{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ} [الأحزاب: ٧٠] فِي ارْتِكَابِ مَا يَكْرَهُهُ فَضْلًا عَمَّا يُؤْذِي رَسُولَهُ {وَقُولُوا قَوْلا سَدِيدًا} [الأحزاب: ٧٠] قَاصِدًا إلَى الْحَقِّ وَالْعَدْلِ.
وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - صَوَابًا وَقِيلَ صِدْقًا وَقِيلَ هُوَ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَقِيلَ الْقَوْلُ الَّذِي يُوَافِقُ ظَاهِرُهُ بَاطِنَهُ أَوْ مَا أُرِيدَ بِهِ وَجْهَ اللَّهِ تَعَالَى، وَقِيلَ الْغَرَضُ النَّهْيُ عَنْ الْخَوْضِ فِيمَا لَا يَعْنِيهِمْ وَالْحَثُّ عَلَى حِفْظِ اللِّسَانِ فِي كُلِّ بَابٍ فَإِنَّهُ رَأْسُ الْخَيْرِ كُلِّهِ وَالْمَعْنَى رَاقِبُوا اللَّهَ تَعَالَى فِي حِفْظِ أَلْسِنَتِكُمْ وَتَسْدِيدِ قَوْلِكُمْ {يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ} [الأحزاب: ٧١] بِتَوْفِيقِ صَالِحِ الْأَعْمَالِ.
وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ بِقَبُولِ حَسَنَاتِكُمْ {وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ} [الأحزاب: ٧١] الْآيَةَ وَفِي آلِ عِمْرَانَ {وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [البقرة: ١٨٩] رَاجِينَ الْفَلَاحَ لَا الْقَطْعَ، فَإِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ كَذَا قِيلَ إنْ أُرِيدَ الْقَطْعُ بِالنِّسْبَةِ إلَى وَعْدِهِ وَعَادَتِهِ فَلَا نُسَلِّمُ عَدَمَ الْقَطْعِ فِي الْفَلَاحِ لِلْمُتَّقِي الْخَالِصِ، وَأَنَّ بِالنِّسْبَةِ إلَى ذَاتِ التَّقْوَى فَالْكَلَامُ فِي السَّبَبِ الْعَادِيِّ كَيْفَ وَخُلْفُ الْوَعْدِ وَالْكَذِبِ فِي الْخَبَرِ وَالرُّجُوعِ عَنْ الْحُكْمِ وَتَبْدِيلِ الْقَوْلِ مُحَالٌ فِي حَقِّهِ تَعَالَى كَمَا سَبَقَ وَفِيهِ تَنْبِيهٌ عَلَى تَوَقُّفِ الْفَلَاحِ عَلَى التَّقْوَى؛ وَلِهَذَا عَنْ ابْنِ جَمِيلٍ التَّقْوَى هُنَا وَاجِبَةٌ؛ لِأَنَّ الْفَلَاحَ تَوَقَّفَ عَلَيْهَا فَلَوْ لَمْ تَبْقَ زَالَ الْفَلَاحُ وَفِي آلِ عِمْرَانَ أَيْضًا {فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [آل عمران: ١٢٣] بِصَرْفِ الْعَبْدِ جَمِيعَ مَا أَنْعَمَ بِهِ عَلَيْهِ مَوْلَاهُ لِمَا خَلَقَ لَهُ، وَذَلِكَ بِالتَّقْوَى عَنْ عِقَابِهِ وَفِي الْحُجُرَاتِ {وَاتَّقُوا اللَّهَ} [البقرة: ١٨٩] فَلَا تَعْصُوهُ وَلَا تُخَالِفُوا أَمْرَهُ أَوْ مُخَالَفَةُ حُكْمِهِ وَالْإِهْمَالُ فِيهِ {لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [الأنعام: ١٥٥] رَاجِينَ رَحْمَتَكُمْ وَفِي الْمَائِدَةِ {وَتَعَاوَنُوا} [المائدة: ٢] تَنَاصَرُوا {عَلَى الْبِرِّ} [المائدة: ٢] اتِّبَاعُ أَمْرِ اللَّهِ وَالْعَمَلُ بِهِ أَوْ الْإِسْلَامُ أَوْ الْعَفْوُ وَالْإِعْفَاءُ {وَالتَّقْوَى} [المائدة: ٢] اجْتِنَابُ مَا نَهَى عَنْهُ أَوْ السُّنَّةِ وَمُتَابَعَتِهَا.
وَعَنْ الْخَازِنِ لِيُعِنْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا عَلَى كَسْبِ الْبِرِّ وَالتَّقْوَى.
وَعَنْ السُّلَمِيِّ الْبِرُّ مَا وَافَقَك عَلَيْهِ الْعِلْمُ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ وَالتَّقْوَى مُخَالَفَةُ الْهَوَى وَقِيلَ الْبِرُّ مَا اطْمَأَنَّ إلَيْهِ قَلْبُك وَقِيلَ تَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى طَاعَةُ الْأَكَابِرِ مِنْ السَّادَاتِ وَالْمَشَايِخِ وَلَا تُضَيِّعُوا حُظُوظَكُمْ مِنْهُمْ وَمِنْ مُعَاوَنَتِهِمْ وَخِدْمَتِهِمْ وَعَنْ سَهْلٍ الْبِرُّ الْإِيمَانُ وَالتَّقْوَى السُّنَّةُ
وَفِي الْعَلَقِ {أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوَى} [العلق: ١٢] بِالْإِخْلَاصِ وَالتَّوْحِيدِ أَوْ بِالْإِيمَانِ وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ وَاجْتِنَابِ الْمَعَاصِي فَنَهَاهُ عَنْهُ نَقْلٌ عَنْ الْعُيُونِ وَفِي النِّسَاءِ {وَلَقَدْ وَصَّيْنَا} [النساء: ١٣١] أَمَرْنَا {الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ} [النساء: ١٣١] مِنْ الْأُمَمِ الْمُتَقَدِّمَةِ {وَإِيَّاكُمْ} [النساء: ١٣١] يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ فِي الْقُرْآنِ {أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ} [النساء: ١٣١] بِأَنْ تُوَحِّدُوهُ وَتُطِيعُوهُ وَتَحْذَرُوهُ وَلَا تُخَالِفُوا أَمْرَهُ فَالتَّقْوَى شَرِيعَةٌ قَدِيمَةٌ أَوْصَى بِهَا اللَّهُ جَمِيعَ الْأُمَمِ وَحِينَ اسْتَوْصَى مِنْ بَعْضِ الْمَشَايِخِ قَالَ أُوصِيَك يَا وَلَدِي بِمَا أَوْصَى بِهِ اللَّهُ تَعَالَى جَمِيعَ أَنْبِيَائِهِ وَكَافَّةَ أَوْلِيَائِهِ وَجُمْلَةَ أَحِبَّائِهِ وَعَامَّةَ عِبَادِهِ لِكَوْنِهِ غَايَةَ مَا يُتَقَرَّبُ بِهِ إلَيْهِ فَلَيْسَ أَعَزَّ مِنْهُ وَلَا أَفْضَلَ بَعْدَهُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ} [النساء: ١٣١] فَعَلَيْك بِبَذْلِ جُهْدِك وَغَايَةِ سَعْيِك فِي تَحْقِيقِ حَقَائِقِ التَّقْوَى وَتَدْقِيقِ أَسْرَارِهَا فَإِنَّ لَهَا ظَاهِرًا وَبَاطِنًا وَحَقًّا وَحَقِيقَةً فَمَنْ بَلَغَهَا فَقَدْ مَلَكَ سُلْطَةً سَرْمَدِيَّةً انْتَهَى وَفِي الْمَائِدَةِ.
{قَالَ اتَّقُوا اللَّهَ} [المائدة: ١١٢] قَالَ عِيسَى لِلْحَوَارِيِّينَ الْقَائِلِينَ لَهُ - {هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ} [المائدة: ١١٢]- الْآيَةَ {اتَّقُوا اللَّهَ} [المائدة: ١١٢] فِي سُؤَالِ الْمَائِدَةِ {إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [المائدة: ١١٢] ؛ لِأَنَّهُ سُؤَالُ تَعَنُّتٍ وَقِيلَ أَمَرَهُمْ بِالتَّقْوَى لِيَحْصُلَ لَهُمْ هَذَا السُّؤَالُ وَقِيلَ اسْتَعِينُوا عَلَى هَذَا بِالتَّقْوَى كَقَوْلِهِ تَعَالَى - {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا} [الطلاق: ٢]-، ثُمَّ الِاحْتِجَاجُ بِهَذِهِ الْآيَةِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ شَرِيعَةَ مَنْ قَبْلَنَا شَرِيعَةٌ لَنَا إذَا قَصَّهُ اللَّهُ أَوْ أَخْبَرَ بِهِ الرَّسُولُ بِلَا نَكِيرٍ
وَفِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute