(وَاسْتِدْلَالٍ وَلَوْ عَلَى طَرِيقِ الْإِجْمَالِ) بِأَنْ لَا يَقْدِرَ عَلَى تَعْبِيرِهِ بِعِبَارَةٍ مُحَرَّرَةٍ عَلَى تَفْصِيلِ اصْطِلَاحِ الْقَوْمِ بَلْ فِي ذِهْنِهِ مَعْنَى يَسْتَحْصِلُ الْمَقْصُودَ لَعَلَّ هَذَا حَاصِلُ الْإِيمَانِ الْإِجْمَالِيِّ فَإِنْ قِيلَ هَذَا، وَإِنْ كَانَ جَارِيًا فِي نَحْوِ ذَاتِهِ تَعَالَى وَصِفَاتِهِ لَكِنْ لَا يَجْرِي فِي أَكْثَرِ الِاعْتِقَادِيَّاتِ كَأُمُورِ الْآخِرَةِ، فَإِنَّ الْعَقْلَ لَا يَهْتَدِي فِيهَا بِمُجَرَّدِ النَّظَرِ؛ وَلِذَا قَالَ فِي الْكَلَامِيَّةِ الْمَطَالِبُ إمَّا عَقْلِيٌّ مَحْضٌ كَأُمَّهَاتِ الشَّرَائِعِ مِنْ نَحْوِ وُجُودِهِ تَعَالَى وَصِدْقِ رَسُولِهِ أَوْ نَقْلِيٌّ مَحْضٌ كَأُمُورِ الْآخِرَةِ وَوُجُودِ غُرَابٍ الْآنَ فِي مَنَارَةِ الْإِسْكَنْدَرِيَّة أَوْ بِهِمَا كَحُدُوثِ الْعَالَمِ قُلْنَا قَدْ سَبَقَ الْإِشَارَةُ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ أُصُولُ الِاعْتِقَادِيَّةِ الْكَلَامِيَّةِ يَعْنِي أُمَّهَاتِ الشَّرَائِعِ أَوْ لِكُلِّ شَيْءٍ نَظَرٌ وَاسْتِدْلَالٌ عَلَى حَالِهِ فَاسْتِدْلَالُ هَذَا الْجِنْسِ بِأَدِلَّتِهِ الشَّرْعِيَّةِ لَكِنْ يَشْكُلُ أَنَّ الْإِيمَانَ الْإِجْمَالِيَّ جَائِرٌ عِنْدَنَا وَظَاهِرُ صَنِيعِ الْمُصَنِّفِ عَدَمُهُ إلَّا أَنْ يُقَالَ، وَإِنْ قُلْنَا بِجَوَازِهِ لَكِنْ قُلْنَا بِكَوْنِهِ إثْمًا فَعَدَمُ الْجَوَازِ يُصْرَفُ إلَيْهِ (قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {قُلِ انْظُرُوا} [يونس: ١٠١] تَفَكَّرُوا {مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ} [يونس: ١٠١] مَا وَضَعَهُ فِيهِمَا مِنْ الْعَجَائِبِ الدَّالَّةِ عَلَى وُجُودِهِ وَالْغَرَائِبِ الْمُنْبِئَةِ عَنْ صِفَاتِهِ الْكَامِلَةِ وَقَدْ مَرَّ أَنَّهُ قَالَ الْأَعْرَابِيُّ الْبَعْرَةُ تَدُلُّ عَلَى الْبَعِيرِ وَأَثَرُ الْقَدَمِ عَلَى الْمَسِيرِ فَسَمَاءٌ ذَاتُ أَبْرَاجٍ وَأَرْضٌ ذَاتُ فِجَاجٍ أَفَلَا تَدُلَّانِ عَلَى اللَّطِيفِ الْخَبِيرِ (وَالْآيَاتُ فِيهِ) فِي وُجُوبِ النَّظَرِ (وَفِي ذَمِّ الْمُقَلِّدِينَ) لَا مُطْلَقًا بَلْ (فِي الِاعْتِقَادِ كَثِيرَةٌ جِدًّا) قَطْعًا نَحْوَ قَوْله تَعَالَى - {إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ} [الزخرف: ٢٣]- وَنَحْوَ {وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ} [الزخرف: ٢٢] وَنَحْوَ {أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلا يَهْتَدُونَ} [البقرة: ١٧٠]- (وَالْإِجْمَاعُ مُنْعَقِدٌ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى وُجُوبِ النَّظَرِ وَالِاسْتِدْلَالِ فِي الْعَقَائِدِ، وَأَمَّا الْمُخَالِفُ فَإِمَّا خِلَافُهُ بَعْدَ مُضِيِّ قَرْنِ الْإِجْمَاعِ السَّابِقِ فَلَا يُعْتَبَرُ خِلَافُهُ إذْ الْخِلَافُ اللَّاحِقُ لَا يَمْنَعُ الْإِجْمَاعَ السَّابِقَ بَلْ هُوَ نَفْسُهُ سَاقِطٌ لِامْتِنَاعِ خَرْقِ الْإِجْمَاعِ أَوْ؛ لِأَنَّ الْمُخَالِفَ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْحَلِّ وَالْعَقْدِ فَلَا يُعْتَبَرُ خِلَافُهُ بَقِيَ أَنَّ الْإِجْمَاعَ لَا يَكُونُ إلَّا فِي الْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ لَا فِي الدُّنْيَوِيِّ وَلَا فِي الْعَقْلِيِّ وَمَا نَحْنُ فِيهِ مِنْ قَبِيلِ الْعَقْلِيِّ قُلْنَا، وَإِنْ فُهِمَ كَذَلِكَ مِنْ ظَاهِرِ التَّوْضِيحِ لَكِنَّ التَّلْوِيحَ أَوْرَدَ عَلَيْهِ بِأَنَّ الْعَقْلِيَّ قَدْ يَكُونُ ظَنِّيًّا فَبِالْإِجْمَاعِ يَصِيرُ قَطْعِيًّا كَمَا فِي تَفْضِيلِ الصَّحَابَةِ وَكَثِيرٍ مِنْ الِاعْتِقَادِيَّاتِ هَذَا لَكِنْ لَا يَخْلُو عَنْ تَأَمُّلٍ (فَالْمُقَلِّدُ فِي الِاعْتِقَادِ آثِمٌ) كَافِرٌ عِنْدَنَا لِمَا ذَكَرْنَا آنِفًا (وَإِنْ كَانَ إيمَانُهُ صَحِيحًا عِنْدَنَا) الْمَاتُرِيدِيَّةُ وَقِيلَ عَنْ الْأَشْعَرِيِّ نَعَمْ أَيْضًا وَالصَّحِيحُ لَا قِيلَ الْكَلَامُ فِي مُقَلِّدٍ حَصَلَ لَهُ ثَبَاتٌ بِحَيْثُ لَا يُزَحْزِحُهُ تَشْكِيكٌ أَقُولُ ذَلِكَ إنَّمَا هُوَ مَنْصِبُ الِاسْتِدْلَالِ لَا التَّقْلِيدُ ثُمَّ الْمُوجِبُونَ الِاسْتِدْلَالَ مَعَ نَفْيِ التَّقْلِيدِ كَالْأَشْعَرِيِّ وَالْبَاقِلَّانِيّ وَإِمَامِ الْحَرَمَيْنِ وَقِيلَ مَالِكٌ أَيْضًا فَالْمُقَلِّدُ مُؤْمِنٌ عَاصٍ وَقِيلَ لَيْسَ بِعَاصٍ إلَّا ذَا كَانَ مَعَهُ أَهْلِيَّةُ النَّظَرِ وَأَهْمَلَهُ بِالتَّكَاسُلِ وَقِيلَ لَيْسَ بِمُؤْمِنٍ أَصْلًا فَأَوْرَدَ بِلُزُومِ إكْفَارِ عَوَامِّ الْمُؤْمِنِينَ أَقُولُ قَدْ أُشِيرَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute