تَقْدِيرِ عَدَمِهِ وَأَمَّا إنْ بِلَا سُؤَالٍ وَلَا ظَنِّ عَدَمِ رِضَاهُ فَهَدِيَّةٌ جَائِزَةٌ (وَالْمُرْتَشِيَ) مَنْ يَقْبَلُ الرِّشْوَةَ (وَعَاصِرَ الْخَمْرِ وَمُعْتَصِرَهَا وَشَارِبَهَا وَسَاقِيَهَا وَحَامِلَهَا) إلَّا أَنْ يَكُونَ لِلْإِرَاقَةِ (وَالْمَحْمُولَةَ إلَيْهِ وَبَائِعَهَا أَوْ مُبْتَاعَهَا وَوَاهِبَهَا وَآكِلَ ثَمَنِهَا) أَيْ مُتَنَاوِلَهُ بِأَيِّ وَجْهٍ كَانَ وَخَصَّ الْأَكْلَ لِأَنَّهُ أَغْلَبُ وُجُوهِ الِانْتِفَاعِ وَالْحَدِيثُ فِي الْجَامِعِ عَلَى رِوَايَةِ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - هَكَذَا «لَعَنَ اللَّهُ الْخَمْرَ وَشَارِبَهَا وَسَاقِيَهَا وَبَائِعَهَا وَمُبْتَاعَهَا وَعَاصِرَهَا وَمُعْتَصِرَهَا وَحَامِلَهَا وَالْمَحْمُولَةَ إلَيْهِ وَآكِلَ ثَمَنِهَا» .
قَالَ الْمُنَاوِيُّ عَنْ الطِّيبِيِّ وَمَنْ بَاعَ الْعِنَبَ مِنْ الْعَاصِرِ فَأَخَذَ ثَمَنَهُ فَهُوَ أَحَقُّ بِاللَّعْنِ، التَّرْتِيبُ مِنْ جِهَةِ الْوُجُودِ: الْمُعْتَصِرُ فَالْعَاصِرُ فَالْبَائِعُ فَآكِلُ الثَّمَنِ فَالْمُشْتَرِي فَالْحَامِلُ فَالْمَحْمُولُ إلَيْهِ فَالْمُشْتَرَاةُ لَهُ فَالسَّاقِي فَالشَّارِبُ وَأَمَّا التَّرْتِيبُ فِي كَثْرَةِ الْإِثْمِ فَالشَّارِبُ فَالْآكِلُ لِثَمَنِهَا فَالْبَائِعُ فَالسَّاقِي وَجَمِيعُهُمْ يَتَفَاوَتُونَ فِي الدَّرَكَاتِ فِي الْإِثْمِ وَقَدْ يَجْتَمِعُ الْكُلُّ فِي شَخْصٍ وَاحِدٍ وَفِيهِ أَنَّهُ يَحْرُمُ بَيْعُ الْمُسْكِرِ وَبَيْعُ الْحَشِيشَةِ لِمَنْ يَسْكَرُ بِهَا وَيُعَزَّرُ بَائِعُهَا وَآكِلُهَا لِلسُّكْرِ
(وَالْأَوْلَى أَنْ لَا يَصْدُرَ اللَّعْنُ عَنْ الْمُؤْمِنِ) لِشَيْءٍ مُطْلَقًا لِأَنَّ الِاشْتِغَالَ بِذِكْرِ اللَّهِ أَهَمُّ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ فَفِي السُّكُونِ السَّلَامَةُ (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يُوجِبْ عَلَيْنَا لَعْنَ أَحَدٍ وَلَوْ إبْلِيسَ فَفِيهِ عِبْرَةٌ لِمَنْ اعْتَبَرَ) مِنْ أُولِي الْأَلْبَابِ وَوَعْظٌ لِمَنْ اتَّعَظَ فَلَيْسَ فِي تَرْكِ اللَّعْنِ حَظْرٌ وَلَوْ لِإِبْلِيسَ وَأَمَّا لَعْنُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فَقِيلَ إنَّهُ يَعْلَمُ مِنْ الْأَشْيَاءِ مَا لَا يَعْلَمُ غَيْرُهُ عَلَى أَنَّهُ قَدْ صَحَّ أَنَّ لَعْنَهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - دُعَاءٌ لِأُمَّتِهِ فَتَأَمَّلْ وَفِي حِلْيَةِ الْأَبْرَارِ لِلنَّوَوِيِّ وَيَقْرَبُ مِنْ اللَّعْنِ الدُّعَاءُ عَلَى الْإِنْسَانِ بِالشَّرِّ حَتَّى الدُّعَاءُ عَلَى الظَّالِمِ كَقَوْلِهِ لِإِنْسَانٍ: لَا أَصَحَّ اللَّهُ جِسْمَهُ وَلَا سَلَّمَهُ اللَّهُ وَمَا جَرَى مَجْرَاهُ كُلُّ ذَلِكَ مَذْمُومٌ انْتَهَى (خ م. عَنْ الضَّحَّاكِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «لَعْنُ الْمُؤْمِنِ كَقَتْلِهِ»
فِي الْإِثْمِ وَالْجَرِيمَةِ وَلَا يَلْزَمُ الْمُسَاوَاةُ لِأَنَّ وَجْهَ الشَّبَهِ أَقْوَى فِي الْمُشَبَّهِ بِهِ (ت. عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «الْمُؤْمِنُ لَيْسَ بِطَعَّانٍ» كَثِيرِ الطَّعْنِ فِي الْأَنْسَابِ كَمَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ «وَلَا لَعَّانٍ وَلَا فَاحِشٍ» مُتَكَلِّمٍ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ «وَلَا بَذِيءٍ»
مَنْ لَيْسَ لَهُ حَيَاءٌ وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ نَفْيَ كَمَالِ الْإِيمَانِ لَكِنْ يُشْعِرُ نَفْيَ أَصْلِ الْإِيمَانِ لِلُزُومِ كَمَالِ الْمُجَانَبَةِ لِأَنَّ طَبِيعَةَ الْمُؤْمِنِ مِنْ حَيْثُ هُوَ مُؤْمِنٌ مُنَافَاةُ ذَلِكَ (م. عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ «إنَّ اللَّعَّانِينَ لَا يَكُونُونَ شُهَدَاءَ وَلَا شُفَعَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ»
فَمَنْ كَثُرَ لَعْنُهُ يُحْرَمُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ رُتْبَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute