للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خَبَرِهِ وَوَعْدِهِ بِلَا إيجَابٍ (فَيَقُولُونَ الْأَمْرُ) مِنْ الْعَفْوِ، وَالتَّعْذِيبِ (فِيهِمْ) فِي الْمُؤْمِنِينَ، وَالْكَافِرِينَ (مُفَوَّضٌ إلَى اللَّهِ تَعَالَى) فَإِنَّهُ (يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ) كَمَا هُوَ عِنْدَنَا فِي الذُّنُوبِ غَيْرِ الشِّرْكِ (وَالْكَافِرِينَ) وَقَدْ امْتَنَعَ بِالنُّصُوصِ الْقَطْعِيَّةِ، وَالْإِجْمَاعِ مَغْفِرَةُ الْكَافِرِ وَاَللَّهُ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ (وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ) مُؤْمِنًا وَلَوْ صَالِحًا أَوْ كَافِرًا، وَالْإِجْمَاعُ عَلَى أَنَّ اللَّهَ لَا يُعَذِّبُ الْمُؤْمِنَ الْمُطِيعَ أَشَارَ إلَى دَلِيلِهِمْ عَلَى حُكْمِهِمْ بِقَوْلِهِ (وَيَقُولُونَ لَهُ تَعَالَى الْآخِرَةُ، وَالْأُولَى) .

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَإِنَّ لَنَا لَلآخِرَةَ وَالأُولَى} [الليل: ١٣] فَيَفْعَلُ مَا يَشَاءُ وَيَحْكُمُ مَا يُرِيدُ فَهَذَا (كَمَا نَرَى) نَعْتَقِدُ (يُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ فِي الدُّنْيَا) بِالْفَقْرِ، وَالْمَرَضِ، وَالْمَصَائِبِ (وَيُنَعِّمُ مَنْ يَشَاءُ مِنْ الْكَافِرِينَ) بِأَنْوَاعِ النِّعَمِ وَضُرُوبِ الْإِحْسَانِ كُلِّهَا اسْتِدْرَاجًا وَمَقْتًا (وَذَلِكَ) أَيْ فِعْلُهُ مَعَ الْفَرِيقَيْنِ (عَدْلٌ فَكَذَلِكَ فِي الْآخِرَةِ) فَيَجُوزُ تَنْعِيمُهُ لِلْكَافِرِ وَتَعْذِيبُهُ لِلْمُؤْمِنِ.

وَأَمَّا نَحْنُ فَنَقُولُ يَمْتَنِعُ تَنْعِيمُ الْكَافِرِ فِي الْآخِرَةِ نَصَّا وَإِجْمَاعًا وَكَذَا تَعْذِيبُ مُطْلَقِ الْمُؤْمِنِ خُلُودًا، وَالْمُؤْمِنُ الْمُطِيعُ أَصْلًا عَلَى مُقْتَضَى وَعْدِهِ وَأَنَّهُ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ وَلَا يَجُوزُ خُلْفُ الْوَعْدِ مِنْهُ تَعَالَى (فَيُسَوُّونَ حُكْمَ الْآخِرَةِ، وَالْأُولَى) فِي الْمُؤْمِنِ، وَالْكَافِرِ فِي الْمَغْفِرَةِ، وَالْمُؤَاخَذَةِ (فَهَؤُلَاءِ ضَرْبٌ مِنْ الْمُرْجِئَةِ) مُبْتَدَأٌ وَخَبَرٌ (وَهُمْ كُفَّارٌ) لِتَسْوِيَتِهِمْ بَيْنَ الْفَرِيقَيْنِ فَيَلْزَمُهُمْ عَدَمُ نَفْعِ الْإِيمَانِ، وَالطَّاعَةِ وَعَدَمُ ضَرَرِ الْكُفْرِ، وَالْفِسْقِ.

(وَكَذَلِكَ) فِي الْإِكْفَارِ (الضَّرْبُ الْآخَرُ مِنْهُمْ) (الَّذِينَ يَقُولُونَ حَسَنَاتُنَا مَقْبُولَةٌ وَسَيِّئَاتُنَا مَغْفُورَةٌ) فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ مَعَ الْإِيمَانِ ذَنْبٌ كَمَا لَا يُفِيدُ مَعَ الْكُفْرِ طَاعَةٌ (وَالْأَعْمَالُ) الَّتِي اعْتَقَدْنَا فِي شَرِيعَتِنَا قَالُوا (لَيْسَتْ بِفَرَائِضَ) بَلْ كُلُّهَا نَوَافِلُ فَالْعَبْدُ مُخَيَّرٌ فِي إتْيَانِهَا (وَلَا يُقِرُّونَ) مِنْ الْإِقْرَارِ (بِفَرَائِضِ الصَّلَاةِ، وَالزَّكَاةِ، وَالصِّيَامِ وَسَائِرِ الْفَرَائِضِ) كَالْحَجِّ، وَالْجِهَادِ تَخْصِيصٌ بَعْدَ التَّعْمِيمِ (وَيَقُولُونَ هَذِهِ) كُلُّ الْفَرَائِضِ، وَالْوَاجِبَاتِ (فَضَائِلُ مَنْ عَمِلَ بِهَا فَحَسَنٌ) يُثَابُ عَلَيْهِ (وَمَنْ لَمْ يَعْمَلْ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ) مِنْ الْعَذَابِ، وَالْعِقَابِ (فَهَؤُلَاءِ أَيْضًا كُفَّارٌ) لِإِنْكَارِهِمْ النُّصُوصَ الْقَطْعِيَّةَ.

(وَأَمَّا) (الْمُرْجِئَةُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لَا نَتَوَلَّى) لَا نَتَّخِذُ أَوْلِيَاءَ (الْمُؤْمِنِينَ الْمُذْنِبِينَ وَلَا نَتَبَرَّأُ مِنْهُمْ) (فَهَؤُلَاءِ الْمُبْتَدِعَةُ) مُبْتَدَأٌ أَوْ خَبَرٌ فَالْأَوْلَى فَهَؤُلَاءِ

<<  <  ج: ص:  >  >>