(وَكَذَا) (الْأَذَانُ) لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلًا لَهُ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ عَالِمًا بِأَوْقَاتِ الصَّلَاةِ أَوْ مُغَنِّيًا سِيَّمَا عَلَى رَأْيِ الْمُصَنِّفِ أَوْ يَلْحَنُ فِي الْأَذَانِ فَإِذَا كَانَ عَالِمًا بِهَا أَوْ لَمْ يَكُنْ ذَا لَحْنٍ وَتَغَنٍّ تَحَقَّقَتْ الْأَهْلِيَّةُ.
(وَالتَّعْلِيمُ) أَيْ تَعْلِيمُ الْقُرْآنِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَعْلُومٌ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلًا لَهُ بِأَنْ لَمْ يَعْلَمْ التَّجْوِيدَ أَوْ لَمْ يَكُنْ مُتَدَيِّنًا فِي حَقِّ أَوْلَادِ النَّاسِ لَعَلَّ ذَلِكَ عِنْدَ وُجُودِ الْأَوْلَى (وَالتَّدْرِيسُ) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلًا لَهُ أَوْ وُجِدَ الْأَوْلَى مِنْهُ بِأَنْ كَانَ جَاهِلًا أَوْ غَيْرَ مُدَاوِمٍ عَلَى الدَّرْسِ وَلَا عِبْرَةَ فِي هَذِهِ الْأَشْيَاءِ بِالْفَقْرِ بَلْ الْعِبْرَةُ بِالْأَهْلِيَّةِ وَلَوْ كَانَ قَادِرًا عَلَى أَلْفِ أَلْفِ دِينَارٍ فَلَا يَغُرَّنَّكَ الْغَرُورُ بِأَنَّ هَذَا فَقِيرٌ مُحْتَاجٌ وَذَلِكَ لَيْسَ كَذَا فَعَلَيْك الْإِعَانَةُ لِلْمُحْتَاجِ وَكَذَا الْقِرَاءَةُ بِالْأُجْرَةِ حَرَامٌ مُطْلَقًا ذَكَرَهُ الْمُحَشِّي.
وَلَوْ وُجِدَ غَنِيٌّ أَهْلٌ وَفَقِيرٌ لَيْسَ بِأَهْلٍ يَشْفَعُ لِلْأَهْلِ وَلَوْ غَنِيًّا دُونَ غَيْرِهِ وَلَوْ فَقِيرًا كَذَا نُقِلَ عَنْ الْمَوَاهِبِ (وَنَحْوِهَا) مِنْ الشَّفَاعَةِ بِمَا لَا يُوَافِقُ الشَّرْعَ (وَسَبَبُهَا) أَيْ سَبَبُ هَذِهِ الشَّفَاعَةِ (الْجَهْلُ) بِعَاقِبَتِهَا مِنْ الْحُرْمَةِ وَالْكَرَاهَةِ (وَالطَّمَعِ) فِيهَا يَحْصُلُ مِنْ الْمَشْفُوعِ (وَحُبُّ الْأَقْرِبَاءِ وَالْأَحِبَّاءِ) فَيَحْمِلُهُ ذَلِكَ عَلَى الشَّفَاعَةِ لَهُمْ فِيمَا يُخَالِفُ الشَّرْعَ كَمَا وَقَعَ فِي قِصَّةِ بَلْعَمٍ (وَحُبُّ اللَّهِ تَعَالَى وَحُبُّ نَفْسِهِ أَوْلَى وَأَحَقُّ) مِنْ حُبِّهِمْ لِمَا فِي مَحَبَّةِ اللَّهِ مِنْ خَيْرِ الدَّارَيْنِ وَمَحَبَّةُ نَفْسِهِ مِنْ السَّعْيِ فِي نَجَاتِهَا مِنْ عَذَابِ اللَّهِ تَعَالَى فَلَا يُؤْثِرُ نَفْعَ غَيْرِهِ عَلَى ضَرَرِهِ.
(وَ) سَبَبُهَا أَيْضًا (الْحَيَاءُ مِنْ النَّاسِ) إنْ لَمْ يَشْفَعْ يُعَيِّرُونَهُ أَوْ يَنْسُبُونَهُ إلَى مَا لَا يَرْضَى (وَالْحَيَاءُ مِنْ الْخَالِقِ الْمُنْعِمِ الضَّارِّ النَّافِعِ أَقْدَمُ) لِأَنَّ النِّعْمَةَ وَالْخَلْقَ وَالنَّفْعَ وَالضُّرَّ مِنْ أَسْبَابِ الْحَيَاءِ وَاَللَّهُ الْمُعْطِي الْمَانِعُ (وَأَلْزَمُ) مِنْ الْحَيَاءِ مِنْ النَّاسِ لِعَجْزِهِمْ عَنْ كُلِّ شَيْءٍ وَانْقِطَاعِ الرَّجَاءِ مِنْهُمْ (وَ) سَبَبُهَا أَيْضًا (الْخَوْفُ مِنْ الْعَدَاوَةِ) أَيْ عَدَاوَةِ الْمَشْفُوعِ لَهُ إنْ لَمْ يَشْفَعْ لَهُ (أَوْ) الْخَوْفُ مِنْ (ذَهَابِ الْمَنْصِبِ وَالرِّزْقِ الدَّارِّ) بِتَشْدِيدِ الرَّاءِ كَثِيرُ الْخَيْرِ (وَاَللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ) لِأَنَّك عَرَفْت أَنَّ النَّفْعَ وَالضُّرَّ وَالْعَطَاءَ وَالْمَنْعَ لَيْسَ إلَّا مِنْهُ تَعَالَى وَأَنَّ الْإِقْدَامَ عَلَى عِصْيَانِ اللَّهِ تَعَالَى لِلْوَصْلَةِ إلَى زَخَارِفِ الدُّنْيَا وَتَقْدِيمَ خَوْفِ فَوْتِ الدُّنْيَا عَلَى خَوْفِ اللَّهِ تَعَالَى لَا يُوجِبُ إلَّا الْوِزْرَ وَالْوَبَالَ.
(وَضِدُّهَا الشَّفَاعَةُ الْحَسَنَةُ) وَهِيَ الشَّفَاعَةُ فِي الْأُمُورِ الْمُبَاحَةِ فِي الشَّرْعِ كَالشَّفَاعَةِ لِإِحْقَاقِ حَقِّ مُسْلِمٍ وَدَفْعِ ضُرٍّ عَنْهُ أَوْ جَلْبِ نَفْعٍ لَهُ وَدَفْعِ ضُرٍّ عَنْهُ (قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْهَا} [النساء: ٨٥] ظَاهِرُهُ حُصُولُ الْأَجْرِ وَإِنْ لَمْ تُقْبَلْ شَفَاعَتُهُ قَالَ الْبَيْضَاوِيُّ رَاعَى بِهِ حَقَّ مُسْلِمٍ وَدَفَعَ عَنْهُ ضُرًّا أَوْ جَلَبَ لَهُ نَفْعًا ابْتِغَاءً لِوَجْهِ اللَّهِ وَمِنْهَا الدُّعَاءُ لِأَخِيهِ الْمُسْلِمِ قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «مَنْ دَعَا لِأَخِيهِ الْمُسْلِمِ بِظَهْرِ الْغَيْبِ اُسْتُجِيبَ لَهُ وَقَالَ لَهُ الْمَلَكُ وَلَك مِثْلُ ذَلِكَ» وَيَقْرَبُ مِنْ الشَّفَاعَةِ الْحَسَنَةِ الدَّلَالَةُ عَلَى الْهُدَى وَالْخَيْرِ وَالْحَسَنَةِ كَقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «مَنْ دَلَّ عَلَى خَيْرٍ فَلَهُ مِثْلُ أَجْرِ فَاعِلِهِ وَمَنْ دَعَا إلَى هُدًى كَانَ لَهُ مِنْ الْأَجْرِ مِثْلُ أُجُورِ مَنْ تَبِعَهُ لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute