غَيْرُ مُنْصَرِفٍ لِأَنَّهُ عُجْمَةٌ وَتَنْوِينُهُ خَطَأٌ قِيلَ وَعَلَى هَذَا يَجْرِي فِيهِ الْإِعْرَابُ تَقْدِيرًا وَخَانْ مَنْصُوبٌ فِي الثَّلَاثِ لِأَنَّهُ مُضَافٌ إلَيْهِ وَعَنْ النَّوَازِلِ الْمُخْتَارُ أَنَّ لَفْظَ قَاضِي خَانْ كَانَ صَاحِبُهُ مَشْهُورًا بِهِ حَتَّى صَارَ عَلَمًا لَهُ وَلِهَذَا يُكْتَبُ مُتَّصِلًا عَلَى الْأَصَحِّ فَيَكُونُ غَيْرَ مُنْصَرِفٍ بِالتَّرْكِيبِ وَالْعَلَمِ (حَيْثُ قَالَ فِي فَصْلِ الْحَمَّامِ فِي فَتَاوَاهُ دُخُولُ الْحَمَّامِ مَشْرُوعٌ لِلنِّسَاءِ وَالرِّجَالِ جَمِيعًا خِلَافًا لِمَا قَالَهُ بَعْضُ النَّاسِ) فِيهِ نَوْعُ تَحْقِيرٍ لِأَبِي اللَّيْثِ مِنْ حَيْثُ مَقُولِهِ هَذَا وَفِي التتارخانية دُخُولُهُنَّ الْحَمَّامَ لَا يُبَاحُ عِنْدَ بَعْضٍ وَإِلَيْهِ مَالَ خُوَاهَرْ زَادَهْ وَمُبَاحٌ عِنْدَ آخَرَانِ بِإِذْنِ زَوْجِهَا مُقَنَّعَةً وَمُتَّزِرَةً وَإِلَيْهِ مَالَ السَّرَخْسِيُّ وَفِيهِ أَيْضًا لَا تَدْخُلُ امْرَأَةٌ الْحَمَّامَ إلَّا النُّفَسَاءُ وَالْمَرِيضَةُ وَكَذَا الْحَائِضُ عِنْدَ بَعْضٍ.
وَفِي الْأَشْبَاهِ وَيُكْرَهُ لِلنِّسَاءِ الْحَمَّامُ فِي قَوْلٍ وَقِيلَ إلَّا أَنْ تَكُونَ مَرِيضَةً أَوْ نُفَسَاءَ وَالْمُعْتَمَدُ أَنْ لَا كَرَاهَةَ مُطْلَقًا انْتَهَى (رُوِيَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَخَلَ الْحَمَّامَ» قِيلَ مَوْضُوعٌ كَمَا ذَكَرَهُ السُّيُوطِيّ وَغَيْرُهُ.
أَقُولُ قَالَ السُّيُوطِيّ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ عَلَى تَخْرِيجِ ابْنِ عَسَاكِرَ بِرِوَايَةِ وَاثِلَةَ «كَانَ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَدْخُلُ الْحَمَّامَ وَيَتَنَوَّرُ» نَعَمْ قَالَ الْمُنَاوِيُّ قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ لَمْ يَصِحَّ حَدِيثٌ فِي الْحَمَّامِ وَلَمْ يَدْخُلْ حَمَّامًا قَطُّ وَلَعَلَّهُ مَا رَآهُ بِعَيْنِهِ ثُمَّ قَالَ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ جِدًّا بَلْ رَآهُ بِالْمَزَّةِ وَقِيلَ عَنْ شَرْحِ الشَّمَائِلِ خَبَرُ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَخَلَ حَمَّامَ الْجُحْفَةِ» مَوْضُوعٌ خِلَافًا لِلدَّمِيرِيِّ أَقُولُ وَقَدْ مَرَّ أَيْضًا (وَتَنَوَّرَ) اسْتَعْمَلَ النُّورَةَ فِيهِ أَيْ طَلَى عَانَتَهُ بِالنُّورَةِ لِزَوَالِ الشَّعْرِ بَدَلَ الْحَلْقِ (وَخَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ) لَقَّبَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِسَيْفِ اللَّهِ وَلَهُ مَنَاقِبُ فِي الْحُرُوبِ وَالْمَعَارِكِ رُوِيَ أَنَّهُ بَكَى فِي مَرَضِ مَوْتِهِ فَقِيلَ هَلْ تَخَافُ مِنْ الْمَوْتِ قَالَ لَا بَلْ لَوْ نَزَعْت ثَوْبِي لَرَأَيْتُمْ أَنَّ جَمِيعَ بَدَنِي قُطِّعَ بِالسُّيُوفِ وَالسِّهَامِ إرَبًا إرَبًا فَأَمُوتُ فِي بَيْتِي بِلَا شَهَادَةٍ (دَخَلَ حَمَّامَ حِمْصَ) وَهُوَ مَدْفُونٌ فِيهِ مِنْ بِلَادِ الشَّامِ لَكِنْ لَا يَخْفَى أَنَّ الِاحْتِجَاجَ بِقَوْلِهِ مَبْنِيٌّ عَلَى قَاعِدَةِ مَذْهَبِ الصَّحَابِيِّ (لَكِنْ إنَّمَا يُبَاحُ إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ إنْسَانٌ مَكْشُوفُ الْعَوْرَةِ انْتَهَى)
حَاصِلُهُ أَنَّ الْحَمَّامَ إذَا خَلَى عَنْ الْمَوَانِعِ وَطَبْعُهُ الْجَوَازُ بَلْ الِاسْتِحْبَابُ لَا يَخْفَى أَنَّ دَلِيلَ الْمَشْرُوعِيَّةِ هُوَ مَا ذَكَرَهُ مِنْ فِعْلِ الرَّسُولِ كَمَا هُوَ الْمُتَبَادَرُ قَدْ عَرَفْت أَنَّهُ مَوْضُوعٌ وَلَا أَقَلَّ مِنْ الضَّعْفِ فَلَا يَصْلُحُ الِاحْتِجَاجُ بِهِ وَمَذْهَبُ الصَّحَابِيِّ وَإِنْ كَانَ حُجَّةً عِنْدَنَا لَكِنْ يَلْزَمُ بَيَانُ صِحَّةِ دُخُولِهِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي الْحَمَّامِ فَلْيُتَأَمَّلْ (عَلَى ذَلِكَ) الشَّرْطِ لِلْجَوَازِ (فَلَا خِلَافَ فِي مَنْعِهِنَّ مِنْ دُخُولِهِ لِلْعِلْمِ بِأَنَّ كَثِيرًا مِنْهُنَّ مَكْشُوفُ الْعَوْرَةِ) وَالنَّادِرُ لَا حُكْمَ لَهُ يَعْنِي أَنَّ الْحُكْمَ دَائِرٌ عَلَى عِلَّتِهِ فَإِذَا انْتَفَى شَرْطُ الْجَوَازِ مِنْ سَتْرِ الْعَوْرَةِ يَنْتَفِي الْجَوَازُ لَا يَخْفَى أَنَّ ذَلِكَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْعَادَاتِ وَالْأَعْصَارِ وَالْبُلْدَانِ لَا سِيَّمَا إذَا طَرَأَ عَلَيْهِ عُمُومُ الْبَلْوَى وَالْحَرَجِ وَمِنْ قَوَاعِدِ أَهْلِ الشَّرْعِ أَنَّ الْحُكْمَ الْأَصْلِيَّ لَا يَسْقُطُ بِالْخَارِجِ الْعَرَضِيِّ (وَقَدْ وَرَدَتْ أَحَادِيثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تُؤَيِّدُ قَوْلَ الْفَقِيهِ) وَقَدْ قَرَّرَ أَنَّهُ عِنْدَ تَعَارُضِ أَقْوَالِ أَصْحَابِنَا يُرَجَّحُ مَا يُؤَيِّدُهُ النَّصُّ عَلَى مَا لَا يُؤَيِّدُهُ.
وَمَا حَكَى قَاضِي خَانْ مِنْ دُخُولِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فَقَطْ عَرَفْت عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - يُرَجَّحُ عَلَى فِعْلِهِ عَلَى الْأَشْهَرِ (مِنْهَا مَا فِي النَّسَائِيّ وَالتِّرْمِذِيِّ وَحَسَّنَهُ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ) حُمِلَ عَلَى نِسْيَانِ الْمُصَنِّفِ تَرْكَ عَادَتِهِ مِنْ الرَّمْزِ وَلَا يَبْعُدُ أَنَّهُ لِكَوْنِهِ مَقَامَ الِاحْتِجَاجِ سِيَّمَا فِي مُقَابَلَةِ مَنْ لَهُ عُلُوُّ شَأْنٍ وَعَظَمَةُ مَقَامٍ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ لِذَلِكَ تَأْثِيرٌ مَا أَتَى مِنْ زِيَادَةِ بَعْضِ الْقُيُودِ (عَنْ جَابِرٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ» إيمَانًا كَامِلًا «فَلَا يُدْخِلُ حَلِيلَتَهُ» أَيْ زَوْجَتَهُ «الْحَمَّامَ» فَدُخُولُ مُطْلَقِ النِّسَاءِ مُشْتَرِكٌ فِي عِلَّةِ النَّهْيِ مِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute