للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوْ مَنْ يُبْطِنُ الْكُفْرَ وَيُظْهِرُ الْإِيمَانَ أَوْ هُوَ مُعَرَّبُ زَنْ دِينِ أَيْ دِينِ الْمَرْأَةِ.

وَعَنْ أَبِي اللَّيْثِ مَنْ لَا يُوَحِّدُ.

وَعَنْ ثَعْلَبٍ أَنَّهُ مُلْحِدٌ وَدَهْرِيٌّ.

وَعَنْ ابْنِ دُرَيْدٍ مُعَرَّبُ زنده أَيْ مَنْ يَقُولُ بِدَوَامِ الدَّهْرِ.

وَعَنْ الْمَوَاهِبِ مَنْ لَا يَتَقَيَّدُ بِدِينٍ.

وَعَنْ جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى هُمْ قَائِلُونَ بِجَوَازِ اسْتِعْمَالِ لَفْظٍ مَوْضُوعٍ لِمَعْنًى فِي شَيْءٍ آخَرَ أَيْ بِلَا عَلَاقَةٍ.

فَلَوْ قَالَ تُبْت يَجُوزُ مَعْنًى غَيْرُ التَّوْبَةِ فَلَا تُقْبَلُ تَوْبَتُهُ وَفِي شَرْحِ الْمَوَاقِفِ الْبَاطِنِيَّةِ قَائِلُونَ بِبَاطِنِ الْكِتَابِ دُونَ ظَاهِرِهِ لِقَصْدِ إبْطَالِ الشَّرَائِعِ وَقِيلَ الزِّنْدِيقُ الْمُنَافِقُ ثُمَّ الظَّاهِرُ أَنَّ أَقَاوِيلَهُمْ هَذِهِ، وَإِنْ كَانَتْ كُفْرًا لَكِنْ لَا يَخْفَى أَنَّهَا لَيْسَتْ زَنْدَقَةً بِشَيْءٍ مِنْ مَعَانِيهَا إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ أَنَّهُمْ يَدْخُلُونَ فِي مَعْنَى مَنْ لَا يَتَقَيَّدُ بِدِينٍ مُبَالَغَةً أَوْ مَجَازًا وَبِهِ تَضْمَحِلُّ وَتَنْدَفِعُ الشُّبْهَةُ إذْ الظَّاهِرُ أَنَّ تَوْبَتَهُمْ مَقْبُولَةٌ مُطْلَقًا وَالزِّنْدِيقُ لَا تُقْبَلُ تَوْبَتُهُ مُطْلَقًا كَمَا نُقِلَ عَنْ جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى وَفِي كِتَابِ الْحَصْرِ مِنْ قَاضِي خَانْ وَبَعْدَ الْأَخْذِ فِي سِيَرِ قَاضِي خَانْ لَا وَقَبْلَ الْأَخْذِ تُقْبَلُ وَالْأَوَّلُ مَذْهَبُ مَالِكٍ

وَفِي أَصَحِّ أَقْوَالِ الشَّافِعِيَّةِ الْقَبُولُ مُطْلَقًا ثُمَّ أَوْرَدَ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِأَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ مُفْتَرَيَاتٌ عَلَى أَوْلِيَاءِ اللَّهِ تَعَالَى بِمَا هُمْ بَرِيئُونَ مِنْهُ وَلِذَا كَانَ مَوْتُهُ بِأَمَارَاتِ سُوءِ الْخَاتِمَةِ بِمَا لَا يُمْكِنُ وَصْفُهُ.

