ) لِأَنَّ الْمُعَلَّقَ بِشَرْطٍ لَا يَتَحَقَّقُ مَا لَمْ يَتَحَقَّقْ ذَلِكَ الشَّرْطُ وَأَنَّهُ إذَا انْتَفَى الشَّرْطُ يَنْتَفِي الْمَشْرُوطُ (وَإِنْ كَانَ كَاذِبًا) فِيهِ

(فَهَذَا) التَّعْلِيقُ (مِنْ أَكْبَرِ الْكَبَائِرِ) لِاسْتِلْزَامِهِ تَجْوِيزَ الْكُفْرِ بَلْ وُقُوعَهُ عَلَى نَفْسِهِ وَلِمَا سَيَذْكُرُ مِنْ الْأَثَرِ (حَتَّى ذَهَبَ بَعْضُهُمْ إلَى أَنَّهُ كُفْرٌ مُطْلَقًا) نَوَى الْيَمِينَ أَوْ لَا يَكُونُ كُفْرًا فِي اعْتِقَادِهِ أَوْ لَا أَوْ فِي الْمَاضِي وَالْمُسْتَقْبَلِ وَفِي الدُّرَرِ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ يَكْفُرُ لِأَنَّهُ عَلَّقَ الْكُفْرَ بِمَا هُوَ مَوْجُودٌ وَالتَّعْلِيقُ بِأَمْرٍ كَائِنٍ تَنْجِيزٌ فَكَأَنَّهُ قَالَ هُوَ كَافِرٌ وَفِي الْبَحْرِ إنْ فَعَلْت كَذَا فَهُوَ كَافِرٌ وَهُوَ عَالِمٌ أَنَّهُ فَعَلَ فَيَمِينٌ غَمُوسٌ فَلَيْسَ إلَّا الِاسْتِغْفَارُ وَهَلْ يَكْفُرُ قِيلَ لَا وَقِيلَ نَعَمْ لِأَنَّهُ تَنْجِيزٌ مَعْنًى لِتَعْلِيقِهِ بِأَمْرٍ كَائِنٍ فَكَأَنَّهُ قَالَ ابْتِدَاءً أَنَا كَافِرٌ (خ م عَنْ ثَابِتِ بْنِ الضَّحَّاكِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ حَلَفَ بِمِلَّةٍ غَيْرِ الْإِسْلَامِ كَاذِبًا» عَالِمًا بِكَذِبِهِ «فَهُوَ كَمَا قَالَ» أَيْ مِنْ أَهْلِ تِلْكَ الْمِلَّةِ وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ ظَاهِرٌ فِي كُفْرِ الْحَالِفِ كَذِبًا (دمج حك عَنْ بُرَيْدَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ حَلَفَ» وَقَوْلُ «قَالَ إنِّي بَرِيءٌ مِنْ الْإِسْلَامِ» بَيَانٌ وَتَفْسِيرٌ لِلْحَلِفِ أَيْ إنْ فَعَلْت «فَإِنْ كَانَ كَاذِبًا» فِي حَلِفِهِ «فَهُوَ كَمَا قَالَ» مِنْ الْبَرَاءَةِ الْإِسْلَامِيَّةِ وَأَنْتَ خَبِيرٌ أَنَّ اسْتِشْهَادَ الْمُصَنِّفِ إنَّمَا يَتِمُّ بِالْحَمْلِ عَلَى ظَاهِرِهِ بِلَا تَأْوِيلٍ فَمَنْ قَالَ هُنَا إنِّي بَرِيءٌ مِنْهُ إنْ قَصَدَ ذَلِكَ وَإِلَّا فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى التَّبْعِيدِ وَالتَّقْبِيحِ وَالتَّخْوِيفِ لَمْ يَفْهَمْ مُرَادَ الْمَقَامِ «وَإِنْ كَانَ صَادِقًا» فِيهِ «فَلَنْ يَرْجِعَ إلَى الْإِسْلَامِ سَالِمًا» مِنْ الْمَعَاصِي وَالْمَخَاوِفِ بَلْ عَلَيْهِ تَبِعَةُ يَمِينِهِ فِيهِ حُرْمَةُ الْحَلِفِ بِالْكُفْرِ وَلَوْ صَادِقًا فِي يَمِينِهِ فَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى مَا قَالَ الْمُصَنِّفُ آنِفًا وَإِنْ كَانَ كُفْرًا فَحَرَامٌ فَمَنْ قَالَ هُنَا أَيْضًا فَإِنْ قَصَدَ تَبْعِيدَ نَفْسِهِ مِنْ ذَلِكَ الْفِعْلِ فَلَا إثْمَ عَلَيْهِ فَقَدْ بَعُدَ عَنْ مَرَامِ الْمَقَامِ أَيْضًا (حك عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ» أَيْ عَلَى يَمِينِ أَيِّ مِلَّةٍ غَيْرِ الْإِسْلَامِ «فَهُوَ كَمَا حَلَفَ إنْ قَالَ هُوَ يَهُودِيٌّ» إنْ فَعَلَ كَذَا «فَهُوَ يَهُودِيٌّ وَإِنْ قَالَ هُوَ نَصْرَانِيٌّ فَهُوَ نَصْرَانِيٌّ وَإِنْ قَالَ هُوَ بَرِيءٌ مِنْ الْإِسْلَامِ»

أَيْ فَهُوَ كَمَا قَالَ حُذِفَ اكْتِفَاءً

<<  <  ج: ص:  >  >>