للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَرْحَمُك اللَّهُ تَعَالَى فَقَالَ آخَرُ لَا يُقَالُ لِلسُّلْطَانِ هَكَذَا يَكْفُرُ وَمَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ تَهَاوُنًا كَفَرَ وَالْأَمْنُ مِنْ مَكْرِ اللَّهِ وَالْيَأْسُ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى كُفْرٌ قَالَ مُعْتَذِرًا كُنْت كَافِرًا فَأَسْلَمْت قِيلَ نَعَمْ وَقِيلَ لَا وَمَنْ قِيلَ لَهُ أَتَعْمَلُ هَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فَقَالَ بِلَا إنْ شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ أَمَرَنِي اللَّهُ بِهَذَا الْأَمْرِ لَا أَفْعَلُهُ كَفَرَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة لَوْ قَالَ لِحَرَامٍ هَذَا حَلَالٌ بِلَا اعْتِقَادٍ لَا يَكْفُرُ وَفِيهَا رَجُلٌ يَبِيعُ فِي السُّوقِ وَيَقُولُ إنَّهُ حَلَالٌ، وَهُوَ كَاذِبٌ لِتَرْوِيجِ مَا بَاعَهُ قَالَ الْقَاضِي الْإِمَامُ: إذَا اعْتَقَدَهُ حَلَالًا، وَهُوَ حَرَامٌ إنْ حَرَامًا لِغَيْرِهِ كَمَالِ الْغَيْرِ لَا يَكْفُرُ بِاعْتِقَادِ الْحِلِّ، وَإِنْ لِعَيْنِهِ فَإِنْ بِدَلِيلٍ قَطْعِيٍّ يَكْفُرُ، وَإِنْ بِالْآحَادِ لَا وَعَنْ تَاجِ الدِّينِ الْكَبِيرِ هَذَا التَّفْصِيلُ لِلْعَالِمِ أَمَّا فِي حَقِّ الْجَاهِلِ فَإِنْ ثَبَتَ بِقَطْعِيٍّ كَفَرَ مُطْلَقًا لَعَلَّ هَذَا مَرْجِعُ مَا فِي تَبْيِينِ الْمَحَارِمِ اعْتِقَادُ الْحَلَالِ الثَّابِتِ بِقَطْعِيٍّ حُرْمَتِهِ وَاعْتِقَادُ الْحَرَامِ الثَّابِتِ بِقَطْعِيٍّ حِلِّهِ كُفْرٌ عِنْدَ بَعْضٍ وَعِنْدَ آخَرَ فِي الْحَرَامِ لِغَيْرِهِ لَا وَاسْتِحْلَالُ الْمَعْصِيَةِ كَبِيرَةً أَوْ صَغِيرَةً أَوْ بِقَطْعِيٍّ يَكْفُرُ كَاسْتِهَانَتِهَا وَتَخْفِيفِهَا وَمَنْ اسْتَخَفَّ بِالْمَسْجِدِ أَوْ بِنَحْوِهِ مِمَّا يَعْظُمُ فِي الشَّرْعِ كَفَرَ

وَمَنْ صَلَّى بِغَيْرِ طَهَارَةٍ عَمْدًا أَوْ صَلَّى إلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ أَوْ تَرَكَ صَلَاةً تَهَاوُنًا كَفَرَ وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة قَالَ لِامْرَأَتِهِ يَا كَافِرَةُ فَقَالَتْ: لَا بَلْ أَنْتَ أَوْ قَالَتْ لِزَوْجِهَا يَا كَافِرُ فَقَالَ لَا بَلْ أَنْتَ لَمْ تَقَعْ فُرْقَةٌ عَلَى مَا ذَكَرَ أَبُو اللَّيْثِ وَيَنْبَغِي وُقُوعُ الْفُرْقَةِ عَلَى قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي بَكْرٍ الْأَعْمَشِ قَالَ لِمُسْلِمٍ يَا كَافِرُ وَلَمْ يَقُلْ الْمُخَاطَبُ شَيْئًا أَوْ لِامْرَأَتِهِ وَلَمْ تَقُلْ شَيْئًا وَكَذَا لِزَوْجِهَا قَالَ الْأَعْمَشِ يَكْفُرُ وَكَذَا عِنْدَ بَعْضِ أَئِمَّةِ بُخَارَى وَالْمُخْتَارُ فِي مِثْلِهِ إنْ عَلَى طَرِيقِ الشَّتْمِ بِلَا اعْتِقَادِ كُفْرِهِ لَا يَكْفُرُ وَقِيلَ إنْ قَالَ فِي حَالِ غَضَبِهِ لَا يَكْفُرُ وَإِذَا قَالَ لِدَابَّتِهِ يَا مَالَ الْكَافِرِ لَا يَكْفُرُ وَقِيلَ إنْ نَتَجَتْ عِنْدَهُ يَكْفُرُ قَالَ لِغَيْرِهِ يَا كَافِرُ إنْ فِيهِ شُبْهَةُ الْكُفْرِ كَكَوْنِهِ عَرِيفًا أَوْ عَشَّارًا أَوْ عَوَانًا فَلَا يَكْفُرُ وَكَذَا لَوْ شَكَّ فِي إيمَانِهِ، وَإِنْ فَاسِقًا مُعْلِنًا مِصْرًا جَاهِلًا فِي عُلُومِ الدِّينِ فَيَكْفُرُ، وَأَمَّا فِي شَكِّ إيمَانِهِ فَلَا يَكْفُرُ وَهَذَا كُلُّهُ رَاجِعٌ إلَى مَعْنَى، وَهُوَ أَنَّ الْمَعَاصِيَ لَا تُوجِبُ سَلْبَ الْإِيمَانِ، وَلَكِنْ نِسْيَانُ التَّوْبَةِ وَتَحْقِيرُ الذَّنْبِ وَعَدَمُ رُؤْيَةِ الْعُقُوبَةِ يُوجِبُ سَلْبَ الْإِيمَانِ، وَكَذَلِكَ إذَا لَمْ يَرَ الْمَعَاصِيَ قَبِيحًا وَلَمْ يَرَ الطَّاعَةَ حَسَنًا أَوْ لَمْ يَرَ الثَّوَابَ عَلَى الطَّاعَةِ أَوْ لَمْ يَرَ وُجُوبَ الطَّاعَاتِ يَكْفُرُ

وَمَنْ يَتَوَهَّمُ هَذِهِ الْمَعَانِيَ بِدَلِيلِ أَفْعَالِهِ يَجُوزُ الشَّكُّ فِي إيمَانِهِ وَمَنْ تَلَفَّظَ بِلَفْظٍ مِثْلَ هَذِهِ يُحْكَمُ بِكُفْرِهِ وَلَوْ تَمَنَّى حِلَّ مَا يُدْرِكُ حُرْمَتَهُ الْعَقْلُ كَالزِّنَا وَاللُّوَاطَةِ وَالظُّلْمِ وَقَتْلِ النَّفْسِ ظُلْمًا يَكْفُرُ وَلَوْ تَمَنَّى حِلَّ مَا لَا تُدْرَكُ حُرْمَتُهُ بِالْعَقْلِ كَالْخَمْرِ وَالْمُنَاكَحَةِ بَيْنَ الْأَخِ وَالْأُخْتِ لَا يَكْفُرُ قَالَ أَنَا إبْلِيسُ أَوْ فِرْعَوْنُ لَا يَكْفُرُ إلَّا إذَا قَالَ اعْتِقَادِي كَاعْتِقَادِهِمَا رَجُلٌ رَوَى أَنَّ إبْرَاهِيمَ بْنَ أَدْهَمَ رَأَوْهُ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ بِالْبَصْرَةِ وَبِمَكَّةَ قَالَ ابْنُ مُقَاتِلٍ يَكْفُرُ وَكَذَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ وَكَذَا مَشَايِخُ الْعِرَاقِ قَالُوا بِكُفْرِهِ؛ لِأَنَّهَا لَا تَكُونُ مِنْ الْكَرَامَةِ بَلْ مِنْ الْمُعْجِزَةِ وَقَالَ صَدْرُ الْإِسْلَامِ بِجَوَازِهَا فِي حَقِّ الْوَلِيِّ وَيُؤَيِّدُهُ ثُبُوتُ النَّسَبِ بَيْنَ الْمَشْرِقِيِّ وَالْمَغْرِبِيِّ وَكَذَا مَشَايِخُ خُرَاسَانَ جَوَّزُوهَا فِي الْكَرَامَةِ وَسُئِلَ عُمَرُ النَّسَفِيُّ أَنَّ الْكَعْبَةَ تَدُورُ حَوْلَ بَعْضِ الْأَوْلِيَاءِ أَجَابَ نَقْضُ الْعَادَةِ عَلَى سَبِيلِ الْكَرَامَةِ جَائِزٌ وَهَذَا الْقَوْلُ أَصَحُّ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُسْأَلَ الْعَامِّيُّ عَنْ التَّوْحِيدِ لَكِنْ يُقَالُ لَهُ أَلَيْسَ الدِّينُ هَكَذَا وَيَنْبَغِي لِلرَّجُلِ إذَا زُفَّتْ إلَيْهِ امْرَأَةٌ أَنْ لَا يَغْشَاهَا حَتَّى يَسْأَلَهَا عَنْ الْإِسْلَامِ فَإِنْ وَصَفَتْ أَوْ وَصَفَ هُوَ فَعَلِمَتْ وَإِلَّا بَانَتْ وَالسَّبِيلُ أَنْ يَصِفَهُ هُوَ بِنَفْسِهِ ثُمَّ يَقُولُ هَلْ أَنْتِ عَلَى هَذَا

ثُمَّ تَفَاصِيلُ أَلْفَاظِ الْكُفْرِ وَأَفْعَالِ الِارْتِدَادِ مَذْكُورَةٌ فِي الْفَتَاوَى لَكِنَّ لَا يَنْبَغِي لِلْعَالِمِ أَنْ يَحْكُمَ بِالْكُفْرِ فِي كُلِّ ذَلِكَ مُطْلَقًا مَا لَمْ يُعَايِنْ إرَادَةَ جِهَةِ الْكُفْرِ؛ لِأَنَّ الْكُفْرَ جِنَايَةٌ عَظِيمَةٌ لَا يَجْتَرِئُ عَلَيْهِ مَا دَامَ أَنْ يُوجَدَ فِيهِ غَيْرُ الْكُفْرِ وَلَوْ احْتِمَالًا ضَعِيفًا لِجَوَازِ إرَادَةِ ذَلِكَ وَقَدْ ذُكِرَ أَنَّهُ إنْ كَانَ فِي الْمَسْأَلَةِ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ احْتِمَالًا لِلْكُفْرِ وَاحْتِمَالٌ وَاحِدٌ لِغَيْرِ الْكُفْرِ فَعَلَى الْمُفْتِي أَنْ يَمِيلَ إلَى عَدَمِ الْكُفْرِ تَحْسِينًا لِلظَّنِّ بِالْمُسْلِمِ وَأَنَّهُ لَا تَرْجِيحَ بِكَثْرَةِ الْأَدِلَّةِ عِنْدَنَا، وَإِنْ لَمْ يَنْفَعْهُ فَتْوَى الْمُفْتِي عِنْدَ نِيَّةِ الْوَجْهِ الَّذِي يُوجِبُ إلَى هُنَا مِنْ التَّتَارْخَانِيَّة إلَّا قَلِيلًا

(وَعِلَاجُهُ) أَيْ عِلَاجُ مَا يُوجِبُ الْكُفْرَ قَوْلًا وَفِعْلًا (أَنْ يَعْرِفَ أَوَّلًا آفَاتِ الْكُفْرِ بَعْدَ الْإِيمَانِ) أَيْ مَفَاسِدَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>