للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هَذِهِ الشُّرُوطُ (يَأْثَمُ صَاحِبُهُ فَيَكُونُ آفَةَ اللِّسَانِ) إذْ كُلُّ إثْمٍ صَدَرَ مِنْ اللِّسَانِ فَآفَةُ اللِّسَانِ (كَ) الْبَحْثَيْنِ (السَّابِقَيْنِ الْمُتَّصِلَيْنِ بِهَا) أَيْ بِهَذِهِ الْقَاصِرَةِ (كَمَنْ) (يَقْرَأُ أَوْ يَذْكُرُ) بِنَحْوِ كَلِمَةِ التَّوْحِيدِ وَالتَّسْبِيحِ وَسَائِرِ الْأَوْرَادِ وَالْأَحْزَابِ (أَوْ يَدْعُو بِاللَّحْنِ) ظَاهِرَةٌ سَوَاءٌ كَانَ الدُّعَاءُ مِنْ الْمَأْثُورَاتِ أَوْ غَيْرِهَا وَسَوَاءٌ كَانَ بِالْعَرَبِيِّ أَوْ الْفَارِسِيِّ بَلْ التُّرْكِيِّ وَقَدْ مَرَّ أَنَّ هَذَا عِنْدَ الْقُدْرَةِ وَإِلَّا فَلَا كَمَنْ اجْتَهَدَ بِتَجْوِيدِ الْقُرْآنِ حَقَّ اجْتِهَادٍ وَلَكِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى التَّرْتِيلِ إمَّا لِكَوْنِ اشْتِغَالِهِ فِي زَمَانِ كِبَرِهِ أَوْ لِكَوْنِهِ أَعْجَمِيًّا لَمْ يَكُنْ لَهُ قَابِلِيَّةٌ أَصْلِيَّةٌ إذْ فِي الْحَدِيثِ أَنَّ الْمَلَكَ يَكْتُبُ كَمَا أُنْزِلَ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُكَلِّفُ بِمَا لَا يُطَاقُ وَقُرِّرَ أَنَّ الْحَرَجَ مَدْفُوعٌ ثُمَّ مَعْنَى اللَّحْنِ الْخَطَأُ وَالتَّغْيِيرُ وَالْمُرَادُ الْجَلِيُّ مِنْهُ بِأَنْ لَا يُعْطِيَ كُلَّ الْحُرُوفِ حَقَّهَا وَمُسْتَحَقَّهَا مِنْ الْخَارِجِ وَالصِّفَاتِ اللَّازِمَةِ وَعَنْ الْإِحْيَاءِ مِنْ الْمُنْكَرَاتِ الْمَأْلُوفَةِ قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ بِاللَّحْنِ يَجِبُ تَلْقِينُ الصَّحِيحِ وَاَلَّذِي يُكْثِرُ اللَّحْنَ فِي الْقُرْآنِ إنْ كَانَ قَادِرًا عَلَى التَّعَلُّمِ فَلْيَمْتَنِعْ عَنْ الْقِرَاءَةِ قَبْلَ التَّعَلُّمِ فَإِنَّهُ عَاصٍ بِهِ وَإِنْ كَانَ لَا يُطَاوِعُهُ اللِّسَانُ فَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مَا يَقْرَؤُهُ لَحْنًا فَلْيَتْرُكْهُ وَلْيَجْتَهِدْ فِي تَعَلُّمِ أَلْفَاظِهِ وَتَصْحِيحِهَا وَإِنْ كَانَ الْأَكْثَرُ صَحِيحًا وَلَيْسَ يَقْدِرُ عَلَى التَّسْوِيَةِ فَلَا بَأْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَقْرَأَ وَلَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يُخْفِضَ بِهِ صَوْتَهُ حَتَّى لَا يُسْمِعَ غَيْرَهُ وَلِمَنْعِهِ سِرًّا مِنْهُ وَجْهٌ وَلَكِنْ إذَا كَانَ مُنْتَهَى قُدْرَتِهِ وَكَانَ لَهُ أُنْسٌ بِالْقُرْآنِ وَحِرْصٌ عَلَيْهِ فَلَسْت أَرَى بَأْسًا وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ وَقِيلَ سَوَاءٌ كَانَ اللَّحْنُ جَلَّيَا كَمَا عَرَفْت أَوْ خَفِيًّا كَعَدَمِ إدْرَاكِ حَقِّهِ مِنْ نَحْوِ الْمَدِّ وَالْإِمَالَةِ (أَوْ التَّغَنِّي) بِزِيَادَةٍ أَوْ نَقْصٍ فِي الْحُرُوفِ وَقَدْ مَرَّ تَفْصِيلًا (فَهُمَا) أَيْ اللَّحْنُ وَالتَّغَنِّي (حَرَامَانِ) كُلٌّ مِنْهُمَا (فَلَا بُدَّ مِنْ التَّجْوِيدِ) وَفِيهِ مُؤَلَّفَاتٌ قِيلَ أَحْسَنُهَا الْجَزْرِيَّةُ (وَقَدْ صَنَّفْنَا فِيهَا رِسَالَةً سَمَّيْنَاهَا دُرًّا يَتِيمًا فَعَلَيْك بِحِفْظِهِ) بِعِلْمِهِ وَالْعَمَلِ بِهِ بِالْأَخْذِ مِنْ فَمِ الْأُسْتَاذِ الْحَاذِقِ الْمُحْسِنِ (فَإِنَّهَا تَكْفِيك فِي هَذَا الْبَابِ) التَّذْكِيرُ وَالتَّأْنِيثُ فِي الرِّسَالَةِ بِاعْتِبَارِ اللَّفْظِ وَالْمَعْنَى (أَوْ) كَمَنْ يَقْرَأُ أَوْ يَذْكُرُ أَوْ يَدْعُو (بِالْأُجْرَةِ وَالنَّفْعِ الدُّنْيَوِيِّ) قِيلَ إنْ كَانَ هُوَ مَقْصُودًا وَبِالذَّاتِ وَإِلَّا كَأَنْ يَكُونَ النَّفْعُ الدُّنْيَوِيُّ تَبَعًا وَبِالْعَرَضِ وَفِي حَدِيثِ الْجَامِعِ «مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ يَسْتَأْكِلُ بِهِ النَّاسَ جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَوَجْهُهُ لَيْسَ عَلَيْهِ مُزْعَةُ لَحْمٍ» وَفِي شَرْحِهِ أَيْ مَنْ جَعَلَهُ وَسِيلَةً إلَى الدُّنْيَا جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي أَسْوَإِ حَالٍ وَأَقْبَحِ صُورَةٍ وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ «اقْرَءُوا الْقُرْآنَ وَلَا تَأْكُلُوا بِهِ» وَفِي الشِّرْعَةِ وَمِنْ سُنَّةِ تَعْظِيمِ الْقُرْآنِ أَنْ لَا يَسْأَلَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَسْتَأْكِلَ وَقَدْ سَبَقَ (فَإِنَّهُ حَرَامٌ فِي الْعِبَادَةِ الْبَدَنِيَّةِ الصِّرْفَةِ) بِخِلَافِ غَيْرِ الصِّرْفَةِ كَالْحَجِّ وَالْجِهَادِ أَقُولُ وَقَدْ سَبَقَ (وَفِيهِ) أَيْ فِي مَنْعِ الْأُجْرَةِ وَالنَّفْعِ الدُّنْيَوِيِّ فِي مُقَابَلَةِ الْعِبَادَةِ الْبَدَنِيَّةِ الصِّرْفَةِ (صَنَّفْنَا) الرِّسَالَتَيْنِ (إنْقَاذُ الْهَالِكِينَ) وَهُوَ مَعْرُوفٌ (وَإِيقَاظُ النَّائِمِينَ فَعَلَيْك بِهِمَا) لَعَلِّي لَمْ أَقِفْ وَلَمْ يَصِلْ إلَيَّ

(وَكَمَنْ يُسَبِّحُ فِي مَجْلِسِ الْمَعْصِيَةِ لِفِعْلِهَا أَوْ) يُسَبِّحُ (الْبَائِعُ عِنْدَ فَتْحِ الْمَتَاعِ لِتَرْوِيجِهِ) وَتَحْسِينِهِ وَإِغْرَائِهِ لِلْمُشْتَرِي قِيلَ فَقَدْ حَرَّمَهُ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ لِمَا فِيهِ مِنْ اسْتِعْمَالِ ذِكْرِ اللَّهِ بِمَعْنَى التَّرْوِيجِ لِبِضَاعَتِهِ كَمَا فِي الْمَوَاهِبِ وَذَكَرَ فِي الْبُسْتَانِ وَيُكْرَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>