للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَعِنْدَ أَهْلِ الْكِتَابِ وَذَكَرَ) أَنْوَاعًا (مِنْهَا الْوَصِيَّةُ لِلْمُغَنِّينَ وَالْمُغَنِّيَاتِ وَحُكِيَ عَنْ ظَهِيرِ الدِّينِ الْمَرْغِينَانِيِّ) صَاحِبِ الْهِدَايَةِ تِلْمِيذِ مُفْتِي الثَّقَلَيْنِ نَجْمِ الدِّينِ عُمَرَ النَّسَفِيِّ وَلَهُ شِعْرٌ حَسَنٌ وَمِنْ أَشْعَارِهِ

وَلَمْ أَدْخُلْ الْحَمَّامَ مِنْ أَجْلِ لَذَّةٍ ... وَكَيْفَ وَنَارُ الشَّوْقِ بَيْنَ جَوَانِحِي

وَلَكِنَّنِي لَمْ يَكْفِنِي فَيْضُ عَبْرَتِي ... دَخَلْتُ لِأَبْكِيَ مِنْ جَمِيعِ جَوَارِحِي

(أَنَّهُ قَالَ لِمُقْرِئِ زَمَانِنَا أَحْسَنْت عِنْدَ قِرَاءَتِهِ يَكْفُرُ انْتَهَى) لَعَلَّ إضَافَةَ مُقْرِئٍ لَيْسَ لِلِاسْتِغْرَاقِ إلَّا أَنْ يُرَادَ ادِّعَائِيًّا أَوْ ضَافِيًا بَلْ إمَّا لِلْعَهْدِ بِالنِّسْبَةِ إلَى زَمَانِ الْمَرْغِينَانِيِّ أَوْ لِلْجِنْسِ عَلَى أَنْ يَكُونَ وُجُودُهُ فِي ضِمْنِ بَعْضِ الْأَفْرَادِ فَافْهَمْ (وَوَجْهُهُ) أَيْ وَجْهُ كَوْنِهِ كُفْرًا لَعَلَّهُ مِنْ الْمُصَنِّفِ (أَنَّ التَّغَنِّيَ لِلنَّاسِ) أَيْ لِمُجَرَّدِ تَلَهِّي النَّاسِ لَا لِأَجْلِ الْعُرْسِ وَالْأَعْيَادِ وَدَفْعِ الْوَحْشَةِ فِي نَفْسِهِ وَقِيلَ وَلِلْخَوَاصِّ الَّذِينَ يَبْلُغُونَ مَرْتَبَةَ النَّفْسِ الْمُطَمْئِنَةِ أَوْ الرَّاضِيَةِ إنْ صَحَّ فَإِنَّهَا مَحِلُّ اجْتِهَادٍ وَقَدْ جَوَّزَهُ بَعْضٌ كَمَا سَيُشِيرُ إلَيْهِ (لَمَّا كَانَ حَرَامًا بِالْإِجْمَاعِ) لَعَلَّ دَعْوَى الْإِجْمَاعِ مَأْخُوذَةٌ مِمَّا سَبَقَ آنِفًا وَقَدْ سَمِعْت الِاخْتِلَافَ آنِفًا صَرَاحَةً وَإِشَارَةً ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الْمَوْلَى أَبَا السُّعُودِ الْعِمَادِيَّ قَالَ فِي رِسَالَتِهِ الَّتِي أَرْسَلَهَا إلَى الْمُصَنِّفِ قَدْ طَالَعْت أَيُّهَا الْأَخُ رِسَالَتَك زَادَ اللَّهُ تَعَالَى اهْتِمَامَك بِأَمْرِ الدِّينِ وَإِحْيَاءِ السُّنَنِ وَإِنْكَارِ الْبِدَعِ فَقَدْ أَحْسَنْت فِي إنْكَارِ التَّغَنِّي وَاللَّحْنِ فِي الْأَذْكَارِ ثُمَّ قَالَ فِي حَقِّ التَّغَنِّي مَا حَاصِلُهُ عَنْ الْأَكْمَلِ أَبَاحَهُ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ الْإِمَامُ مَالِكٌ وَعَنْ الْقُشَيْرِيِّ مِمَّنْ أَبَاحَهُ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ وَأَهْلُ الْحِجَازِ وَعَنْ ابْنِ الْهُمَامِ وَالْعَيْنِيِّ وَمِنْ النَّاسِ مَنْ كَرِهَهُ مُطْلَقًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَبَاحَهُ مُطْلَقًا ثُمَّ قَالَ وَمَا وَرَدَ فِي جَوَازِ التَّغَنِّي وَاللَّحْنِ فِي الْقُرْآنِ فَوَارِدٌ فِي حَقِّ سَائِرِ الْأَذْكَارِ دَلَالَةً وَأَفْرَدَ الْغَزَالِيُّ فِي الْإِحْيَاءِ بَابًا فِي جَوَازِ الْغِنَاءِ وَالْقُشَيْرِيُّ كَذَلِكَ فِي رِسَالَتِهِ وَصَاحِبُ الْعَوَارِفِ ذَكَرَ فِي جَوَازِهِ مَا فِيهِ مَقْنَعٌ لِلْمُصَنِّفِ وَرُوِيَ عَنْ كَثِيرٍ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ إبَاحَةُ الْغِنَاءِ ثُمَّ قَالَ فَكَيْفَ يَصِحُّ دَعْوَى الْإِجْمَاعِ عَلَى تَحْرِيمِ الْغِنَاءِ فِي جَمِيعِ الْأَدْيَانِ فَيَلْزَمُ إكْفَارُ مُسْتَحِلِّهِ بَلْ مُتَمَنِّي حِلِّهِ وَبَعْضُهُمْ أَجَازَهُ فِي الشَّرِيعَةِ الْمُحَمَّدِيَّةِ فَبَعْضُ الْمُفْتِينَ كَابْنِ كَمَالٍ أَفْرَطَ وَأَفْتَى بِكُفْرِ الْمُسْتَحِلِّ بَلْ الْفَاعِلِ وَبَعْضُهُمْ كَالْعَلِيِّ الْجَمَالِيِّ فَرَّطَ وَأَفْتَى بِإِبَاحَةِ اللَّحْنِ وَالتَّغَنِّي فِي الْأَذْكَارِ اهـ وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة عَنْ السِّيَرِ الْكَبِيرِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ دَخَلَ عَلَى أَخِيهِ الْبَرَاءِ بْنِ مَالِكٍ وَهُوَ يُغَنِّي ثُمَّ قَالَ هُوَ حُجَّةٌ لِمَنْ قَالَ لَا بَأْسَ بِالتَّغَنِّي لِأَنَّ الْبَرَاءَ مِنْ أَزْهَدِ الصَّحَابَةِ إذَا عَرَفْت مَا قَدَّمْنَا لَك مِنْ الِاخْتِلَافَاتِ مِمَّنْ يُعْتَدُّ بِهِمْ فَدَعْوَى الْإِجْمَاعِ مُشْكِلَةٌ غَايَةَ الْإِشْكَالِ وَالْحَمْلُ عَلَى مَا يَذْكُرُهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ الْمَوَاقِعِ الْخِلَافِيَّةِ عَلَى قَاعِدَةِ حَمْلِ الْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ يَرُدُّهُ ذِكْرُهُمْ تِلْكَ الصُّوَرِ فِي مُقَابَلَةِ هَذِهِ الصُّوَرِ عَلَى أَنَّ كَوْنَهُ مِنْ ذَلِكَ الْقَبِيلِ لَيْسَ بِمَعْلُومٍ (كَانَ) تَحْرِيمُهُ (قَطْعِيًّا) هَذَا إنَّمَا يَتِمُّ إذَا كَانَ جَمِيعُ الْإِجْمَاعِ قَطْعِيًّا أَوْ عُلِمَ كَوْنُهُ مِنْ الْقَطْعِيِّ وَنُقِلَ إلَيْنَا تَوَاتُرًا وَالْكُلُّ مَطْلُوبُ الْبَيَانِ بَلْ اُخْتُلِفَ فِي إكْفَارِ مُنْكِرِي الْقَطْعِيِّ وَإِنْ كَانَ الْأَصَحُّ كُفْرَهُ عِنْدَنَا (فَتَحْسِينُهُ تَحْلِيلٌ لِلْحَرَامِ) الْقَطْعِيِّ (وَكَذَا كُلُّ تَحْسِينِ الْقَبِيحِ الْقَطْعِيِّ كُفْرٌ) ظَاهِرُهُ الشُّمُولُ إلَى مَا يَكُونُ قُبْحُهُ لِذَاتِهِ أَوْ لِغَيْرِهِ وَقَدْ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ كَغَيْرِهِ أَنَّ الْكُفْرَ فِيمَا يَكُونُ حَرَامًا لِعَيْنِهِ وَحُرْمَتُهُ ثَابِتَةٌ قَطْعِيَّةٌ فَتَأَمَّلْ (وَصَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَالذَّخِيرَةِ) مَا جَعَلَاهُ كُفْرًا بَلْ (سَمَّيَاهُ كَبِيرَةً هَذَا) أَيْ الْحُرْمَةُ فِي جَمِيعِ الْأَدْيَانِ (فِي التَّغَنِّي لِلنَّاسِ فِي غَيْرِ الْأَعْيَادِ وَالْعُرْسِ)

<<  <  ج: ص:  >  >>