للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«تَجَرُّدَ الْبَعِيرِ» لَعَلَّهُ مِنْ قَبِيلِ سُبْحَانَ مَنْ صَغَّرَ جِسْمَ الْبَعُوضَةِ كَمَا قَالَ النَّحْوِيُّونَ الْمُبْتَدَأُ هُوَ الْمُجَرَّدُ عَنْ الْعَوَامِلِ اللَّفْظِيَّةِ أَوْ مِنْ قَبِيلِ الْمُشَاكَلَةِ هَذَا النَّهْيُ تَنْزِيهِيٌّ فَلَا مُنَافَاةَ بِالْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ آنِفًا وَلَا بِالْجَوَازِ الْمَذْكُورِ وَرُوِيَ عَلَى تَخْرِيجِ الطَّبَرَانِيِّ وَالْبَزَّارِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إذْ أَتَى أَحَدُكُمْ أَهْلَهُ فَلْيَسْتَتِرْ فَإِنَّهُ إذَا لَمْ يَسْتَتِرْ اسْتَحْيَتْ الْمَلَائِكَةُ وَخَرَجْت مِنْ عِنْدِهِ وَبَقِيَ الشَّيْطَانُ فَإِذَا كَانَ بَيْنَهُمَا وَلَدٌ كَانَ لِلشَّيْطَانِ فِيهِ نَصِيبٌ» ، وَفِي الْجَامِعِ «إذَا أَتَى أَحَدُكُمْ أَهْلَهُ» أَرَادَ جِمَاعَ حَلِيلَتِهِ «فَلْيَسْتَتِرْ» فَلْيُغَطِّ هُوَ وَإِيَّاهَا بِثَوْبٍ يَسْتُرُهُمَا نَدْبًا «وَلَا يَتَجَرَّدَانِ» خَبَرٌ بِمَعْنَى النَّهْيِ أَيْ لَا يَنْزِعَانِ الثِّيَابَ عَنْ عَوْرَتَيْهِمَا «تَجَرُّدَ الْعَيْرَيْنِ» الْعَيْرُ الْحِمَارُ الْأَهْلِيُّ حَيَاءً مِنْ اللَّهِ وَأَدَبًا مَعَ الْمَلَائِكَةِ وَحَذَرًا مِنْ حُضُورِ الشَّيَاطِينِ فَذَلِكَ مَكْرُوهٌ تَنْزِيهًا وَخُصَّ ضَرْبُ الْمَثَلِ بِالْحِمَارِ زِيَادَةً فِي التَّنْفِيرِ وَالتَّقْرِيعِ وَاسْتِهْجَانًا لِذَلِكَ الْأَمْرِ الشَّنِيعِ لِأَنَّهُ أَبْلَدُ الْحَيَوَانِ وَأَعْدَمُهُ فَهْمًا وَأَقْبَحَهُ فِعْلًا (وَلِقَوْلِ «عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا -) وَعَنْ أَبَوَيْهَا (مَا رَأَى) النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (مِنِّي) » أَيْ عَوْرَتِي حَذَفَ الْمَفْعُولَ لِاسْتِهْجَانِ ذِكْرِهِ وَكَذَا فِي قَوْلِهَا «وَمَا رَأَيْت مِنْهُ» قَالَ فِي التتارخانية نَظَرُ الرَّجُلِ إلَى زَوْجَتِهِ وَمَمْلُوكَتِهِ مِنْ فَرْقِهَا إلَى قَدَمَيْهَا عَنْ شَهْوَةٍ جَائِزٌ إلَّا أَنَّ الْأَوْلَى أَنْ لَا يَنْظُرَ كُلٌّ مِنْهُمَا إلَى عَوْرَةِ صَاحِبِهِ (وَقِيلَ) النَّظَرُ إلَى الْفَرْجِ (يُورِثُ النِّسْيَانَ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ مُطْلَقٌ لَكِنْ فِي الشِّرْعَةِ قُيِّدَ بِكَوْنِ النَّظَرِ حَالَةَ الْوِقَاعِ حَيْثُ قَالَ وَلَا يَنْظُرُ إلَى فَرْجِهَا حَالَةَ الْوِقَاعِ فَإِنَّ مِنْهُ الْعَمَى لِلْوَلَدِ وَقَالَ فِي شَرْحِهِ هُنَا وَأَيْضًا وَرَدَ فِي الْأَثَرِ أَنَّ ذَلِكَ يُورِثُ النِّسْيَانَ كَذَا فِي شَرْحِ النُّقَايَةِ انْتَهَى نَعَمْ فِي الْفَيْضِ فِي شَرْحِ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - الْآتِي هُنَا وَخَصَّ حَالَةَ الْجِمَاعِ لِأَنَّهُ مَظِنَّةُ النَّظَرِ وَإِذَا نَهَى عَنْهُ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ فَفِي غَيْرِهَا أَوْلَى (وَقِيلَ يُورِثُ الْعَمَى) عَمَى الْبَصَرِ أَوْ الْبَصِيرَةِ لِلنَّاظِرِ أَوْ الْوَلَدِ لَا يَخْفَى أَنَّ ظَاهِرَ هَذَا أَيْضًا كَوْنُ النَّظَرِ حَالَ الْوِقَاعِ (وَرُوِيَ فِيهِ) أَيْ فِي إيرَاثِ الْعَمَى (حَدِيثٌ لَكِنْ قِيلَ إنَّهُ مَوْضُوعٌ) لَا يَخْفَى أَنَّ ظَاهِرَ قَوْلِهِ وَقِيلَ يُورِثُ الْعَمَى تَأْيِيدٌ لِمَا قَبْلَهُ وَظَاهِرُ هَذَا تَزْيِيفٌ لَهُ وَأَنَّ مِثْلَهُ إنَّمَا يُدْرَكُ بِالشَّرْعِ فَإِذَا بَطَلَ حَدِيثُهُ بَطَلَ حُكْمُهُ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ أَنَّ مِثْلَهُ قَدْ يُمْكِنُ بِالتَّجْرِبَةِ وَعِلْمِ الطِّبِّ نَعَمْ فِي التَّعْبِيرِ بِقَوْلِهِ إشَارَةٌ إلَى نَوْعِ صِحَّتِهِ كَمَا يَأْتِي ثُمَّ عَنْ الْعَسْقَلَانِيُّ مَا وَجَدْت فِيهِ شَيْئًا مِنْ الْآثَارِ وَالْأَخْبَارِ وَمَا رُوِيَ فِيهِ فَمَوْضُوعٌ وَهُوَ مَا رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ وَابْنُ عَدِيٍّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ «إذَا جَامَعَ أَحَدُكُمْ زَوْجَتَهُ فَلَا يَنْظُرَنَّ فَرْجَهَا فَإِنَّ ذَلِكَ يُورِثُ الْعَمَى» عَنْ ابْنِ الْجَوْزِيِّ أَنَّهُ مَوْضُوعٌ وَكَذَا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ عَلَى تَخْرِيجِ الدَّيْلَمِيِّ وَالْخَلِيلِيِّ «إذَا جَامَعَ أَحَدُكُمْ فَلَا يَنْظُرُ إلَى الْفَرْجِ لِأَنَّهُ يُورِثُ الْعَمَى» حَيْثُ حَكَمَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ بِوَضْعِهِ وَكَذَا حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ عَلَى تَخْرِيجِ الْبَيْهَقِيّ «إذَا جَامَعَ أَحَدُكُمْ زَوْجَتَهُ أَوْ جَارِيَتَهُ فَلَا يَنْظُرُ إلَى فَرْجِهَا فَإِنَّ ذَلِكَ يُورِثُ الطَّمْسَ» أَيْ الْعَمَى رَوَاهُ السُّيُوطِيّ فِي مَنَاهِجِ السُّنَّةِ وَكَذَا فِي الْفَيْضِ حَكَمَ بِوَضْعِ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ صَاحِبُ الْمِيزَانِ عَنْ أَبِي حَاتِمٍ وَأَيْضًا ابْنِ حِبَّانَ وَأَيْضًا فِيهِ أَنَّ حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ ابْنُ حَجَرٍ فِي سَنَدِهِ مَنْ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ لَكِنْ فِي الْجَامِعِ قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ فِي حَدِيثِ

<<  <  ج: ص:  >  >>