للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْقَزَعُ " خ م " عَنْ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ الْقَزَعِ» وَزَادَ) ابْنُ عُمَرَ (فِي رِوَايَةٍ «قُلْت لِنَافِعٍ) مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ (وَمَا الْقَزَعُ قَالَ يُحْلَقُ بَعْضُ رَأْسِ الصَّبِيِّ وَيُتْرَكُ بَعْضٌ» لَعَلَّك سَمِعْت حَدِيثَ «احْلِقُوهُ كُلَّهُ أَوْ اُتْرُكُوهُ كُلَّهُ» ، فَإِنَّ حَلْقَ الْبَعْضِ مَعَ تَرْكِ الْبَعْضِ مُثْلَةٌ وَهُوَ مَكْرُوهٌ مُطْلَقًا تَنْزِيهًا إلَّا لِعُذْرٍ لِرَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ وَسَوَاءٌ فِي الْقَفَا أَوْ النَّاصِيَةِ أَوْ الْوَسَطِ خِلَافًا لِبَعْضٍ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّشْوِيهِ وَتَقْبِيحِ الصُّورَةِ وَأَنَّهُ زِيُّ أَهْلِ الدَّعَارَةِ وَالْفَسَادِ وَالْيَهُودِ وَهُوَ مِنْ كَمَالِ مَحَبَّتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَإِنَّهُ أَمَرَ حَتَّى فِي شَأْنِ الْإِنْسَانِ مَعَ نَفْسِهِ فَنَهَاهُ عَنْ حَلْقِ بَعْضٍ وَتَرْكِ بَعْضٍ؛ لِأَنَّهُ ظُلْمٌ لِلرَّأْسِ حَيْثُ تَرَكَ بَعْضَهُ كَاسِيًا وَبَعْضَهُ عَارِيًّا.

وَنَظِيرُهُ الْمَشْيُ فِي نَعْلٍ وَاحِدَةٍ وَقَوْلُهُ احْلِقُوهُ يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ الْحَلْقِ وَهُوَ مَذْهَبُ الْجُمْهُورِ وَذَهَبَ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ لِحَالَةِ الضَّرُورَةِ مُحْتَجًّا بِوُرُودِ النَّهْيِ عَنْهُ إلَّا فِي الْحَجِّ لِكَوْنِهِ مِنْ فِعْلِ الْمَجُوسِ وَالصَّوَابُ الْحِلُّ بِلَا كَرَاهَةٍ وَلَا خِلَافَ الْأَوْلَى، وَأَمَّا قَوْلُ أَبِي شَامَةَ الْأَوْلَى تَرْكُهُ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّشْوِيهِ وَمُخَالَفَةِ طَرِيقِ الْمُصْطَفَى إذْ لَمْ يُنْقَلْ أَنَّهُ يَحْلِقُهُ بَلْ إنْ قَصَدَ بِهِ التَّقَرُّبَ فِي غَيْرِ نُسُكٍ أَثِمَ؛ لِأَنَّهُ شَرَعَ فِي الدَّيْنِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ فَفِي حَيِّزِ الْمَنْعِ بِلَا رَيْبٍ كَيْفَ «وَقَدْ حَلَقَ الْمُصْطَفَى - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَأْسَ ابْنَيْ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -» ، وَفِي أَبِي دَاوُد «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَأَى رَجُلًا ثَائِرَ الرَّأْسِ فَقَالَ مَهْ أَحْسِنْ إلَى شَعْرِك أَوْ احْلِقْهُ» فَسَوَّى بَيْنَ تَرْجِيلِهِ وَحَلْقِهِ وَأَعْدَلُ حَدِيثٍ فِي الْمَقَامِ قَوْلُ حُجَّةِ الْإِسْلَامِ لَا بَأْسَ بِحَلْقِهِ لِمُرِيدِ التَّنْظِيفِ وَلَا بِتَرْكِهِ لِمَنْ يَدْهَنُ وَيَتَرَجَّلُ فَبَقَاؤُهُ لَهُ أَوْلَى، وَمَنْ عَسِرَ عَلَيْهِ كَضَعِيفٍ وَفَقِيرٍ وَمُنْقَطِعٍ يَتَلَبَّدُ فِيهِ وَيَجْمَعُ الْوَسَخَ وَالْقَمْلَ فَحَلْقُهُ أَوْلَى.

وَالْكَلَامُ كُلُّهُ فِي الذَّكَرِ أَمَّا الْأُنْثَى فَحَلْقُهُ لَهَا مَكْرُوهٌ حَيْثُ لَا ضَرَرَ بَلْ إنْ كَانَتْ مُفْتَرَشَةً وَلَمْ يَأْذَنْ الْحَلِيلُ حَرُمَ بَلْ عَدَّهُ فِي الْمَطَامِحِ مِنْ الْكَبَائِرِ وَشَاعَ عَلَى الْأَلْسِنَةِ أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا حَلَقَتْ رَأْسَهَا بِلَا إذْنِ زَوْجِهَا سَقَطَ صَدَاقُهَا وَذَلِكَ صَرْخَةٌ مِنْ الشَّيْطَانِ لَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ كُلُّهُ مِنْ الْفَيْضِ.

(وَمِنْهَا رُكُوبُ النِّسَاءِ عَلَى السَّرْجِ بِغَيْرِ عُذْرٍ) (" حب " عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - مَرْفُوعًا «يَكُونُ فِي آخِرِ أُمَّتِي نِسَاءٌ يَرْكَبْنَ عَلَى سُرُجٍ كَأَشْبَاهِ الرِّجَالِ» وَمُشَابَهَتُهُنَّ لَهُمْ مَنْهِيٌّ عَنْهَا «وَرِجَالٌ يَنْزِلُونَ عَلَى أَبْوَابِ الْمَسَاجِدِ» يَعْنِي يَجِيئُونَ إلَى الْمَسَاجِدِ رَاكِبِينَ عَلَى الْمَرَاكِبِ الْبَهِيَّةِ تَكَبُّرًا وَخُيَلَاءَ.

وَأَمَّا الرُّكُوبُ بِعُذْرٍ كَالْبُعْدِ وَالشَّيْخُوخَةِ وَالْمَرَضِ فَجَائِزٌ «نِسَاؤُهُمْ كَاسِيَاتٌ عَارِيَّاتٌ» فِي تَذْكِرَةِ الْقُرْطُبِيِّ يَعْنِي أَنَّهُنَّ كَاسِيَاتٌ بِنِعَمِ اللَّهِ عَارِيَّاتٌ مِنْ الدِّينِ وَقِيلَ كَاسِيَاتٌ ثِيَابًا رِقَاقًا يَظْهَرُ مَا تَحْتَهَا مِنْ فَوْقِهَا فَهُنَّ كَاسِيَاتٌ فِي الظَّاهِرِ عَارِيَّاتٌ فِي الْحَقِيقَةِ وَقِيلَ كَاسِيَاتٌ فِي الدُّنْيَا بِأَنْوَاعِ الزِّينَةِ مِنْ الْحَرَامِ وَمِمَّا لَا يَجُوزُ لُبْسُهُ عَارِيَّاتٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَوْ عَارِيَّاتٌ مِنْ لِبَاسِ التَّقْوَى أَوْ عَارِيَّاتٌ مِنْ فِعْلِ الْخَيْرَاتِ أَوْ كَاسِيَاتٌ بَعْضَ بَدَنِهِنَّ عَارِيَّاتٌ يَكْشِفْنَ بَعْضًا آخَرَ إظْهَارًا لِلْجَمَالِ أَوْ عَارِيَّاتٌ عَنْ السِّتْرِ الْمَقْصُودِ مِنْهُنَّ أَوْ كَاسِيَاتٌ بِنَعَمْ اللَّهِ عَارِيَّاتٌ عَنْ شُكْرِهَا.

وَزِيدَ هُنَا فِي الْقُرْطُبِيِّ قَوْلُهُ «مَائِلَاتٌ وَمُمِيلَاتٌ» وَفُسِّرَ بِقَوْلِهِ قِيلَ مَعْنَاهُ زَائِغَاتٌ عَنْ طَاعَةِ اللَّهِ وَطَاعَةِ الْأَزْوَاجِ وَمَا يَلْزَمُهُنَّ مِنْ صِيَانَةِ الْفُرُوجِ وَالسَّتْرِ عَنْ الْأَجَانِبِ، وَمُمِيلَاتٌ يُعَلِّمْنَ غَيْرَهُنَّ الدُّخُولَ فِي فِعْلِهِنَّ وَقِيلَ مَائِلَاتٌ مُتَبَخْتِرَاتٌ فِي مَشْيِهِنَّ وَمُمِيلَاتٌ لِقُلُوبِ الرِّجَالِ بِمَا يُبْدِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَطِيبِ رَائِحَتِهِنَّ «عَلَى رُءُوسِهِنَّ» شَيْءٌ «كَأَسْنِمَةِ» جَمْعُ سَنَامٍ «الْبُخْتِ الْعِجَافِ» جَمْعُ عَجْفَاءَ وَهِيَ

<<  <  ج: ص:  >  >>