للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(د عَنْ جَابِرٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «الْمَجَالِسُ بِالْأَمَانَةِ» أَيْ لَا يُشِيعُ حَدِيثَ جَلِيسِهِ وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى مُجَالَسَةِ أَهْلِ الْأَمَانَةِ وَتَجَنُّبِ أَهْلِ الْخِيَانَةِ وَعَنْ الْعَسْكَرِيِّ يُرِيدُ أَنَّ الرَّجُلَ يَجْلِسُ إلَى الْقَوْمِ فَيَخُوضُونَ فِي حَدِيثٍ رُبَّمَا كَانَ فِيهِ مَا يَكْرَهُونَ فَيَأْمَنُونَهُ عَلَى سِرِّهِمْ فَذَلِكَ الْحَدِيثُ كَالْأَمَانَةِ عِنْدَهُ فَمَنْ أَظْهَرَهُ فَهُوَ قَتَّاتٌ وَفَسَّرَ أَيْضًا أَيْ الْمَجَالِسَ إنَّمَا تَحْسُنُ بِالْأَمَانَةِ لِحَاضِرِيهَا عَلَى مَا يَقَعُ فِيهَا مِنْ قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ «إلَّا ثَلَاثَةَ» مَجَالِسَ «سَفْكُ دَمٍ حَرَامٍ» فَيُفْشِي مَا سَمِعَ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِإِهْرَاقِ دَمٍ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَلْحَقُهُ مَا يَتَعَلَّقُ بِالضَّرْبِ وَالْجَرْحِ «وَفَرْجٍ حَرَامٍ» أَيْ الزِّنَا «وَاقْتِطَاعُ مَالٍ» أَيْ وَمَجْلِسٌ يُقْتَطَعُ فِيهِ مَالُ مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ «بِغَيْرِ حَقٍّ» شَرْعِيٍّ مُبِيحٍ فَيَظْهَرُ مَا يَتَعَلَّقُ بِالسَّرِقَةِ وَالْغَصْبِ أَوْ التَّلَفِ وَالْإِهْدَارِ أَوْ غَمْزِ الظَّالِمِ فَلَا يَجُوزُ لِلسَّامِعِ كَتْمُهُ قَالَ فِي الْفَيْضِ قَالَ الْقَاضِي يُرِيدُ أَنَّ الْمُؤْمِنَ يَنْبَغِي إذَا حَضَرَ مَجْلِسًا وَوَجَدَ أَهْلَهُ عَلَى مُنْكَرٍ أَنْ يَسْتُرَ عَوْرَاتِهِمْ وَلَا يُشِيعُ مَا يَرَى مِنْهُمْ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَحَدَ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ فَإِنَّهُ فَسَادٌ كَبِيرٌ وَإِخْفَاؤُهُ ضَرَرٌ عَظِيمٌ فَمَنْ قَالَ فِي مَجْلِسٍ أُرِيدُ قَتْلَ فُلَانٍ أَوْ الزِّنَا بِفُلَانَةَ أَوْ أَخْذَ مَالِ فُلَانٍ فَلَا يَجُوزُ كَتْمُهُ بَلْ يَجِبُ إعْلَامُهُ إلَّا أَنْ يَخَافَ عَلَى نَفْسِهِ وَعَنْ النَّوَوِيِّ السَّتْرُ عَلَى الْمُحَرَّمِ إنَّمَا يَكُونُ مَنْدُوبًا إذَا لَمْ يَشْتَهِرْ بِالْفَسَادِ وَإِلَّا فَيُسْتَحَبُّ رَفْعُ الْأَمْرِ إلَى الْوَالِي إنْ لَمْ يَخَفْ لِأَنَّ السَّتْرَ حِينَئِذٍ تَقْوِيَةٌ عَلَى فِعْلِهِ (دت عَنْ جَابِرٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «إذَا حَدَّثَ رَجُلٌ رَجُلًا بِحَدِيثٍ» وَكَذَا الْمَرْأَةُ إمَّا بِعُمُومِ مَجَازٍ بِمَعْنَى إنْسَانٍ أَوْ بِطَرِيقِ دَلَالَةٍ أَوْ الْحُكْمُ عَلَى الْمَتْبُوعِ حُكْمٌ عَلَى التَّابِعِ أَوْ بِمُقَايَسَةٍ «ثُمَّ الْتَفَتَ» أَيْ غَابَ عَنْ الْمَجْلِسِ أَوْ الْتَفَتَ يَمِينًا وَشِمَالًا فَظَهَرَ مِنْ حَالِهِ بِالْقَرَائِنِ أَنَّ قَصْدَهُ أَنْ لَا يُطْلِعَ عَلَى حَدِيثِهِ غَيْرَ الَّذِي حَدَّثَ بِهِ «فَهُوَ أَمَانَةٌ» عِنْدَ الْمُحَدَّثِ أَوْدَعَهُ إيَّاهَا فَإِنْ حَدَّثَ بِهَا غَيْرَهُ فَقَدْ خَالَفَ أَمْرَ اللَّهِ حَيْثُ أَدَّى الْأَمَانَةَ إلَى غَيْرِ أَهْلِهَا فَيَكُونُ مِنْ الظَّالِمِينَ فَيَجِبُ عَلَيْهِ كَتْمُهَا إذْ الْتِفَاتُهُ بِمَنْزِلَةِ اسْتِكْتَامِهِ بِالنُّطْقِ قَالُوا وَهَذَا مِنْ جَوَامِعِ الْكَلِمِ لِمَا فِي هَذَا اللَّفْظِ الْوَجِيزِ مِنْ آدَابِ الْعِشْرَةِ وَحُسْنِ الصُّحْبَةِ وَكَتْمِ السِّرِّ وَحِفْظِ الْوُدِّ وَالتَّحْذِيرِ مِنْ النَّمِيمَةِ بَيْنَ الْإِخْوَانِ الْمُؤَدِّيَةِ لِلشَّنَآنِ مَا لَا يَخْفَى قَالَ فِي الْإِحْيَاءِ وَإِفْشَاءُ السِّرِّ خِيَانَةٌ وَهُوَ حَرَامٌ إذَا كَانَ فِيهِ إضْرَارٌ وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ إظْهَارُ الرَّجُلِ سِرَّ غَيْرِهِ أَقْبَحُ مِنْ إظْهَارِ سِرِّ نَفْسِهِ لِأَنَّهُ لَا يَخْلُو عَنْ الْخِيَانَةِ وَالنَّمِيمَةِ قَالَ الرَّاغِبُ السِّرُّ ضَرْبَانِ ثُمَّ قِيلَ إنَّ فِي رِوَايَةِ الْحَدِيثِ عُرْوَةَ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

(حك) الْحَاكِمُ (عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنَّمَا يَتَجَالَسُ الْمُتَجَالِسَانِ بِالْأَمَانَةِ» فِيمَا يَحْدُثُ وَيُرَادُ كَتْمُهُ سَوَاءٌ صَرِيحًا أَوْ دَلَالَةً وَذَلِكَ عِنْدَ كَرَاهَةِ إفْشَائِهِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ بَيَانُهُ فَقَوْلُهُ «لَا يَحِلُّ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يُفْشِيَ عَلَى صَاحِبِهِ مَا يَكْرَهُ» فَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يَكْرَهُهُ فَلَا بَأْسَ فِيهِ وَإِنْ كَانَ مِمَّا يُسَرُّ مِنْ إفْشَائِهِ فَيَحْسُنُ مُطْلَقًا

<<  <  ج: ص:  >  >>