حَفِظَهُمْ {عَذَابَ الْجَحِيمِ - فَضْلا مِنْ رَبِّكَ} [الدخان: ٥٦ - ٥٧] لَا وُجُوبًا عَلَيْهِ وَلَا اسْتِحْقَاقًا مِنْ الْعَبْدِ {ذَلِكَ} [الدخان: ٥٧] أَيْ هَذَا الْأَمْرُ الْعَظِيمُ الشَّأْنُ {هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [الدخان: ٥٧] لَا غَيْرُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَطْرُقُهُ فَنَاءٌ وَلَا مُزَاحِمٌ وَلَا احْتِمَالُ زَوَالٍ وَنُقْصَانٍ وَفِي الطُّورِ {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ} [الطور: ١٧] بِأَنْوَاعِ النِّعَمِ {فَاكِهِينَ} [الطور: ١٨] نَاعِمِينَ مُتَلَذِّذِينَ {بِمَا آتَاهُمْ} [الطور: ١٨] أَعْطَاهُمْ {رَبُّهُمْ} [الطور: ١٨] مِنْ كَرَامَةِ الْجَنَّةِ {وَوَقَاهُمْ رَبُّهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ} [الطور: ١٨] {كُلُوا} [الطور: ١٩] أَيُّهَا الْمُتَّقُونَ لِتَقْوَاكُمْ فِي الدُّنْيَا {وَاشْرَبُوا} [الطور: ١٩] مِنْ أَيِّ طَعَامٍ وَشَرَابٍ اشْتَهَيْتُمْ أَيْ يُقَالُ لَهُمْ ذَلِكَ {هَنِيئًا} [الطور: ١٩] مَأْمُونُ الْعَاقِبَةِ مِنْ التُّخَمَةِ وَالسَّقَمِ أَوْ مَأْمُونُ الْآفَاتِ كَمَا فِي الدُّنْيَا {بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [الطور: ١٩] بِسَبَبِهِ أَوْ بَدَلَهُ وَقِيلَ الْبَاءُ زَائِدَةٌ وَمَا فَاعِلُ هَنِيئًا وَالْمَعْنَى هَنَّأَكُمْ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ أَيْ جَزَاؤُهُ.
{مُتَّكِئِينَ عَلَى سُرُرٍ مَصْفُوفَةٍ} [الطور: ٢٠] صُفَّ بَعْضُهَا إلَى جَنْبِ بَعْضٍ {وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ} [الطور: ٢٠] أَيْ صَيَّرْنَاهُمْ أَزْوَاجًا بِسَبَبِهِنَّ وَفِي الْمُرْسَلَاتِ {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلالٍ} [المرسلات: ٤١] أَيْ التَّرَفُّهِ وَالنِّعَمِ وَالرَّاحَةِ كَمَا عِنْدَ ظِلِّ الْأَشْجَارِ وَقْتَ شِدَّةِ حَرَارَةِ الشَّمْسِ {وَعُيُونٍ} [المرسلات: ٤١] مِيَاهٌ جَارِيَةٌ {وَفَوَاكِهَ} [المرسلات: ٤٢] مِنْ أَنْوَاعٍ مُتَفَرِّقَةٍ {مِمَّا يَشْتَهُونَ} [المرسلات: ٤٢] مِمَّا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ {كُلُوا وَاشْرَبُوا} [المرسلات: ٤٣] يُقَالُ ذَلِكَ مِنْ اللَّهِ بِالذَّاتِ أَوْ مِنْ الْمَلَائِكَةِ إكْمَالًا لِلْمَسَرَّةِ وَتَلْذِيذًا بِلَذَّةِ الْخِطَابِ الْإِكْرَامِيِّ {هَنِيئًا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [المرسلات: ٤٣] فِي الدُّنْيَا مِنْ اكْتِسَابِ الصَّالِحَاتِ {إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ} [المرسلات: ٤٤] فِي الدُّنْيَا بِقَبُولِ الْأَوَامِرِ وَانْزِجَارِ الْمَنَاهِي، وَقِيلَ الْمَقْصُودُ تَذْكِيرُ الْكُفَّارِ مَا فَاتَهُمْ مِنْ الْفُرْصَةِ الَّتِي أُمْكِنَتْ لَهُمْ ازْدِيَادًا لِمُسَاءَتِهِمْ وَعُقُوبَتِهِمْ
وَفِي النَّبَأِ {إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا} [النبأ: ٣١] مَوْضِعُ الْفَوْزِ وَالظَّفَرِ وَالنَّجَاةِ مِنْ النَّارِ {حَدَائِقَ وَأَعْنَابًا} [النبأ: ٣٢] بَيَانُ مَفَازًا أَوْ بَدَلٌ مِنْهُ أَيْ بَسَاتِينَ مَحُوطَةً بِالْجُدُرِ فِيهَا أَشْجَارُ الْجَنَّةِ وَثِمَارُهَا {وَكَوَاعِبَ} [النبأ: ٣٣] جَمْعُ كَاعِبٍ امْرَأَةٌ تَكَعَّبَ ثَدْيُهَا وَنَهَدَ وَارْتَفَعَ وَفَلَكَ {أَتْرَابًا} [النبأ: ٣٣] أَوْ مُسْتَوِيَاتٍ فِي السِّنِّ أَوْ عَذَارَى أَقْرَانًا مُتَصَافِيَاتٍ مُتَوَاخِيَاتٍ وَقِيلَ لُدَّاتٍ عَلَى ثَمَانِي عَشَرَةَ سَنَةً {وَكَأْسًا دِهَاقًا} [النبأ: ٣٤] مَمْلُوءَةً أَوْ مُتَتَابِعَةً أَوْ صَافِيَةً {لا يَسْمَعُونَ فِيهَا} [النبأ: ٣٥] فِي الْجَنَّةِ أَوْ حَالَ شُرْبِهِمْ {لَغْوًا} [النبأ: ٣٥] بَاطِلًا {وَلا كِذَّابًا} [النبأ: ٣٥] تَكْذِيبًا أَيْ لَا يُكَذِّبُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا خِلَافُ شُرْبِ خَمْرِ أَهْلِ الدُّنْيَا مِنْ التَّكَلُّمِ بِالْبَاطِلِ {جَزَاءً مِنْ رَبِّكَ} [النبأ: ٣٦] فَضْلًا وَثَوَابًا مِنْ اللَّهِ تَعَالَى {عَطَاءً حِسَابًا} [النبأ: ٣٦] كَافِيًا أَوْ كَثِيرًا مِمَّا عَمِلُوا وَفِي الْبَقَرَةِ {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى} [البقرة: ١٩٧] حَصِّلُوا لِمَعَادِكُمْ زَادًا وَذُخْرًا يَعْنِي التَّقْوَى فَإِنَّهُ خَيْرُ زَادٍ وَقِيلَ عَنْ الْخَازِنِ أَيْ كُلُّ سَفَرٍ يُوجِبُ زَادًا فِي الطَّرِيقِ وَأَعْظَمُ السَّفَرِ مَا يَكُونُ مِنْ الدُّنْيَا إلَى الْآخِرَةِ فَزَادُهُ تَقْوَى اللَّهِ وَالْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ، وَهَذَا الزَّادُ أَفْضَلُ مِنْ زَادِ سَفَرِ الدُّنْيَا مِنْ نَحْوِ الْمَأْكَلِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يُوَصِّلُ إلَى مُرَادِ النَّفْسِ وَشَهَوَاتِهَا وَزَادُ الْآخِرَةِ إلَى النَّعِيمِ الْمُقِيمِ {وَاتَّقُونِ} [البقرة: ١٩٧] خَافُوا عِقَابِي وَاشْتَغِلُوا بِتَقْوَايَ وَفِيهِ تَنْبِيهٌ عَلَى كَمَالِ عَظَمَةِ اللَّهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute