للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَذُرِّيَّتِهِ «، ثُمَّ قَالَ مَا بَنُو هَاشِمٍ» وَهُمْ أَوْلَادُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أَعْمَامُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَمَّاتُهُ.

وَكَانَتْ أَعْمَامُهُ اثْنَيْ عَشَرَ أَوْلَادُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَأَبُوهُ عَبْدُ اللَّهِ ثَالِثَ عَشْرِهِمْ وَهُمْ الْحَارِثُ وَأَبُو طَالِبٍ وَاسْمُهُ عَبْدُ مَنَافٍ وَالزُّبَيْرُ وَيُكَنَّى أَبَا الْحَارِثِ وَحَمْزَةَ وَأَبُو لَهَبٍ وَاسْمُهُ عَبْدُ الْعُزَّى وَالْغَيْدَاقُ وَالْمُقَوِّمُ وَضِرَارٌ أَوْ الْعَبَّاسُ وَقُثَمٌ وَعَبْدُ الْكَعْبَةِ وَجَحَلٌ بِتَقْدِيمِ الْجِيمِ، وَهُوَ الْمُسَغَّمُ الضَّخْمُ.

وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: بِتَقْدِيمِ الْحَاءِ، وَهُوَ الْقَيْدُ وَالْخَلْخَالُ وَيُسَمَّى الْمُغِيرَةُ وَقِيلَ كَانُوا أَحَدَ عَشَرَ فَأَسْقَطَ الْغَيْدَاقَ وَحَجْل وَقِيلَ تِسْعَةٌ فَأَسْقَطَ قَثْمًا وَعَبْدَ الْكَعْبَةِ وَعَمَّاتُهُ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَنَاتُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمٍ سِتٌّ: عَاتِكَةُ وَأُمَيْمَةُ وَالْبَيْضَاءُ، وَهِيَ أُمُّ حَكِيمٍ وَبَرَّةُ وَصَفِيَّةُ وَأَرْوَى وَلَمْ يُسْلِمْ مِنْهُنَّ إلَّا صَفِيَّةُ أُمُّ الزُّبَيْرِ بِلَا خِلَافٍ وَاخْتُلِفَ فِي أَرْوَى وَعَاتِكَةَ كَمَا فِي مَوَاهِبِ الْقَسْطَلَّانِيِّ لَكِنْ فِي مَصْرِفِ زَكَاةِ الْفِقْهِيَّةِ.

وَأَمَّا بَنُو أَبِي لَهَبٍ فَلَا إكْرَامَ لَهُمْ لِقَطْعِ الْقُرْآنِ عَلَاقَتَهُ «بِأَوْلَى النَّاسِ بِأُمَّتِي» أَيْ بِأُمُورِ أُمَّتِي أَوْ مِنْ أُمَّتِي مَعَ أَنَّهُمْ مِنْ قَبِيلَتِي الَّتِي هِيَ أَشْرَفُ الْقَبَائِلِ يَعْنِي لَوْ كَانَ الشَّرَفُ بِالْحَسَبِ وَالنَّسَبِ لَكَانُوا هُمْ الْأَشْرَافُ لَكِنْ لَيْسَ كَذَلِكَ «إنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِأُمَّتِي الْمُتَّقُونَ» مَرَاتِبُ الْأَوْلَوِيَّةِ عَلَى مَرَاتِبِ التَّقْوَى «وَلَا قُرَيْشُ» وَأَصْلُهُ دَابَّةٌ عَظِيمَةٌ مِنْ الْبَحْرِ تَمْنَعُ السُّفُنَ مِنْ السَّيْرِ فِي الْبَحْرِ وَتَدْفَعُهَا فَتُلْقِيهَا وَتَضْرِبُهَا فَتَكْسِرُهَا.

قَالَ الْمُطَرِّزِيُّ: هِيَ سَيِّدَةُ الدَّوَابِّ الْبَحْرِيَّةِ وَأَشَدُّهَا وَكَذَلِكَ قُرَيْشٌ سَادَاتٌ النَّاسِ كَذَا نُقِلَ عَنْ حَيَاةِ الْحَيَوَانِ لِلدَّمِيرِيِّ «بِأَوْلَى النَّاسِ بِأُمَّتِي إنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِأُمَّتِي الْمُتَّقُونَ» لَا يَخْفَى أَنَّ الْهَاشِمِيَّ أَشْرَفُ مِنْ قُرَيْشٍ فَبَعْدَ نَفْيِ الْأَوْلَوِيَّةِ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ لَا بُدَّ لِنَفْيِ هَذِهِ مِنْ وَجْهٍ فَالْوَجْهُ إمَّا لِدَفْعِ وَهْمِ عَدَمِ الْحُكْمِ فِي غَيْرِ الْهَاشِمِيِّ عَلَى مَفْهُومِ اللَّقَبِ أَوْ كَانَ فِي الْمُخَاطَبِينَ قُرَشِيٌّ وَأُرِيدَ تَنْصِيصُ الْحُكْمِ عَلَيْهِمْ أَوْ إيذَانًا عَلَى عَدَمِ الْأَوْلَوِيَّةِ بِحَسَبِ الْكَثْرَةِ.

وَقَدْ عُرِفَ فِي عِلْمِ الْمَعَانِي نُكْتَةُ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ فِي بَحْثِ الْإِطْنَابِ، وَإِنْ أَنْكَرَ بَعْضُهُمْ ذَلِكَ لَكِنْ قَدْ رُدَّ عَلَيْهِ كَمَا فِي الْإِتْقَانِ «وَلَا الْأَنْصَارُ» أَهْلُ الْمَدِينَةِ نَصَرُوهُ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَصْحَابَهُ الْمُهَاجِرِينَ حَتَّى جَعَلُوهُمْ مُشَارِكِينَ فِي دَارِهِمْ وَدِيَارِهِمْ وَسَائِرِ أَمْوَالِهِمْ بَلْ يُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ احْتِيَاجٌ هُمْ قَبِيلَتَانِ الْأَوْسُ وَالْخَزْرَجُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - وَمِنْهُمْ أَهْلُ الصُّفَّةِ لِكَثْرَةِ سُكْنَاهُمْ فِي صُفَّةِ مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِتَعْلِيمِ الدِّينِ وَالشَّرِيعَةِ يَنْقَطِعُونَ عَنْ كُلِّ شَيْءٍ وَيَتَفَرَّغُونَ لِذَلِكَ الدِّينِ نَزَلَ فِي شَأْنِهِمْ قَوْله تَعَالَى - {وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ} [الأنعام: ٥٢]- وَرَئِيسُهُمْ أَبُو هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - «بِأَوْلَى النَّاسِ بِأُمَّتِي إنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِأُمَّتِي الْمُتَّقُونَ» فِي الْإِضَافَاتِ تَنْبِيهَاتٌ أَنَّ الِانْتِسَابَ إلَى النَّبِيِّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لَيْسَ بِالْقَرَابَةِ وَلَا بِالْخِدْمَةِ وَلَا بِالْإِحْسَانِ بَلْ بِالتَّشَرُّعِ بِشَرِيعَتِهِ وَالتَّسَنُّنِ بِسُنَّتِهِ، وَهُوَ بِكَمَالِ الِاتِّبَاعِ لَهُ اعْتِقَادًا وَقَوْلًا وَفِعْلًا بَلْ سِيرَةً أَيْضًا إذْ حَاصِلُ الِاتِّقَاءِ مَأْخُوذٌ مِنْهُ لَكِنْ قَالُوا لَا شَرَفَ بِالنَّسَبِ إلَّا بِنَسَبِ فَاطِمَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - تَرَكَ الْمُهَاجِرُونَ لَعَلَّهُمْ دَاخِلُونَ فِي قُرَيْشٍ وَهَاشِمٍ وَلَوْ تَغْلِيبًا، ثُمَّ أَشَارَ إلَى عِلَّةِ الْحُكْمِ بِقَوْلِهِ «إنَّمَا أَنْتُمْ» إمَّا خِطَابٌ لِجَمِيعِ مَنْ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَوْ لِلْمُطْلَقِ وَالْمُتَكَلِّمُ دَاخِلٌ فِي عُمُومِ خِطَابِهِ فَتَدَبَّرْ «مِنْ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ» آدَم وَحَوَّاءُ - عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «وَأَنْتُمْ كَجُمَامٍ» مَا يُمْلَأُ بِهِ الصَّاعُ كَالْحُبُوبِ

وَقِيلَ الْمُكَالُ بِهِ لِتَسَاوِيهِ فِي الْعَادَةِ قَدْرًا وَثَمَنًا وَفُسِّرَ بِالْكَيْلِ وَقِيلَ أَيْ أَنْتُمْ مُسْتَوُونَ مِنْ حَيْثُ الذَّاتُ وَالنَّسَبُ كَاسْتِوَاءِ رَأْسِ الصَّاعِ «الصَّاعُ لَيْسَ لِأَحَدٍ عَلَى أَحَدٍ فَضْلٌ إلَّا بِالتَّقْوَى» فَإِنَّ الْفَضْلَ عِنْدَ اللَّهِ مُعْتَبَرٌ بِالتَّقْوَى (وَالْأَحَادِيثُ فِي هَذَا الْبَابِ) فَضْلِ التَّقْوَى (كَثِيرَةٌ جِدًّا) فَيَطُولُ الْكَلَامُ بِذِكْرِهَا وَلَا يَتَحَمَّلُهَا الْمَقَامُ وَمِنْهَا أَحَادِيثُ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ «أُوصِيَك بِتَقْوَى اللَّهِ فَإِنَّهُ رَأْسُ الْأَمْرِ كُلِّهِ» الْحَدِيثَ وَأَيْضًا «أُوصِيَك بِتَقْوَى اللَّهِ وَالتَّكْبِيرِ عَلَى كُلِّ شَرَفٍ»

<<  <  ج: ص:  >  >>