للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُعَظِّمَهُ (النَّاسُ وَ) أَنْ (يُثْنُوا عَلَيْهِ وَأَنْ يَنْشَطُوا) مِنْ النَّشَاطِ، وَهُوَ السُّرُورُ (فِي قَضَاءِ حَوَائِجِهِ، وَأَنْ يُسَامِحُوهُ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ) بِأَنْ يُبَاعَ لَهُ بِثَمَنٍ رَخِيصٍ وَيُشْتَرَى مِنْهُ بِثَمَنٍ غَالٍ (وَأَنْ يُوَسِّعُوا لَهُ فِي الْمَكَانِ) عِنْدَ قُدُومِهِ (فَإِنْ قَصَّرَ فِيهِ مُقَصِّرٌ ثَقُلَ) بِضَمِّ الْعَيْنِ (عَلَى قَلْبِهِ) ، وَإِنْ كَانَ الثَّقْلَةُ لِاسْتِلْزَامِ ازْدِرَاءِ الصَّلَاحِ الَّذِي يَجِبُ عَلَيْهِ احْتِرَامُهُ شَرْعًا فَالظَّاهِرُ لَيْسَ بِرِيَاءٍ كَازْدِرَاءِ الْعِلْمِ فَإِنَّهُ كُفْرٌ (وَوَجَدَ لِذَلِكَ اسْتِبْعَادًا) لِمَا يَرَى مِنْ نَفْسِهِ عَظَمَةً وَفَضِيلَةً (كَأَنَّ نَفْسَهُ تَتَقَاضَى) أَيْ تَقْبِضُ شَيْئًا فَشَيْئًا وَتَطْلُبُ (الِاحْتِرَامَ) وَالتَّعْظِيمَ مِنْ النَّاسِ (عَلَى) الصَّالِحَاتِ (الَّتِي أَخْفَاهَا) عَنْ النَّاسِ لَا يَخْفَى أَنَّ الْإِخْفَاءَ عَنْ النَّاسِ يَقْتَضِي عَدَمَ اطِّلَاعِ أَحَدٍ وَطَلَبُ الِاحْتِرَامِ مِنْ النَّاسِ يَقْتَضِي الِاطِّلَاعَ فَتَأَمَّلْ (وَلَوْ لَمْ يَكُنْ سَبَقَتْ مِنْهُ تِلْكَ الطَّاعَةُ) الَّتِي فَعَلَهَا خُفْيَةً (لَمَا كَانَ يُسْتَبْعَدُ ذَلِكَ) التَّقْصِيرُ فِي حَقِّهِ (وَمَهْمَا لَمْ يَكُنْ وُجُودُ الْعِبَادَةِ) عِنْدَهُ (كَعَدَمِهَا فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْخَلْقِ لَمْ يَكُنْ وُجُودُهُ خَالِيًا عَنْ شَوْبِ) اخْتِلَاطٍ (خَفِيٍّ) لَا يَكَادُ يَتَنَبَّهُ لَهُ صَاحِبُهُ (مِنْ الرِّيَاءِ وَمَهْمَا أَدْرَكَتْ نَفْسُهُ تَفْرِقَةً) فَرْقًا قَوِيًّا (بَيْنَ أَنْ يَطَّلِعَ عَلَى عِبَادَتِهِ إنْسَانٌ أَوْ بَهِيمَةٌ فَفِيهِ) أَيْ فَفِي سُرُورِهِ لِلِاطِّلَاعِ عَلَى عِبَادَتِهِ (شُعْبَةٌ) قِطْعَةٌ (مِنْ الرِّيَاءِ) فَإِنَّ سُرُورَهُ بِاطِّلَاعِ الْإِنْسَانِ دُونَ الْحَيَوَانِ يُشْعِرُ بِذَلِكَ قِيلَ هُنَا.

وَفِي الْحَدِيثِ «لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى تَكُونَ صَلَاتُهُ بَيْنَ النَّاسِ كَصَلَاتِهِ بَيْنَ أَعْنُزِهِ» (إلَّا أَنْ يُقَارِنَهُ) أَيْ يُقَارِنَ عَدَمُ كَوْنِ وُجُودِ الْعِبَادَةِ كَعَدَمِهَا (الْمُلَاحَظَةُ) لِاقْتِدَاءِ غَيْرِهِ بِهِ أَوْ طَاعَةِ غَيْرِهِ لِلَّهِ تَعَالَى فِي مَدْحِهِ وَمَحَبَّتِهِ لَهُ (أَوْ الِاسْتِدْلَال) بِذَلِكَ عَلَى حُسْنِ صُنْعِ اللَّهِ بِهِ وَإِظْهَارِ الْجَمِيلِ وَسَتْرِ الْقَبِيحِ (السَّابِقَانِ) آنِفًا فَحِينَئِذٍ لَا يَضُرُّ التَّفْرِقَةُ (وَقَلِيلٌ مَا هُمْ) أَيْ أَهْلُ الْمُلَاحَظَةِ وَالِاسْتِدْلَالِ وَلَا يَسْلَمُ إلَّا الصِّدِّيقُونَ قِيلَ هُنَا وَجَمِيعُ ذَلِكَ إثْمٌ وَيُخَافُ مِنْهُ إحْبَاطُ الْعَمَلِ أَقُولُ لَكِنْ دُونَ سَائِرِهِ كَمَا يُشْعِرُ بِهِ قَوْلُهُ شُعْبَةٌ مِنْ الرِّيَاءِ اعْلَمْ أَنَّهُ إذَا كَانَ صُدُورُ الْعَمَلِ ابْتِدَاءً عَلَى وَجْهِ الْخُلُوصِ وَلَمْ يَخْطِرْ شَيْءٌ مِنْ جِنْسِ هَذِهِ الْخَوَاطِرِ عِنْدَ الْعَمَلِ بَلْ لَمْ تُوجَدْ شَائِبَتُهَا وَلَوْ مَغْلُوبَةً فَمَا يَقْتَضِيهِ أَكْثَرُ الْأُصُولِ وَالْقَوَاعِدِ عَدَمُ الرِّيَاءِ إذْ الْأَصْلُ الثَّابِتُ لَا يَزُولُ بِالْعَوَارِضِ الْجُزْئِيَّةِ وَأَنَّ الْأَصْلَ إبْقَاءُ مَا كَانَ عَلَى مَا كَانَ، وَأَنَّ الْأَصْلَ الْعَدَمُ فِي الصِّفَاتِ الْعَارِضَةِ، وَأَنَّ الِاعْتِبَارَ بِالْمَقَاصِدِ لَا بِالْعَوَارِضِ وَأَنَّ الْمَرْجُوحَ مُلْحَقٌ بِالْعَدَمِ عِنْدَ الرَّاجِحِ وَلَا يَسْقُطُ الْأَصْلُ بِالْفَرْعِ، وَأَنَّهُ قَدْ قُرِّرَ فِيمَا سَبَقَ أَنَّ الرِّيَاءَ إرَادَةُ نَفْعِ الدُّنْيَا بِعَمَلِ الْآخِرَةِ وَالظَّاهِرُ مِنْهُ جَعْلُ عَمَلِ الْآخِرَةِ سَبَبًا دَاعِيًا لِنَفْعِ الدُّنْيَا وَلَا يَخْفَى أَنَّ فِي جِنْسِ مَا سَبَقَ هُنَا لَمْ يُجْعَلْ ذَلِكَ بَلْ كَانَ عَارِضًا بَعْدَ بُرْهَةٍ مِنْ زَمَانِ الْعَمَلِ بَلْ بِلَا قَصْدٍ بِاضْطِرَارٍ بِلَا شُعُورٍ وَبِالْجُمْلَةِ إنْ كَانَ ذَلِكَ مِنْ أَمْثَالِ الْمُصَنِّفِ بِالرَّأْيِ وَالِاجْتِهَادِ فَلِلنَّظَرِ اتِّسَاعٌ، وَإِنْ بِالنَّصِّ فَيَنْبَغِي أَنْ يُشِيرَ إلَيْهِ نَعَمْ قَالُوا الْمُحَرَّمَاتُ تَثْبُتُ بِالشُّبُهَاتِ وَعِنْدَ اجْتِمَاعِ الْحِلِّ وَالْحُرْمَةِ قَالُوا تَغْلِبُ الْحُرْمَةُ، وَأَنَّ الْمَطْلَبَ لَيْسَ بِمَحْضِ الرِّيَاءِ بَلْ شَائِبَتِهِ وَلَا يَبْعُدُ ثُبُوتُ هَذِهِ الشَّائِبَةِ بِمِثْلِ هَذِهِ الْأَدِلَّةِ فَلَا يَرِدُ أَنَّهُ لَا حُجَّةَ مَعَ الِاحْتِمَالِ وَأَنَّ الِاعْتِبَارَ بِالْغَالِبِ الشَّائِعِ وَبِالْجُمْلَةِ إنَّ هَذِهِ مُقَدِّمَاتٌ خَطَابِيَّةٌ مَقْبُولَةٌ بِالنَّظَرِ إلَيْنَا لَا بُرْهَانِيَّةٌ فَيَكْفِي اعْتِقَادُنَا

<<  <  ج: ص:  >  >>