للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إمَّا أَنْ يَتَعَلَّقَ بِنِظَامِ الْعَالَمِ وَانْتِظَامِ الْمَعَاشِ أَوْ لَا وَمَا مِنْ الْعِبَادَاتِ إمَّا مُتَعَدِّيَةٌ) كَالْأَعْمَالِ الْغَيْرِ الْمُنْقَطِعَةِ (أَوْ قَاصِرَةٌ) كَالذِّكْرِ (فَفِيهِ سِتَّةُ مَبَاحِثَ الْمَبْحَثُ الْأَوَّلُ فِي الْكَلَامِ الَّذِي الْأَصْلُ فِيهِ الْحَظْرُ) أَيْ الْمَنْعُ وَالْحُرْمَةُ (وَهُوَ سِتُّونَ الْأَوَّلُ كَلِمَةُ الْكُفْرِ) اتِّفَاقًا أَوْ اخْتِلَافًا بَيْنَ فُقَهَائِنَا (الْعِيَاذُ بِاَللَّهِ تَعَالَى وَحُكْمُهُ إنْ كَانَ طَوْعًا مِنْ غَيْرِ سَبْقِ لِسَانٍ إحْبَاطُ الْعَمَلِ كُلِّهِ) لَمَّا كَانَ التَّصْدِيقُ وَالْإِقْرَارُ رُكْنَيْنِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ كَانَ الْمُنَافِي لِكُلٍّ مِنْهَا كُفْرًا أَمَّا مُنَافِي الْأَوَّلِ وَهُوَ الْإِنْكَارُ وَالْوَهْمُ وَالشَّكُّ وَالظَّنُّ فَكُفْرٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَأَمَّا مُنَافِي الثَّانِي فَكُفْرٌ حَالَةَ الِاخْتِيَارِ إنْ صَدَرَ بِلَا سَبْقِ لِسَانٍ جِدًّا أَوْ هَزْلًا وَأَمَّا مَعَهُ فَمَعْفُوٌّ وَأَمَّا فِي حَالَةِ الْإِكْرَاهِ فَإِنْ بِالْمُلْجِئِ أَعْنِي تَلَفَ النَّفْسِ أَوْ الْعُضْوِ فَفِيهِ رُخْصَةٌ لِلْعُذْرِ وَالْعَزِيمَةُ عَدَمُهُ فَإِنْ قُتِلَ كَانَ مِنْ أَفْضَلِ الشُّهَدَاءِ وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِهِ مِثْلَ الضَّرْبِ الشَّدِيدِ وَالْحَبْسِ الْمَدِيدِ وَتَلَفِ الْمَالِ فَلَا يَجُوزُ أَصْلًا حَتَّى لَوْ تَكَلَّمَ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ صَارَ كَافِرًا دِيَانَةً وَقَضَاءً

(ثُمَّ لَا يَعُودُ بَعْدَ التَّوْبَةِ) عِنْدَ أَئِمَّتِنَا خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الِاخْتِلَافُ فِي حَمْلِ الْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ فَالشَّافِعِيُّ حَمَلَ قَوْله تَعَالَى - {وَمَنْ يَكْفُرْ بِالإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ} [المائدة: ٥] عَلَى قَوْلِهِ {وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ} [البقرة: ٢١٧] الْآيَةُ فَاشْتَرَطَ فِي الْإِحْبَاطِ الْمَوْتُ عَلَى الْكُفْرِ وَأَمَّا أَئِمَّتُنَا فَلَمْ يَحْمِلُوا بَلْ عَمِلُوا بِكِلَيْهِمَا لِإِمْكَانٍ الْعَمَلِ فَلَمْ يَشْتَرِطُوا فِيهِ الْمَوْتَ الْمَذْكُورَ فَعَلَى قَوْلِهِمْ لَا فَرْقَ بَيْنَ مَنْ أَسْلَمَ ابْتِدَاءً وَبَيْنَ مَنْ صَدَرَ مِنْهُ الْكُفْرُ ثُمَّ تَابَ فِي عَدَمِ الْخَيْرِ بَلْ أَشَدُّ مِنْهُ لِأَنَّهُ بِسَبَبِ الْإِسْلَامِ تَخَلَّصَ عَنْ جَمِيعِ الْآثَارِ بِخِلَافِ مَنْ صَدَرَ مِنْهُ الْكُفْرُ فَإِنَّ مَعَاصِيَهُ لَا تَذْهَبُ بِكُفْرِهِ حَتَّى يَجِبَ عَلَيْهِ بَعْدَ التَّوْبَةِ قَضَاءُ مَا فَاتَ فِي إسْلَامِهِ مِنْ الْفَرَائِضِ وَالْوَاجِبَاتِ كَذَا فِي بَعْضِ مَنْهِيَّاتِ الْمُصَنِّفِ (فَيَجِبُ عَلَيْهِ الْحَجُّ) خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ لِأَنَّ عِنْدَهُ يَعُودُ بَعْدَ التَّوْبَةِ وَأَمَّا عِنْدَنَا فَيَجِبُ بَعْدَ التَّوْبَةِ ثَانِيًا (إنْ كَانَ غَنِيًّا) أَيْ مُسْتَطِيعًا فَإِنَّ مُجَرَّدَ الْغِنَى لَيْسَ بِمُوجِبٍ (وَلَوْ حَجَّ أَوَّلًا وَلَا يَجِبُ قَضَاءُ مَا صَلَّى وَصَامَ وَزَكَّى) قَبْلَ الرِّدَّةِ فِي حَالِ إسْلَامِهِ بَعْدَ التَّوْبَةِ لِلْحَرَجِ وَالْمَشَقَّةِ وَلِعَدَمِ تَقَرُّرِهِ فِي ذِمَّتِهِ وَعَدَمِ بَقَاءِ سَبَبِ وُجُوبِهِ بَعْدَ التَّوْبَةِ وَهُوَ الْوَقْتُ وَالشُّهُودُ وَالنِّصَابُ (وَيَجِبُ قَضَاءُ مَا فَاتَ مِنْهَا) فِي حَالِ إسْلَامِهِ بَعْدَ التَّوْبَةِ (لِأَنَّ الْمَعْصِيَةَ لَا تَذْهَبُ بِالْكُفْرِ) فَيَجِبُ قَضَاءُ جَمِيعِ فَوَائِتِهِ الْمَفْرُوضَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>