وَهَذَا مِنْ خُبْثِ الْبَاطِلِ فِي حَقِّ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ تَعَالَى وَعَدَمِ الرِّضَا بِالْقَضَاءِ وَعَدِّ نَفْسِهِ مُسْتَقِلًّا فِي إصْلَاحِ الْعَالَمِ وَمُبَارَزَةِ مُعَادَاةِ اللَّهِ كَمَا فِي الْحَدِيثِ «مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ بَارَزَنِي بِالْمُحَارَبَةِ» وَرُدَّ أَنَّهُ افْتِرَاءٌ عَلَى مَنْ يَتَمَسَّكُ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى فَيَجِبُ الْإِنْكَارُ عَلَى قَائِلِهِ بِبُطْلَانِ مَقَالِهِ وَقِيلَ إنِّي سَمِعْت مِنْ بَعْضِ تَلَامِذَةِ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ مِنْ الثِّقَاتِ الْحَاضِرِينَ عِنْدَ نَزْعِ رُوحِهِ أَنَّهُ تَكَلَّمَ بِكَلِمَتَيْ الشَّهَادَةِ وَقِرَاءَةِ الْإِخْلَاصِ وقَوْله تَعَالَى - {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلا} [الكهف: ١٠٧]- الْآيَةُ.

وَيَدُلُّ أَيْضًا عَلَى حُسْنِ حَالِهِ جَمِيعُ مُصَنَّفَاتِهِ وَأَقُولُ أَيْضًا وَتَوَاتُرُ حُسْنِ أَخْلَاقِهِ وَأَحْوَالِهِ فَالْكَلَامُ صِفَةُ الْمُتَكَلِّمِ ثُمَّ أَقُولُ: إنْ أَرَادَ أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْمُتَصَوِّفَةِ مَنْ يَقُولُ جِنْسَ هَذِهِ الْأَبَاطِيلِ فَتَعَصُّبٌ مَحْضٌ، وَإِنْكَارٌ لِلْمَحْسُوسَاتِ وَالْمُتَوَاتِرَاتِ إذْ ذَلِكَ كَثِيرٌ فِي هَذَا الْيَوْمِ فِي أَكْثَرِ الْبِلَادِ حِسًّا أَوْ تَوَاتُرًا وَأَنَّهُ إنْ ادَّعَى عَلَى ذَلِكَ الِاسْتِقْرَاءَ التَّامَّ فَلَيْسَ بِمُسْلِمٍ لِجَوَازِ أَنْ يُوجَدُوا فِي مَحَلٍّ لَا يَبْلُغُهُ اسْتِقْرَاءُ الْمَوْرِدِ عَلَيْهِ وَوَصَلَ إلَى الْمُصَنِّفِ عِلْمُهُ وَأَنَّ النَّاقِصَ فَلَيْسَ بِمُفِيدٍ، وَإِنْ أَرَادَ أَنَّهُ فِي الْمُتَصَوِّفَةِ مَنْ يَتَّصِفُ بِذَلِكَ لَكِنَّ مَنْ شَنَّعَ عَلَيْهِمْ الْمُصَنِّفُ لَيْسُوا بِهَذِهِ الْمَثَابَةِ فَلَا شَكَّ أَنَّهُ فِي غَايَةِ السُّقُوطِ أَيْضًا إذْ لَيْسَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ تَعْيِينُهُمْ وَالْجَزْمُ عَلَى سُوءِ الْخَاتِمَةِ عَلَى مُعَيَّنٍ بِغَيْرِ مَا أَخْبَرَهُ الصَّادِقُ لَيْسَ بِجَائِزٍ.

وَالظَّاهِرُ مِنْ قَوْلِهِ عَدَمُ الرِّضَا بِالْقَضَاءِ أَنَّ مِثْلَ هَذِهِ الْفُحْشِيَّاتِ إنَّمَا كَانَ بِقَضَاءِ اللَّهِ تَعَالَى فَالْإِنْكَارُ عَدَمُ الرِّضَا عَلَى الْقَضَاءِ فَكُفْرٌ مُوجِبٌ لِعَبَثِيَّةِ بَعْثَةِ الْأَنْبِيَاءِ، وَإِنْكَارُ وُجُوبِ نَهْيِ الْمُنْكَرِ وَأَيُّ كَلَامٍ يَدُلُّ فِي هَذَا الْمَقَامِ عَلَى عَدِّ نَفْسِهِ مُصْلِحًا لِلْعَالَمِ بَلْ فِيهِ إظْهَارُ الْبُغْضِ فِي اللَّهِ، وَإِنْكَارُ أَشْنَعِ مُنْكَرَاتِ اللَّهِ تَعَالَى

(وَقَدْ صَرَّحَ الْعُلَمَاءُ) مِنْ الْأُصُولِيِّينَ وَالْمُتَكَلِّمِينَ كَالنَّسَفِيِّ (بِأَنَّ الْإِلْهَامَ) يُقَالُ أَلْهَمَهُ اللَّهُ تَعَالَى خَيْرًا لَقَّنَهُ إيَّاهُ كَذَا فِي الْقَامُوسِ وَقِيلَ مَا يُلْقِيهِ اللَّهُ فِي قَلْبِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ مِنْ الْأَسْرَارِ.

وَقَالَ التَّفْتَازَانِيُّ هُوَ إلْقَاءُ مَعْنًى فِي الْقَلْبِ بِطَرِيقِ الْفَيْضِ وَفِي تَعْرِيفَاتِ السَّيِّدِ الشَّرِيفِ وَقِيلَ الْإِلْهَامُ مَا وَقَعَ فِي الْقَلْبِ مِنْ عِلْمٍ وَهُوَ يَدْعُو إلَى الْعَمَلِ مِنْ غَيْرِ اسْتِدْلَالٍ بِآيَةٍ وَلَا نَظَرٍ فِي حُجَّةٍ (لَيْسَ مِنْ أَسْبَابِ الْمَعْرِفَةِ بِالْأَحْكَامِ) لَعَلَّ تَقْيِيدَهُ بِالْأَحْكَامِ أَنَّهُ قَدْ يُفِيدُ فِي غَيْرِ الْأَحْكَامِ وَفِي اخْتِيَارِ الْمَعْرِفَةِ دُونَ الْعِلْمِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَا يُفِيدُ عِلْمًا جُزْئِيًّا وَلَوْ ظَنًّا فَضْلًا عَنْ الْعِلْمِ الْكُلِّيِّ الْقَطْعِيِّ.

قَالَ الشَّرِيفُ فِي هَذَا الْمَحَلِّ أَيْضًا أَنَّهُ لَيْسَ بِحُجَّةٍ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ إلَّا عِنْدَ الصُّوفِيِّينَ لَعَلَّ مُرَادَهُ عِنْدَ بَعْضِ الصُّوفِيِّينَ.

وَفِي بَعْضِ الْأُصُولِيَّةِ أَنَّهُ لَيْسَ بِحُجَّةٍ عَلَى الْغَيْرِ فَيَكُونُ حُجَّةً عَلَى نَفْسِهِ لَعَلَّ الْأَوْلَى التَّفْصِيلُ أَنَّهُ إنْ مِنْ النَّبِيِّ فَحُجَّةٌ لَهُ وَلَنَا، وَإِنْ مِنْ الْوَلِيِّ فَحُجَّةٌ لَهُ لَا لَنَا، وَإِنْ مِنْ الْعَوَامّ فَلَيْسَ بِحُجَّةٍ لَا لَهُ وَلَا لَنَا.

وَفِي شَرْحِ الْعَقَائِدِ أَنَّ الْإِلْهَامَ لَيْسَ سَبَبًا يَحْصُلُ بِهِ الْعِلْمُ لِعَامَّةِ الْخَلْقِ وَيَصْلُحُ لِلْإِلْزَامِ عَلَى الْغَيْرِ وَإِلَّا فَلَا شَكَّ أَنَّهُ قَدْ يَحْصُلُ بِهِ الْعِلْمُ، وَقَدْ وَرَدَ الْقَوْلُ بِهِ فِي الْخَبَرِ، وَقَدْ

<<  <  ج: ص:  >  >>