(م عَنْ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - مَرْفُوعًا «لَا يَأْكُلَنَّ أَحَدُكُمْ بِشِمَالِهِ وَلَا يَشْرَبَنَّ بِهَا فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَأْكُلُ بِشِمَالِهِ وَيَشْرَبُ بِهَا» فَلَا يَنْبَغِي لِلْمُؤْمِنِ الْمُوَافَقَةُ لَهُ فِي أَكْلِهِ وَشُرْبِهِ إمَّا مَحْمُولٌ عَلَى حَقِيقَتِهِ لِأَنَّ أَكْلَ الشَّيْطَانِ أَمْرٌ مُمْكِنٌ أَخْبَرَ بِهِ الصَّادِقُ وَلَا يُصَارُ إلَى الْمَجَازِ بِدُونِ تَعَذُّرِ الْحَقِيقَةِ أَوْ لِأَنَّهُ فِعْلُ أَوْلِيَائِهِ أَوْ لِأَنَّهُ مِنْ قَبَائِحِ الْأَعْمَالِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمُخَالَفَةِ لِلسُّنَّةِ وَالِاسْتِهَانَةِ كَمَا قِيلَ (وَكَانَ نَافِعٌ) مِنْ رُوَاةِ هَذَا الْحَدِيثِ (يَزِيدُ فِيهَا) أَيْ فِي الرِّوَايَةِ (وَلَا يَأْخُذُ بِهَا) أَيْ بِالشِّمَالِ (وَلَا يُعْطِي بِهَا) فَيُكْرَهُ ذَلِكَ وَقَيَّدَ بِالْأَشْيَاءِ الشَّرِيفَةِ وَرُوِيَ عَنْ أُمَيَّةَ بْنِ نُخَيْسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - «كَانَ رَجُلٌ يَأْكُلُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَمْ يُسَمِّ اللَّهَ حَتَّى لَمْ يَبْقَ مِنْ طَعَامِهِ إلَّا لُقْمَةٌ فَلَمَّا رَفَعَهَا إلَى فِيهِ قَالَ بِسْمِ اللَّهِ أَوَّلَهُ وَآخِرَهُ فَضَحِكَ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَسُئِلَ عَنْ ضَحِكِهِ فَقَالَ مَا زَالَ الشَّيْطَانُ يَأْكُلُ مَعَهُ فَلَمَّا ذَكَرَ اسْمَ اللَّهِ تَعَالَى اسْتِقَاءَ مَا فِي بَطْنِهِ» (وَ) يُكْرَهُ (الْأَكْلُ مِنْ وَسَطِ الطَّعَامِ) لِأَنَّهُ مَحَلُّ نُزُولِ الْبَرَكَةِ وَكَذَا أَكْلُ وَجْهِ الْخُبْزِ أَوْ جَوْفُهُ وَرَمْيُ بَاقِيهِ لِمَا فِيهِ مِنْ الِاسْتِخْفَافِ وَالتَّشْبِيهِ بِالْخُيَلَاءِ وَالسَّرَفِ وَقِيلَ يُورِثُ الْقَحْطَ وَالْقِلَا وَفِي الِاخْتِيَارِ وَمِنْ الْإِسْرَافِ أَنْ يَأْكُلَ وَسَطَ الْخُبْزِ وَيَدَعَ جَوَانِبِهِ أَوْ يَأْكُلَ مَا انْتَفَخَ وَيَتْرُكَ الْبَاقِيَ لِأَنَّهُ نَوْعُ تَجَبُّرٍ إلَّا أَنْ يَتَنَاوَلَهُ غَيْرُهُ فَلَا بَأْسَ
(وَمِمَّا يَلِي غَيْرَهُ) لِأَنَّهُ مِنْ الْحِرْصِ وَسُوءِ الْأَدَبِ (إذَا كَانَ) الطَّعَامُ (لَوْنًا وَاحِدًا) وَأَمَّا إذَا كَانَ أَلْوَانًا فَيَجُوزُ الْأَكْلُ حَيْثُ شَاءَ وَعَنْ حَدِيثِ الصَّحِيحَيْنِ «اُذْكُرْ اسْمَ اللَّهِ وَلْيَأْكُلْ الرَّجُلُ مِمَّا يَلِيهِ» (ت عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - مَرْفُوعًا «الْبَرَكَةُ تَنْزِلُ وَسَطَ الطَّعَامِ فَكُلُوا مِنْ حَافَّتِهِ» طَرَفِهِ وَجَانِبِهِ إبْقَاءً لِمَحَلِّ الْبَرَكَةِ «وَلَا تَأْكُلُوا مِنْ وَسَطِهِ» أَيْ مَحَلِّ نُزُولِ الْبَرَكَةِ «لِئَلَّا تُمْحَى الْبَرَكَةُ» أَيْ النَّمَاءُ وَالزِّيَادَةُ (خ م عَنْ «عَمْرِو بْنِ أَبِي سَلَمَةَ» رَبِيبِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (- رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -) فَأُمُّهُ زَوْجُ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «أَنَّهُ قَالَ كُنْت غُلَامًا فِي حِجْرِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» أَيْ كُنْت صَبِيًّا فِي تَرْبِيَتِهِ وَالْحِجْرُ هُوَ الضَّبْطُ وَالْحِفْظُ «وَكَانَتْ يَدِي تَطِيشُ» تَضْطَرِبُ «فِي الصَّحْفَةِ» فَيَأْخُذُ الطَّعَامَ مِنْ جَوَانِبِهَا أَيْ مِنْ أَمَاكِنِهَا وَالصَّحْفَةُ إنَاءٌ كَالْقَصْعَةِ «فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَا غُلَامُ سَمِّ اللَّهِ تَعَالَى» إرْشَادًا وَتَأْدِيبًا «وَكُلْ بِيَمِينِك وَكُلْ مِمَّا يَلِيك» بِقُرْبِك لَا مِنْ كُلِّ جَانِبٍ قَالَ عَمْرٌو «فَمَا زَالَتْ تِلْكَ طُعْمَتِي بَعْدُ» وَاظَبْت عَلَى مَا عَلَّمَنِي - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الظَّاهِرُ أَنَّ هَذِهِ الْحَرَكَةَ لَيْسَتْ بِاضْطِرَارِيَّةٍ كَالْمُرْتَعِشِ وَإِلَّا فَالتَّكْلِيفُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute