للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إمَّا لِلرِّيَاءِ أَوْ الْكَذِبِ أَوْ الِاسْتِحْقَارِ أَوْ الِافْتِقَارِ أَوْ التَّعَبِ فِي حِيلَةِ الْجَوَابِ وَكَذَلِكَ السُّؤَالُ عَنْ سَائِرِ عِبَادَاتِهِ وَمَعَاصِيهِ وَعَنْ كُلِّ مَا يُخْفِي وَيَسْتَحْيِي مِنْهُ (بَلْ قَدْ يُسْتَحَبُّ إذَا قَارَنَهُ نِيَّةٌ صَالِحَةٌ مِثْلُ دَفْعِ التُّهْمَةِ بِالْكِبْرِ وَالْعُجْبِ) هُوَ النَّظَرُ لِلنَّفْسِ بِعَيْنِ الْكَمَالِ (بِعَدَمِ التَّكَلُّمِ وَاحْتِقَارِ مَنْ فِي الْمَجْلِسِ أَوْ دَفْعِ الْمَهَابَةِ وَالْحَيَاءِ) عَمَّنْ جَاءَ لِحَاجَةٍ يَطْلُبُهَا مِنْهُ فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى التَّكَلُّمِ مَعَهُ هَيْبَةً مِنْهُ أَوْ حَيَاءً (حَتَّى يَتَكَلَّمَ صَاحِبُهُ تَمَامَ مُرَادِهِ) هَذَا إنْ كَانَ الطَّالِبُ مِنْ الْحُقَرَاءِ أَوْ صَاحِبَ حَيَاءٍ وَالْمَطْلُوبُ مِنْهُ مِنْ أَهْلِ الْمَهَابَةِ وَالِاحْتِرَامِ كَمَا يُشِيرُ إلَيْهِ قَوْلُهُ (مِنْ الِاسْتِفْتَاءِ وَغَيْرِهِ) مِنْ الْمُرَافَعَةِ أَوْ التَّظَلُّمِ وَالشِّكَايَةِ مِنْ الْمُتَغَلِّبَةِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْوُلَاةِ وَالْأُمَرَاءِ (أَوْ دَفْعِ الْحُزْنِ عَنْ الْمَحْزُونِ) كَمَنْ وَقَعَ فِي مُصَادَرَةِ الظَّالِمِ وَحَبْسِهِ.

فَقَوْلُهُ (وَالْمُصَابِ) بِمُصِيبَةٍ مَا كَمَنْ مَاتَ أَبْنَاؤُهُ أَوْ وَالِدَاهُ كَعَطْفِ تَفْسِيرٍ لَهُ (أَوْ تَسْلِيَةِ النِّسَاءِ) الْمُفَارِقَاتِ لِأَهَالِيِهِنَّ وَالْمَحْبُوسَاتِ فِي الْبُيُوتِ وَالْمُتَوَحِّشَات بِالْوَحْدَةِ وَالْعُزْلَةِ وَالْمُفَارِقَةِ (وَحُسْنِ الْمُعَاشَرَةِ مَعَهُنَّ) فَإِنَّ ذَلِكَ يُوجِبُ الْمُؤَانَسَةَ وَالْأُلْفَةَ وَالصَّمْتَ رُبَّمَا يُوقِعُ الْوَحْشَةَ وَالْبُرُودَةَ قِيلَ هُنَا كَمَا فَعَلَ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي حَدِيثِ «أُمِّ زَرْعٍ وَقَصَّ ذَلِكَ عَلَى مَنْ كَانَ عِنْدَهُ مِنْ زَوْجَاتِهِ» وَتَفْصِيلُهُ فِي الْمَشَارِقِ انْتَهَى.

(أَوْ التَّلَطُّفِ بِالصِّبْيَانِ أَوْ لِعَدَمِ إدْرَاكِ أَلَمِ السَّفَرِ أَوْ الْعَمَلِ) مِنْ الْأَعْمَالِ الشَّاقَّةِ (أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ) مِنْ الدَّوَاعِي (وَكَذَا) كَاسْتِحْبَابِ مَا ذَكَرْنَا (يُسْتَحَبُّ الْمِزَاحُ فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ) بِشَرْطِهِ الْمُتَقَدِّمِ (نَعَمْ بِهَذِهِ النِّيَّاتِ) الصَّالِحَةِ مِنْ قَبِيلِ الْمَاهِيَّةِ بِشَرْطِ الشَّيْءِ (يَخْرُجُ عَنْ حَدِّ مَا لَا يَعْنِي) لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ مُثَابٌ (فَكُلُّ مَا لَا يَعْنِي يُسْتَحَبُّ تَرْكُهُ) كَأَنَّهُ مِنْ عَطْفِ الْعِلَّةِ عَلَى الْمَعْلُولِ بِهَذَا التَّقْرِيرِ هَذَا الْمِزَاحُ لَيْسَ مَا لَا يَعْنِي لِأَنَّهُ لَا يُسْتَحَبُّ تَرْكُهُ وَمَا لَا يَعْنِي يُسْتَحَبُّ تَرْكُهُ فَهَذَا الْمِزَاحُ لَيْسَ مَا لَا يَعْنِي وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ يَخْرُجُ عَنْ حَدٍّ إلَى آخِرِهِ (ت عَنْ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «مِنْ حُسْنِ إسْلَامِ الْمَرْءِ» كَلِمَةُ مِنْ تَبْعِيضِيَّةٌ أَوْ بَيَانِيَّةٌ آثَرَ الْإِسْلَامَ عَلَى الْإِيمَانِ لِأَنَّهُ الْأَعْمَالُ الظَّاهِرَةُ وَالْفِعْلُ وَالتَّرْكُ إنَّمَا يَتَعَاقَبَانِ عَلَيْهَا وَزَادَ حُسْنِ إيمَاءً إلَى أَنَّهُ لَا يَتَمَيَّزُ بِصُوَرِ الْأَعْمَالِ فِعْلًا وَتَرْكًا إلَّا إنْ اتَّصَفَ بِالْحُسْنِ بِأَنْ تَوَفَّرَتْ شُرُوطُ مُكَمِّلَاتِهَا فَضْلًا عَنْ الْمُصَحِّحَاتِ وَجَعَلَ تَرْكَ مَا لَا يَعْنِي مِنْ الْحُسْنِ مُبَالَغَةً «تَرْكُهُ مَا لَا يَعْنِيهِ» بِفَتْحِ أَوَّلِهِ مِنْ عَنَاهُ الْأَمْرُ إذَا تَعَلَّقَتْ عِنَايَتُهُ بِهِ وَكَانَ مِنْ قَصْدِهِ وَإِرَادَتِهِ وَفِي إفْهَامِهِ أَنَّ مِنْ قَبِيحِ الْإِسْلَامِ أَخْذُهُ فِيمَا لَا يَعْنِيهِ وَاَلَّذِي لَا يَعْنِي هُوَ الْفُضُولُ كُلُّهُ عَلَى اخْتِلَافِ أَنْوَاعِهِ وَاَلَّذِي يَعْنِي الْمَرْءَ مِنْ الْأُمُورِ مَا تَعَلَّقَ بِضَرُورَةِ حَيَاتِهِ فِي مَعَاشِهِ مِمَّا يُشْبِعُهُ وَيَرْوِيهِ وَيَسْتُرُ عَوْرَتَهُ وَيُعِفُّ فَرْجَهُ وَنَحْوَهُ مِمَّا لَا يَدْفَعُ الضَّرُورَةَ دُونَ مَا فِيهِ تَلَذُّذٌ وَتَنَعُّمٌ، وَسَلَامَتِهِ فِي مَعَادِهِ وَهُوَ الْإِسْلَامُ وَالْإِحْسَانُ وَبِذَلِكَ يَسْلَمُ عَنْ سَائِرِ الْآفَاتِ وَالشُّرُورِ وَالْمُخَاصَمَاتِ وَذَلِكَ أَنَّ حُسْنَ إسْلَامِ فِي رُسُوخِ حَقِيقَةِ تَقْوَاهُ وَمُجَانَبَةِ هَوَاهُ وَمُعَافَاةِ مَنْ عَدَاهُ وَمَا عَدَاهُ ضَيَاعٌ لِلْوَقْتِ النَّفِيسِ الَّذِي لَا يُمْكِنُ أَنْ يُعَوَّضَ فَائِتُهُ فِيمَا لَمْ يُخْلَقْ لِأَجْلِهِ فَمَنْ عَبَدَ اللَّهَ عَلَى اسْتِحْضَارِ قُرْبِهِ مِنْ رَبِّهِ فَقَدْ حَسُنَ إسْلَامُهُ قَالَ بَعْضُهُمْ تَعَلُّمُ مَا لَا يَهُمُّهُ مِنْ الْعُلُومِ مِمَّا لَا يَعْنِي كَمَنْ يَشْتَغِلُ بِعِلْمِ الْجَدَلِ مَثَلًا وَيَقُولُ نِيَّتِي نَفْعُ النَّاسِ وَلَوْ كَانَ صَادِقًا لَاشْتَغَلَ بِمَا يُصْلِحُ نَفْسَهُ وَقَلْبَهُ مِنْ إخْرَاجِ الصِّفَاتِ الذَّمِيمَةِ قَالُوا هَذَا الْحَدِيثُ رُبُعُ الْإِسْلَامِ وَقِيلَ نِصْفُهُ وَقِيلَ كُلُّهُ كَذَا فِي الْفَيْضِ لَكِنَّ هَذَا الْحَدِيثَ بِهَذَا التَّخْرِيجِ وَقَعَ فِي الْجَامِعِ

<<  <  ج: ص:  >  >>