للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثَلَاثَةَ عَشَرَ إلَى أَجَلٍ قَالُوا يَشْتَرِي مِنْ الْمَدْيُونِ شَيْئًا بِتِلْكَ الْعَشَرَةِ وَيَقْبِضُ الْمَبِيعَ، ثُمَّ يَبِيعُ مِنْ الْمَدْيُونِ بِثَلَاثَةَ عَشَرَ إلَى سَنَةٍ فَيَقَعُ التَّحَرُّزُ عَنْ الْحَرَامِ وَلَهُ صُوَرٌ أُخَرُ فِي الْكُتُبِ الْفِقْهِيَّةِ، وَعَنْ غَايَةِ الْبَيَانِ إنَّمَا كُرِهَ؛ لِأَنَّهُ إعْرَاضٌ عَنْ الدَّيْنِ الْمَنْدُوبِ إلَيْهِ إلَى الرِّبَا الْمَكْرُوهِ بِطَرِيقِ الْمُوَاضَعَةِ انْتَهَى

أَقُولُ فِيهِ تَأَمُّلٌ، وَعَنْ الْمَوَاهِبِ إنْ بَاعَ الْمُشْتَرِي مِنْ آخَرَ فَاشْتَرَاهُ مِنْ الْآخَرِ الْبَائِعُ الْأَوَّلُ خُرُوجٌ عَنْ ذَلِكَ انْتَهَى فَتَأَمَّلْ أَيْضًا (د عَنْ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - مَرْفُوعًا «إذَا تَبَايَعْتُمْ بِالْعِينَةِ» بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْمُثَنَّاةِ تَحْتُ وَنُونٍ أَنْ يَبِيعَ سِلْعَةً بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ لِأَجَلٍ، ثُمَّ يَشْتَرِيَ مِنْهُ بِأَقَلَّ لِيَبْقَى الْكَثِيرُ فِي ذِمَّتِهِ وَهِيَ مَكْرُوهَةٌ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَالْبَيْعُ صَحِيحٌ وَحَرَّمَهَا غَيْرُهُ تَمَسُّكًا بِظَاهِرِ الْخَبَرِ سُمِّيَتْ عِينَةً لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ بِالْعَيْنِ أَيْ النَّقْدِ فِيهَا «وَأَخَذْتُمْ أَذْنَابَ الْبَقَرِ» أَيْ الْحَرْثَ كِنَايَةً عَنْ الِاشْتِغَالِ عَنْ الْجِهَادِ بِالْحَرْثِ «وَرَضِيتُمْ بِالزَّرْعِ» وَكَانَ هَذَا مَكْرُوهًا فِي أَوَائِلِ الْإِسْلَامِ لِمَنْعِهِ عَنْ الْجِهَادِ وَقِلَّةِ أَهْلِ الْإِسْلَامِ فَلَمَّا كَثُرَ ارْتَفَعَتْ الْكَرَاهَةُ فِي حَقِّهِ لِارْتِفَاعِ عِلَّتِهَا بِخِلَافِ التَّبَايُعِ بِالْعِينَةِ كَذَا قِيلَ.

وَقَدْ حُقِّقَ زَوَالُ الْحُكْمِ بِزَوَالِ عِلَّتِهِ فِي بَابِ الْمَصَارِفِ وَغَيْرِهِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ «وَتَرَكْتُمْ الْجِهَادَ سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ ذُلًّا» ضَعْفًا بِسَبَبِ ظُهُورِ الْعَدُوِّ بِوَاسِطَةِ تَرْكِ الْجِهَادِ وَمُبَاشَرَةِ الْحَرْثِ وَالْعِينَةِ.

قَالَ فِي النِّهَايَةِ وَمِصْدَاقُ هَذَا الْحَدِيثِ مَا دَهَانَا مِنْ الْبَلَايَا وَدَهَمَنَا مِنْ الدَّوَاهِي إذْ النَّاسُ فِي زَمَانِنَا اشْتَغَلُوا بِالْعَيْنِ فَابْتُلُوا بِاللَّعْنِ وَبَعْضُهُمْ أَقْبَلَ عَلَى الْحَرْثِ وَالزِّرَاعَةِ فَقُرِعُوا بِقَارِعَةٍ ذَاتِ بَأْسٍ وَفَظَاعَةٍ - {رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [الأعراف: ٢٣]- {رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ} [الدخان: ١٢]- كَذَا عَنْ الْإِمَامِ الْمَرْغِينَانِيِّ «لَا تَنْزِعُوهُ» النَّزْعُ الْإِزَالَةُ وَالْكَشْفُ «حَتَّى تَرْجِعُوا إلَى دِينِكُمْ» بِتَرْكِ التَّبَايُعِ الْمَذْكُورِ وَأَخْذِ أَذْنَابِ الْبَقَرِ وَالْمُبَاشَرَةِ لِلْجِهَادِ كَمَا فِي الْحَاشِيَةِ قَالَ فِي الْفَيْضِ أَيْ الِاشْتِغَالَ بِأُمُورِ دِينِكُمْ وَأَظْهَرَ ذَلِكَ فِي هَذَا الْقَالَبِ الْبَدِيعِ لِمَزِيدِ الزَّجْرِ وَالتَّقْرِيعِ حَيْثُ جَعَلَ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الرِّدَّةِ وَالْخُرُوجِ عَنْ الدِّينِ وَهَذَا دَلِيلٌ قَوِيٌّ لِمَنْ حَرَّمَ الْعِينَةَ وَلِذَلِكَ اخْتَارَهُ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ وَقَالَ أَوْصَانَا الشَّافِعِيُّ بِاتِّبَاعِ الْحَدِيثِ إذَا صَحَّ بِخِلَافِ مَذْهَبِهِ كَذَا فِي الْفَيْضِ، وَفِيهِ وَالْخَبَرُ هَذَا رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْبَزَّارُ وَأَبُو يَعْلَى قَالَ ابْنُ حَجَرٍ سَنَدُهُ ضَعِيفٌ (وَقَالَ الْفُقَهَاء إيَّاكُمْ وَالْعِينَةَ، فَإِنَّهَا لَعِينَةٌ) أَيْ سَبَبٌ لِلَّعْنِ وَحَامِلٌ عَلَيْهِ فَمِنْ قَبِيلِ الْإِسْنَادِ إلَى السَّبَبِ (وَصَرَّحَ بِكَرَاهَتِهَا) تَحْرِيمًا (صَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَغَيْرُهُ) قَالَ الزَّيْلَعِيُّ هُوَ مَكْرُوهٌ لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِعْرَاضِ عَنْ مَبَرَّةِ الْإِقْرَاضِ

<<  <  ج: ص:  >  >>